أطلقت وزارة الاستثمار منتصف الأسبوع الماضي أولي جلسات الحوار المجتمعي حول الاستراتيجية القومية للخدمات المالية غير المصرفية 2018/ 2022، للتوصل إلي أفضل صياغة ممكنة تلبي كافة احتياجات العاملين بالقطاع، ومساعدة القطاع المالي غير المصرفي علي القيام بدوره في دعم الاقتصاد وتحسين بيئة الاستثمار. وضعت الاستراتيجية، التي تمت مناقشتها، العديد من الأهداف المحددة، المستهدف تحقيقها حتي نهاية 2022، ومنها زيادة أعداد المستفيدين من التمويل متناهي الصغر إلي 4 ملايين مستفيد مقارنة بحوالي 2.5 مليون مستفيد حاليا، وزيادة حجم التمويل متناهي الصغر الذي تمنحه الجهات الخاضعة لهيئة الرقابة المالية من 11.5 مليار جنيه حاليا إلي 15 مليارا، عبر زيادة عدد مؤسسات التمويل متناهي الصغر إلي 1000 مؤسسة، بجانب زيادة محفظة التمويل العقاري من حوالي 8 مليارات جنيه حاليا إلي 20 مليارا بحلول عام 2022، وزيادة محفظة التأجير التمويلي إلي 50 مليار جنيه بحلول 2022 مقارنة بأقل من 24 مليارا حاليا، ورفع قيمة المحفظة الخاصة بنشاط التخصيم إلي 20 مليار جنيه مقارنة بحوالي 9 مليارات حاليا، وزيادة مساهمة سوق المال في دفع عجلة الاستثمار وتدعيم النمو المستدام وذلك من خلال تبسيط الإجراءات والإسراع في إتمام الموافقات. وأبدي الخبراء تفاؤلهم بالاستراتيجية، وقال محمد رضا خبير الأسواق المالية إن الهدف من الاستراتيجية القومية للخدمات المالية للقطاع غير المصرفي، والتي قامت وزارة الاستثمار والبورصة وعدد من المؤسسات الأخري، بإطلاق أولي جلسات الحوار حولها الأسبوع الماضي، تهدف إلي تنمية القطاع غير المصرفي والذي يتضمن قطاع أسواق المال المختلفة، والتي تتضمن عدداً من الأهداف مثل تحقيق الشفافية وتطوير القطاع بشكل كبير ليحقق نحو 4 إلي 5 مليارات جنيه سنوياً. وأضاف رضا أن زيادة مستهدفات التمويل متناهي الصغر يأتي علي رأس أولويات الاستراتيجية إضافة إلي توفير خدمات أكبر تنتج من القطاع غير المصرفي تستهدف المواطن، مشيراً إلي أنه سيتم إطلاق جلسة حوارية أخري للتوصل إلي مسودة نهائية للاستراتيجية، لأن ما صدر مسودة مبدئية تحتوي علي مجموعة من الأطر العامة دون آليات تنفيذ محددة. ومن جانبه أكد د. وليد جاب الله خبير التشريعات الاقتصادية أنه يمكن رصد مدي اهتمام مصر باستغلال كافة المحاور التي من الممكن أن تساعد علي تمويل التنمية والتحسين من آلياتها، ومنها قطاع الخدمات المالية غير المصرفية، والذي يتضمن مؤسسات مثل شركات التأمين، وصناديق التقاعد، وشركات الأوراق المالية، وشركات التأجير التمويلي، وشركات التخصيم، وغيرها من الكيانات التي لها أدوار مالية مهمة، مشيراً إلي ان مثل هذه المؤسسات يُمكن لها أن تكون أداة تُقدم تمويلا متعدد الصور يساعد علي دفع عملية التنمية، ورفع مُعدلات النمو، ومن أجل ذلك قامت وزارة الاستثمار بإجراء حوار مجتمعي لوضع استراتيجية لتطوير هذا القطاع خلال الأربع سنوات القادمة ليتم