في الوقت الذي تزدهر فيه حركة النشر بشكل واضح وسريع نجد الحركة النقدية غائبة عن الساحة الإبداعية، وان وجدت نجدها تسير ببطء السلاحف في سباق الأرانب، وأصبح من الصعب علي النقاد الذين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة ملاحقة الإصدارات الجديدة، ولا أعرف أين اختفي الناقد الأدبي، فلا يمكن أن نحكم علي حركة إبداعية دون أن تكون هناك عيون يقظة متابعة لكل ما يصدر من دور النشر المتعددة التي كثرت بشكل مذهل وصارت هناك صعوبة في حصرها أيضا ! فالنقد الأدبي يعيش منذ سنوات حالة من الخمول والركود تنعكس سلباً علي عملية الإبداع لدي الكتاب و الأدباء وعشرات بل مئات الكتب من إنتاج أدباء جدد في مختلف الصفوف الأدبية التي تتصدر واجهات المكتبات بأغلفتها المبتكرة وألوانها الزاهية ورغم ذلك تقابل بالصمت والتجاهل من قبل النقاد الذين يتمتعون بالمقدرة والدراية والدراسة. وما نجده اليوم أن من يدّعي صفة الناقد يقدم في عمله انطباعاً سريعاً ويوازن الأشياء بغير موازينها إذ يضفي علي الأعمال الأدبية المزيد من التجمل والاستحسان والمبالغة ويجعلها في القمة بل يصفها أحيانا بالمعجزة الحضارية، ويتحدث عما هو مجهول فيها من معان مستترة بمفردات نقدية ضبابية، وما نراه في هذه الحال كثير لا يحصي.!! ما جعلني أثير قضية النقد الأدبي في هذا التوقيت بالذات كثرة الأعمال الأدبية التي ازدحمت فوق رفوف المكتبات ولم تجد الناقد الذي يأخذها إلي عالم الضوء وإعادة اكتشافها، ظاهرة انتشار هذه الإبداعات الأدبية المختلفة كشفت تقصير النقاد وتراجع حركة النقد لدينا في الوقت الذي انتعشت في بعض البلدان الأخري ، وان حركة النقد الأدبي تضاءلت واختفت بعد رحيل رواد النقد أمثال شكري عياد وعلي الراعي ود.علي شلش وجلال العشري والدكتور عبد القادر القط وفاروق عبد القادر.. لماذا غاب الناقد عن الساحة ولماذا فقدت حركة النقد قدرتها علي ملاحقة المبدعين؟ أسئلة عديدة طرأت علي ذهني وأنا أتابع مقالات نقدية عديدة في الصحف العربية وعلي المواقع الالكترونية للنقاد العرب وهم يتابعون حركة الإبداع في بلادهم التي لا تقارن بما ينتجه مبدعو اليوم في بلادنا.