الإجراءات القضائية الأخيرة المتعلقة بمحاكمة المتهمين في قضايا قتل المتظاهرين والاعتداء علي المال العام تسببت في اثارة مشاعر الجماهير الذين تظاهروا استنكارا لها وقطعوا عدة طرق مطالبين بالاسراع في المحاكمات ورافضين الأحكام بالبراءة.. كيف يري رجال القضاء محاكمات رموز النظام السابق وهل يمكن الاسراع بالفصل في هذه القضايا مع عدم الإخلال بالعدالة؟ وهل يمكن تحديد دوائر خاصة لهذه المحاكمات وكيف يمكن الخروج من المأزق؟ يقول المستشار د.عادل أبوقورة الرئيس الأسبق لمجلس القضاء الأعلي إنه لا يوجد قاض واحد يرضي أن يخالف ضميره ويحكم بما لا يتفق مع صحيح القانون.. والقاضي الذي يستجيب للضغوط عليه الاعتذار عما ينظره من قضايا.. وعلينا أن نلاحظ أننا جميعا لا نرضي ولا نقبل بأن تكون هناك محاكم استثنائية فكيف يطالب البعض باسناد قضايا قتل المتظاهرين أو قضايا الفساد والاعتداء علي المال العام إلي محاكم عسكرية؟ من الممكن أن نقبل تخصيص دوائر عامة من القضاء الطبيعي للمتهم وليس تخصيص قاض بعينه لنظر هذه القضايا باعتبارها قضايا مهمة. ويتم اتخاذ قرار تخصيص هذه الدوائر وتعيينها بالاتفاق بين مجلس القضاء الأعلي مع رؤساء محاكم الاستئناف التي تقع في دوائرها الجريمة، ويجب اعطاء الفرصة لهذه الدوائر لنظر القضايا دون تعجل وأيضا دون تمهل وإنما في أجل زمني معقول لتكون المحاكمات عادلة.. ونكفل لها العلانية لتكون واضحة للجميع. تخصيص دوائر ومعاونتها ويري المستشار هشام جنينة رئيس محكمة باستئناف القاهرة والسكرتير العام السابق لنادي القضاة أن رأي تيار استقلال القضاء الذي يمثله أنه يمكن إزالة احتقان المجتمع الذي تسببه محاكمات رموز النظام السابق وقتلة الثوار عن طريق تحديد دوائر قضائية تختص دون غيرها بهذه المحاكمات، في نفس الوقت الذي لا يتم تكليفها بنظر قضايا أخري، وبذلك فلا يثقل »رول« هذه الدوائر بمحاكمات كثيرة وتتفرغ لهذه القضايا فلا تؤجل نظرها لآجال طويلة. وفي رأي التيار الذي أمثله أن ذلك يحقق العدالة الناجزة وقد اتبع من قبل في قضايا الجهاد ومقتل الرئيس الراحل أنور السادات. أما الدكتور عمر الفاروق الحسيني أستاذ القانون الجنائي وعميد كلية حقوق بنها الأسبق فيقول إن المطالبة بالاسراع في أية محاكمات أو التباطؤ فيها هو قول مرفوض تماما لانه يتعارض مع مبدأ العدالة والمحكمة التي تنظر القضية هي الوحيدة التي تستطيع تقدير ما اذا أصبحت القضية جاهزة للفصل فيها أم لا. وهل أوضح الشهود ما غمض فيها وكشفت المستندات وتقارير الخبراء جميع الوقائع بحيث يخرج الحكم عادلا لا يظلم أحدا سواء بالادانة أو البراءة.. وبغير ذلك فإن العدالة لا تكون كاملة وتعتبر دعوات المطالبة بالاسراع في المحاكمات تدخلا في عمل القضاء، والقانون يمنع ذلك ويعاقب من يفعله ولكننا نري أن كل من يعرف أو لا يعرف يبدي رأيا ويتكلم في شئون المحاكمات واجراءات التقاضي رغم عدم خبرته في هذا المجال فيثير الرأي العام ويتسبب في اضطراب الأمن والسلم العام، وللأسف تساعد علي ذلك بعض وسائل الإعلام التي تستخدم ذلك في اللعب بمشاعر الجماهير وهو ما يضر المجتمع. التأخير انتقاص للعدالة ويقول حمدي خليفة نقيب المحامين إن اجراءات المحاكمات يجب أن تتم وفقا لما نص عليه القانون بما يكفل للمتهم جميع الضمانات وتمكينه من الدفاع، والقاضي عند نظره قضية ما يجب منع أي مؤثرات خارجية عليه وألا نعرضه لضغوط فالقاضي يجب أن يكون منزها عن التأثر بأي تداعيات تحدث حتي يحكم طبقا للقانون ووفقا لما يهديه إليه ضميره.. والحمد لله أن العالم يشهد كله للقضاء المصري بأنه قضاء شريف نزيه معروف عنه العدالة وعدم الميل لأي من أطراف الخصومة. ومن متطلبات العدالة أن تتبع المحكمة الاجراءات التي نص عليها القانون وتنفذها في حدود نصوصه ومن العدالة أيضا أن يتم حسم الخصومة والفصل في القضية مادامت تمت الاستجابة لطلبات الخصوم سواء المتهم أو المجني عليه. النقض يمتد لسنوات وفي النهاية فإن المستشار إسماعيل حمدي الرئيس الأسبق لمحكمة الجنايات وأمن الدولة العليا وعضو مجلس القضاء الأعلي يقول إنه لمصلحة مصر وشعبها نرفض تماما تلك المطالبات التي تعلو مطالبة بالاسراع في المحاكمات لانه لا يجوز لسلطة في الدولة أو للرأي العام مجتمعا أو لأي شخص كائن من كان أن يصدر للقاضي تعليمات أو يعطيه توجيهات. ويحذر المستشار حمدي مما يتعرض له القضاء الآن من محاولات للتأثير عليه سواء من الرأي العام أو من وسائل الإعلام كما يري ويقول إن هذه المحاولات التي تستهدف استصدار احكام متسرعة جرمها قانون العقوبات صراحة وعاقب عليها بالحبس.