عرضها علي مجلس الوزراء للاعتماد ووضعها موضع التنفيذ. وأشار جاب الله إلي أن الأفكار المطروحة كمحاور للاستراتيجية اهتمت بتطوير التشريعات التي تُنظم هذا القطاع لتتناسب مع التطورات الاجتماعية والعالمية والتكنولوجية، وتطوير التنظيم المؤسسي لكيانات هذا القطاع بصورة تُعزز من شفافية تعاملاته وتوفر الحماية للمتعاملين فيه، في إطار من التطوير الشامل لأسواق الخدمات المالية المصرية لرفع تصنيفاتها العالمية، لافتاً إلي أن الاستراتيجية المُقترحة بدأت من أساس قوي يستند إلي استقرار هذا القطاع محلياً بفضل ما يتميز به من وفورات مالية، وتنوع، وخبرات متراكمة. وأكد جاب الله أن الاستراتيجية تنطلق لمُحاولة التغلب علي الصعوبات التي تواجه هذا القطاع والتي من أهمها عدم وضوح الرؤية، وعدم الانفتاح علي العالم، وعدم تناسب حجمه مع السوق المصرية الكبيرة، وضعف القدرات البشرية التي تستطيع تنويع المنتجات المالية التي يمكنها زيادة حجم هذا القطاع وتعزيز دوره الإنمائي بأقل قدر من المخاطر. وأضاف أن مصر في حاجة لهذه الاستراتيجية خلال الأربع سنوات القادمة، لتطوير هذا القطاع بما يناسب طموحات التنمية، ويدعم ما تتجه إليه الدولة من تحقيق شمول مالي، حيث تستهدف الاستراتيجية مضاعفة حجم ذلك القطاع في مجالات سوق المال، والتأمين، والتأجير التمويلي، والتمويل العقاري، والتمويل متناهي الصغر، ليكون تأثيره علي المواطن البسيط أنه يمكن أن يجد مناخا مناسبا للتعامل بالبورصة، ويجد أوعية تأمين تجذبه للاشتراك بها، ويحصل علي تمويل عقاري بسهولة، ويجد شركات تأجير تمويلي تُقرضه بآليات مبسطة، وغيرها من المنتجات التي يمكن أن تُسهم في تطوير حياة المواطن، وتكون أداة في تكوين رؤوس أموال ضخمة تُسهم في مشروعات التنمية، والتي ستنعكس مرة أخري علي المواطن في صورة تشغيل، وزيادة إنتاج يُحسن من اقتصاد الدولة ويرفع من مستوي معيشة المواطن. وأعلنت د. سحر نصر وزيرة الاستثمار أنه سيتم إنشاء لجنة قومية لمتابعة تنفيذ الاستراتيجية، وستتألف اللجنة من ممثلين عن الهيئات والجهات والأطراف ذات الصلة لتحقيق التواصل بين تلك الجهات في عملية التنفيذ وتسهيل أي معوقات قد تنشأ أثناء التنفيذ، هذا بالإضافة إلي إصدار تقرير متابعة سنوي للاستراتيجية. وقال د. محمد عمران رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية إن الغرض الرئيسي من الاستراتيجية خلق قطاع مالي غير مصرفي محفز للنمو المستدام وداعم للشمول المالي، وهذا يمكن تحقيقه من خلال تسهيل فرص التمويل للمشروعات القومية والشركات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، وتمكين المرأة والشباب. ومن جانبه أكد محمد فريد رئيس البورصة أن الشمول التمويلي والاستثماري يساند الاقتصاد ويحجم التباطؤ وقت الأزمات، مشيرًا إلي أن حجم رأس المال السوقي بالبورصة المصرية بلغ 980 مليار جنيه حاليًا، ولكن استفادة المجتمع محدودة نتيجة عدم تحقيق الشمول المالي.