تواجه السينما المصرية فناً وصناعة أزمات عديدة من تعثر حركة الانتاج وتراجع الايرادات واستمرار نزيف الخسائر والعقبات العديدة التي عرقلت مسيرتها.. وقد انتظر السينمائيون من وزير الثقافة د.عماد أبوغازي قرارات جريئة توازي أهمية الصناعة ومكانتها الثقافية في العالم العربي..وفي حواره مع »ملحق الفنون« كشف الوزير عن ولعه بالسينما وعن القرارات العديدة التي اتخذها لصالح الفن والصناعة. قلت له: يشعر السينمائيون أن وزارة الثقافة تسعي لرفع يدها عن السينما.. فهل تراها قطاعا أصيلا من الثقافة أم تعتبرها عبئا عليك وعلي الوزارة تسعي للتخلص منه؟ بالتأكيد لا أعتبرها عبئا بل أؤمن بها كفن يمثل جزءا من النشاط الابداعي في المجتمع بالاضافة لدورها الثقافي المهم.. وهي ايضاً صناعة مهمة يمكن ان تضيف كثيراً للاقتصاد القومي لو أحسن إدارتها.. ولو لم أكن أؤمن بأهميتها ما كنت قد سعيت لاسترداد أصول السينما التي تم الاستيلاء عليها غصباً في بداية التسعينيات في اطار خطط الخصخصة التي يشوبها كثير من علامات الاستفهام حيث انتزعت الاستديوهات ودور العرض ونيجاتيف الأفلام من وزارة الثقافة وسلمت لقطاع الأعمال ثم الي وزارة الاستثمار وقد رفعت مذكرة بذلك لرئيس الوزراء كما رفع د. زاهي حواس مذكرة مماثلة لاسترداد شركة الصوت والضوء.. وطلبنا تحديد موعد مع د.عصام شرف لمناقشة هذا الموضوع، لكنني في نفس الوقت لا أسعي للسيطرة علي صناعة السينما لأن الفاعل الأساسي فيها هو شركات الانتاج الخاصة ودور وزارة الثقافة هو الدعم والتشجيع سواء بشكل مباشر كما في دعم انتاج الأفلام أو من خلال المهرجانات والسعي لحل كل المشكلات التي تواجه الصناعة. غرفة صناعة السينما كانت قد أعدت مذكرة وقدمتها لمجلس الوزراء حول المشاكل التي تتطلب حزمة من القرارات والقوانين لحمايتها.. فهل أطلعت عليها؟ اجتمعت بأعضاء مجلس إدارة غرفة صناعة السينما وقد حددوا مطالبهم ورؤيتهم في هذه المذكرة في المشكلات التي تواجه الصناعة مثل أعمال القرصنة علي الأفلام وحقوق الملكية الفكرية وتصوير الأفلام في مصر ومشاكل التسويق وغيرها وقد كونت لجنة من الغرفة والوزارة لدراسة كل هذه المشكلات التي يحتاج بعضها لتعديلات تشريعية خارج نطاق وزارة الثقافة لكننا نتبناها باعتبار ان الثقافة هي الداعم الأساسي لهذه الصناعة. أصول السينما التي تسعي لاستردادها مؤجرة بالفعل سواء دور العرض أو الاستديوهات.. فهل تنوي إلغاء هذه التعاقدات؟ لا أسعي لإلغاء أي عقود طالما ان مستأجريها لم يخالفوا شروط التعاقد كما أن الوزارة لن تدير هذه الأصول بنفسها فمثلاً سينما الهناجر سوف أطرحها في مناقصة لادارتها لكن لابد في نفس الوقت ان تستعيد الوزارة أصولها وهذه هي رغبة السينمائيين ولا أفهم كيف يغضب البعض علي نيجاتيف الأفلام التي بيعت للفضائيات العربية وهي ملك أصلاً لأفراد بينما اصول السينما تديرها وزارة الاستثمار وتتصرف فيها كما تشاء. مهرجان القاهرة السينمائي واحد من اهم 11 مهرجانا عالميا وهي مكانة وصل إليها بعد مجهود امتد علي مدي سنوات.. لماذا قررت الوزارة ان تتخلي عنه؟ من قال اننا نتخلي عنه.. لقد أوكلت ملف المهرجانات الي مجلس إدارة المركز القومي للسينما وقد وضع تصورات لهيكلة جديدة له.. وهذه التصورات يدرسها المستشار القانوني والمالي للوزارة وبعدها سيتم اقرار تصور نهائي للمهرجان ليبدأ العمل به من العام القادم. لكنك أعلنت أنه لا يتبع الوزارة؟ هذا حقيقي فالعاملون به ليسوا موظفين في الوزارة.. وهو لا يعد أحد قطاعات الثقافة. ولماذا لم تفكر في ضمه للوزارة بشكل قانوني؟ القرار اتخذه بعد دراسة مستفيضة مجلس إدارة المركز بحثاً عن الوضع الأمثل الذي يمكننا من دعمه وإيجاد آليات لمحاسبته. ألا تري أن قرارك بتأجيل الدورة المقبلة للمهرجان قد أثار جبهة كبيرة ضدك ترفض القرار وتراه بعيداً عن روح الثورة؟ فسرت موقفي من قبل أكثر من مرة.. وقلت ان هناك سببين مهمين الأول العبء المالي لاقامة هذه الدورة والغير المتاح لي ثم عدم ملاءمة هذه الفترة لاقامة مهرجان.. ومع ذلك فقد اتفقنا مع الاتحاد الأوروبي علي اقامة احتفالية في توقيت المهرجان تستمر عدة أيام وتعرض فيها أفلام الثورة. وماذا عن مهرجان الفيلم القومي ومهرجان الاسكندرية والإسماعيلية؟ مهرجان الفيلم القومي نسعي لتحديد موعد لاقامة دورة هذا العام دون جوائز مادية مع تشكيل لجنة تحكيم للمسابقة ومنح شهادات تقدير للفائزين.. وقد أعلنت أنني ليس عندي ميزانية هذا العام لتمويل المهرجانات وبالتالي لن أستطيع تقديم دعم لمهرجان الاسكندرية ولازلنا ندرس موقف مهرجان الاسماعيلية. ما الضوابط الجديدة لدعم انتاج الأفلام؟ أري أنه تم وضع شروط جديدة لطريقة واسلوب الدعم تحقق الموضوعية والشفافية وقد بدأ الإعلان عنها مؤخراً وسوف تكون أكثر انصافاً لأصحاب التجارب السينمائية الجديدة والجيدة. بعد أن نجحنا بجدارة في تطفيش الأفلام الأجنبية من التصوير في مصر.. ما رؤيتك لهذا الملف المهم الذي يمكن ان يحقق دخلاً بالمليارات ورواجاً سياحياً كبيراً لمصر؟ ليس فقط دخلاً ورواجاً سياحياً بل أيضاً يحرك الصناعة وهو أحد الملفات التي قدمتها لي غرفة صناعة السينما.. وهناك عقبات تحتاج لقدر من المرونة من الرقابة وقد أعطيت تعليمات واضحة للرقابة لأنه كان هناك تخوف من مسألة أن يسيء فيلم لسمعة مصر ولا أري خوفا من ذلك ثم أننا ندخل في منافسة مع دول حققت نجاحاً كبيراً في هذا المجال وعلينا ان نقدم التسهيلات ونذلل العقبات . وماذا عن الرقابة التي يطالب البعض بإلغائها.. وفريق متمسك بوجودها مع أي الفريقين أنت؟ أنا كوزير لا أفرض رأيي ولا أريد أن يؤثر رأيي الشخصي فيما يجري حالياً فقد أوكلت مهمة دراسة هذا الامر للأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة أما تعديلات القوانين فسوف تنتظر مجلس الشعب القادم. مشروع السينماتيك ومتحف السينما.. متي يبدأ فعلياً العمل به خاصة أنه يحظي بدعم من الجانب الفرنسي؟ خلال أيام سيتم تشكيل لجنة لاعداد المشروع الذي اعتبره من أولويات الوزارة في قطاع السينما وقد تناقشت مع ايرينا بوكوفا مديرة منظمة اليونسكو أثناء زيارتها الأخيرة للقاهرة لتساهم اليونسكو في دعم المشروع كما ان الجانب الفرنسي سيدعمه في مرحلة الدراسات الأولية وسيمنح لبعض العاملين دورات في الأرشيف والعرض المتحفي.. كما يسعي د.خالد عبدالجليل مدير المركز القومي للسينما لدي بعض الجهات الأوروبية لدعم المشروع الذي سيقام في قصر عمر طوسون وهذا القصر يحتاج لترميم ستقوم به وزارة الدولة للآثار وبعد الترميم سوف يستغرق الأمر نحو سنة للانتهاء منه لكننا سنبدأ من الآن في تجيهز مقتنيات المتحف.. إلي أي حد ساهمت السينما في تشكيل وجدانك؟ إلي حد كبير جداً واعترف ان أهم فيلم أثر في تكويني وحياتي وشاهدته 23 مرة في عرضه الأول كان فيلم »عودة الابن الضال« فقد احببته كثيراً وعندي مكتبة أفلام DVD كما أنني في أسفاري العديدة أقتني سواء شرائط الأفلام الأبيض وأسود والحديثة وأحرص علي مشاهدة معظم الأفلام وشاهدت »بنتين من مصر« و»حين ميسرة« و»هي فوضي« و»رسائل البحر«. وكيف تقيم وضع السينما الإبداعي؟ هناك أفلام رائعة تعكس تياراً واعياً وهناك افلام من وجهة نظري لا تعجبني لكنني ضد فكرة أن أقول إنها أفلام هابطة أو رديئة لأنني ارفض التعالي علي ما يحبه بعض الناس.