نمت وحلمت أن الموت جاءني فجأة وأنا راقد علي فراشي. لم أشعر بطلوع الروح. ولا شعرت بالفزع ورهبة لحظات الموت المخيفة التي يقولون عنها. فقط أدركت في عمق نفسي أنني انتهيت من هذه الدنيا . وغادرتها أخيراً! وحلمت أنني من سقف حجرة النوم رأيت نفسي وأنا ميت . شاهدت جسدي راقداً في سلام وبلا حراك. لكن لم تكن في هذا الجسد آلام . ولم تكن في عيني دموع. شعرت بأنني وحيد. لكن بلا خوف! وأحسست بمن حولي وقد أدركوا وفاتي. وكأنهم مثلي قد استسلموا لحقيقة الموت. كانوا يتحركون في حزن حقيقي. لكنهم كانوا يتحركون ويتحدثون. الآن ماذا سيفعلون ؟ ودهشت من موتي في هدوء. فرحت لأنني لم أتألم. لكني فوجئت بإحساس السكينة والأمان الذي غمرني. هل الموت لطيف هكذا؟ وكيف أن مغادرة الدنيا في لحظات خاطفة لم تخلف في نفسي حسرة عليها وعلي ما فيها ومن فيها؟ وفكرت وأنا ميت في أن الرحيل عن هذه الحياة. وعن الناس والأحباء والأصدقاء. وعن كل ما تعودته وتعلقت به في دنياي سهل ويسير وبسيط . كما لم أكن أظن أبداً. وأن الاستسلام للموت أسهل من التشبث بالحياة ! ما رأيت انساناً يموت أو يحتضر أمام عيني. ما شاهدت تلك اللحظات الرهيبة التي يعيشها آخرون. لكني في الحلم عشت الموت ولم أشعر له بقسوة أو شدة. أو أنني اعتقدت في منامي أن هذا هو الموت. بينما هو شئ آخر! وقبل سنوات سقطت فاقداً للوعي علي أرض غريبة. ورأيت دمائي تنزف وروحي تنسحب مني. بل رأيت بعين الخائف جسدي يحملونه في نعش حديدي إلي الوطن. في تلك اللحظات اجتاحني ذعر عميق. لم ينته إلا حين سلمت أمري إلي الله. ونطقت الشهادة. وتقبلت فكرة الموت. فشعرت بالسلام يسري في نفسي. لكن إرادة ربي شاءت ألا أموت لحظتها. وأن موعدي الأخير لم يحن بعد. لكنه قادم لا محالة في السنة والشهر واليوم والساعة واللحظة التي حددها الذي خلقني! حلمت أو لم أحلم. مت أو هكذا ظننت. لكني الآن مقتنع بأن ربي الذي جاء بي إلي هذه الدنيا. وكان الأرحم بي طوال عمري . أبداً لن يخذلني حاشا لله وأنه سيكون معي لحظة موتي. رحيماً كما تكون الرحمة. رؤوفاً كأصل الرأفة. سيكون معي!