العلم هو الطريق الوحيد للخروج من عنق الزجاجة،انه الوسيلة المثلي لتخطي المشكلات والانتقال من واقع مجهول الاتجاه نحو واقع أفضل واضح الملامح والمعالم، واقع نستطيع أن نري فيه أنفسنا ونسمع ونعيش فيه بوضوح مع الآخر، واقع نصنعه جميعا شبابا وشيوخا من أجل غد لنا جميعا.. من أجل مصر جديدة أصبحت مثالا لشعوب العالم في تغيير واقع كان شبه مستحيل أن يتغير. وعلي هذا النحو أعادت دار الشروق طبع كتاب عصر للعلم للمرة التاسعة منذ صدوره لأول مره في عام 2005 الذي نفدت طبعته الأولي بعد ساعتين من صدوره، وهو ما لم يحدث لأي كتاب في العالم وهذا يعني إننا نهتم بالعلم كمبدأ ولكن الأهم أن نطبق هذا العلم في حياتنا. الكتاب يحتوي علي ثلاث مقدمات واحدة بقلم الكاتب الدكتور احمد زويل ومقدمة ثانية بقلم الكاتب الصحفي أحمد المسلماني وتقديم يستهل الكتاب بقلم الكاتب الكبير صاحب جائزة نوبل نجيب محفوظ الذي يقول فيه: "كنت أتمني لو أني أستطيع القراءة، فأقرأ هذا النص كلمة كلمة، وهو يستحق ذلك لخطورة الموضوع وعظمة الكاتب. ولكن الأستاذ المسلماني لخّصَ لي ما في الكتاب، وهو هدية للكاتب العربي عن تاريخ شخص شرفنا في العالم كله في جهاده العلمي، وما يزال يبحث، وأنا أتنبأ له بأنه سيأخذ جائزة نوبل مرة أخري في بحثه العلمي الجديد، فما يزال شاباً معطاءً، وأعطي لنا دروساً وآراء مفيدة في نهضتنا، نرجو أن نستفيد منها، وأن تكون منارة للجميع. وتحياتي للعمل وصاحبه، وتهنئة للقارئ العربي. نجيب محفوظ ويقول الدكتور أحمد زويل في سطور كتابه »عصر العلم«: إن ما يجري يتطلب منا وقفة تاريخية، كيف وصلنا إلي هذه الدرجة من التطور؟ وما طريقة الوصول اليها؟ وما الذي يحمله المستقبل من جديد..للناجحين والخاملين؟ أنني واحد ممن ينشغلون كثيرا بهذه التساؤلات وبالبحث في طرق الإجابة عليها، وحين حصلت علي جائزة نوبل في عام 1999.. والتي جاءت في عام له دلالته الرمزية، حيث يختتم القرن العشرون فتوحاته العلمية، ليستكمل »عصر العلم« فتوحات أخري في قرن جديد. منذ ذلك الحين وأنا التقي بكثير من الزعماء والقادة السياسيين، وبالعديد من الفلاسفة والمفكرين ورجال الاقتصاد والإدارة، فضلا عن الاحتكاك الدائم مع أعظم علماء العصر. يضاف إلي ذلك زياراتي أو مشاركاتي في تجارب البناء والنمو في بلدان عديدة.. بعضها لدول تحاول الوصول إلي بوابة العصر ولم تصل، وأخري لدول وصلت ومضت.. مثل الصين وكوريا الجنوبية وسنغافورة وماليزيا والهند.. وأيرلندا. هنا جاءت فكرة هذا الكتاب..كمحاولة لفهم طبيعة هذا العصر، من العلم إلي ما وراء العلم.. من إيرادات سياسية وطاقات اجتماعية وثقافات للشعوب. وعليه.. فإن هذا الكتاب يجمع بين تجربتي الذاتية في »عصر من العلم« ورؤيتي الشخصية للعالم في »عصر العلم«. والكتاب كما يؤكد د. زويل في مقدمته انه يحتوي علي جزءين، الجزء الأول من الكتاب يستعرض السيرة الذاتية وهو ملخص ما نشر في كتابه »رحلة عبر الزمن.. الطريق إلي جائزة نوبل« أما الجزء الثاني فهو جديد لم يتضمنه الكتاب الأول وهو في الأصل محاضرات ألقاها في المحافل الدولية في محاولة لتقديم رؤية لوضع العالم اليوم ولمستقبل العالم العربي والإسلامي في عصر العلم إضافة إلي نص موجز لمبادرة مشروعه من اجل العلوم والتكنولوجيا في مصر بالإضافة إلي سيرة ذاتية مصورة للكاتب. بلاد الأحلام يصف د. زويل مشاعره عند خروجه من مصر إلي أمريكا: الخروج من مصر يكون صعبا لأسباب الارتباط الوجداني بالوطن الأم، وتعبر أم كلثوم عن هذا الشعور عندما تتغني بقصيدة »مصر التي في خاطري«.. وهو شعور يملأ القلب بالمواجع والعيون بالدموع.. وكان لابد من الأيام أن تسير ويبحث المرء عن مستقبل. ومرت الأيام وأثبتت صدق إحساس كاتبنا الكبير د. زويل الذي ظلت مصر قائمة في خاطره وفي قلبه وجاء إليها حاملا ارفع جائزة في العالم ومشاريع علمية يحلم بتحققها لمصر بعد رحلة من الجهد والكفاح والانتصارات والحصول علي أعلي الجوائز العلمية في أكثر من دولة ويصف دأبه المستمر في تحصيل العلم من خلال سطور كتابه قائلا: إن نشوة العلم ونجاحي في الحصول علي التمويل والفرصة المتاحة لكشف أشياء جديدة جعلتني مستغرقا استغراقا تاما في البحث العلمي، وكنت أواصل العمل ليل نهار طوال الأربع والعشرين ساعة باستثناء فترات قصيرة أخذ فيها بعض النوم. هكذا كان حال دكتورنا العظيم في رحلة البحث والاكتشافات التي وصل بها إلي اكتشاف الفمتوثانية تلك الفترة الزمنية التي اوقفت الزمن لدقة حسابها لأنها جزء من مليون بليون جزء من الثانية »واحد أمامه 15 صفر« وهي أصغر وحدة لقياس التفاعلات الكيميائية للمادة ويقول د. زويل: إن التقويم الزمني الجديد »الفمتو ثانية« هو الذي فتح أبواب عالم المادة وديناميكيتتها علي مصراعيه، فكما نري الكواكب تدور بالتقويم الشمسي نري الذرات تدور بتقويم »الفمتو ثانية«. ويتطرق الدكتور زويل في كتابه إلي أهمية العلم في حياة الشعوب ووضع الدول العربية بالتحديد و مصر علي وجه الخصوص منه كما يتضمن الكتاب حوارا صحفيا مع د.زويل الذي يضع فيه رؤيته المستقبلية لحال العلم وكيفية النهوض والاهتمام به باعتباره الوسيلة الوحيدة لحياة فاضلة في حياة الشعوب، ثم يتطرق في نهاية الكتاب إلي مشروعه القومي من أجل العلوم والتكنولوجيا في مصر والذي لخص أهدافه في: تكوين نظام جديد لباحثين وطلاب يتم انتقاؤهم بعناية بالغة ولا يزيد عدد الطلاب وهيئة التدريس عن خمسة آلاف كحد أقصي مع بيئة علمية حقيقية لتنشئة ورعاية الأفكار الجديدة مع التركيز علي الأفكار العلمية والتكنولوجية علي مستوي الدول المتقدمة.