طالعتنا الصحف في مواضع ومواقع عديدة ومتعددة ما يصدق عليه الوصف والكيف بأنه فجور في الرأي وعدوان علي محارم مصر وانتهاك لحرمات مصر ثورة وارضا وشعبا يكشرون عن أنيابهم يلبس الواحد منهم عمامة خضراء ويتسلل إلي أفكار شعب تجرع الصبر والمذلة والهوان. وشاءت إرادة رب العرش العظيم أن ينفخ في الصور فهب من في القبور سنابل من الشباب تردد الهتاف الذي التقطه اقرانهم »الشعب يريد اسقاط النظام« وهي صرخة هزت أركان الشعب العربي من اقصاه حتي نهاية مداه ثم ما لبث أن ظهر الشيطان وألقي بالعمامة الخضراء علي الأرض واتخذوا لأنفسهم الغاية والنهاية ويتنادون بأنه إزاء ما تكشف وكشف عنه السلب والنهب الذي تعرض له الشعب المصري والافراط والتفريط.. عقاراً كان أو منقولاً،أموالاً سائلة أو أرضاً للزراعة والبناء،لشريحة ضئيلة الحجم من أصحاب الثروة وأزواجهم من السلطة،والثراء والاغتناء الذي لم تشهد له مصر مثيلاً في تاريخها. ثم سقط البعض منهم في يد العدالة فكان مالهم ومأواهم وبئس المصير هنالك وراء القضبان في غيابات الجب وغياهب السجون فاندلعت ثورة الشباب التي غيرت وجه التاريخ ودوي صداها ومداها ونارها ولهيبها الي أنظمة فاسدة يعج بها العالم العربي. وهنا فإن دعوة أصحاب العمائم الخضراء بأنه من الحكمة الاكتفاء برد حصاد السلب والنهب وعفا الله عما سلف اعمالاً لقاعدة موروثة »الصلح خير« وتصاعدت دعواتهم المشبوهة قادها في الخفاء بل علانية جهاراً نهارا ودون استخفاء فلول النظام الذي هوي وكتب نهايته يرددون خفية واستتاراً بل جهاراً ونهاراً »اللي تعرفه أحسن من اللي متعرفوش«. إن الشعب المصري طيب بدرجة ساذج احيانا وساذج بدرجة عاجز نوعاً وعاجز بدرجة مسالم نسبيا ومسالم بدرجة خاضع الي حد ما. ولعل هذه الصفة هي التي تفسر ان مصر ظلت ورزحت عبر الزمان أطول مستعمرة ومصر بهذا ما عاشت ولا بقيت الاف السنين الا لأنها قبلت بالحلول الوسطي. فقد يكون الاعتدال فضيلة ولكنه قد يكون أحيانا الفضيلة التي هي عجز والمطلوب لمصر الآن هو »الاعتدال في الاعتدال« ولا علاج لها سوي جرعة ولكنها محسوبة من التطرف المعتدل كمصل مضاد لاعتدالها المتطرف. ما ينقص مصر إذن بالتحديد في هذه النظرية هو قدر معتدل من العنف وأكثر منه من العنفوان. قدر من القوة وإرادة القوة. بل وعبادة القوة،سواء علي مستوي الفرد أو الوطن،سواء في الداخل أو في الخارج،تضمن بل ترد لها جميعاً الكرامة المفقودة. فيا أيها السادة إنكم تجهلون - أو قل تتجاهلون - ان فلسفة العقاب إنما تقوم علي الردع والزجر أي ردع المذنب وزجر الآخرين حتي لا يقدموا علي السقوط في حمأة الجريمة. أو هل نسيتم - وما أنساكم إلا الشيطان الذي يمتطيكم - حق الشعب في القصاص ممن سولت لهم نفسهم الخيانة والغدر وامتصاص دم الإنسان المصري وعرقه ودموعه. أوليس من بديهيات القانون أن رد السارق للمال المسروق لا يخلع عن فعله وصف الجريمة والذي تحدث عنها أمام المرسلين وخاتم النبيين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بأنه لو سرقت ابنته فاطمة فأقام عليها الحد يا أيها السادة ألم يزعجكم أو حتي حرك ما بقي من ضمير لديكم الخراب الاقتصادي الذي هوي بمصر برا وبحراً وجواً؟ أو لم يحرك ضمائركم ويسكت أفواهكم التي تفيض بالسم الزعاف الفساد والاستبداد والانزواء والانطواء والمذلة والهوان والبطالة والضياع؟ كيف لا وقد بارحت الخفافيش عشها وانطلقت الحشرات السامة من جحورها في صورة الذين يتخذون من الدين تجارة رابحة،سلفيين كانوا أو متحضرين،وفات أولئك حصة مصر من النوابغ العقلية وأصحاب الملكات الممتازة بل قل إن في مصر ارستقراطية فكرية،ميزة إلهية عقلية وإهملها واستكانتها وانزواءها والتعامي والنزول عنها إجرام في إجرام في أجرام. يا دعاة الهزيمة والعودة الي الوراء حسبكم ما لم تتحسبوه والتبس عليكم أن شباب ثورة مصر غير غافلين عنكم ويعلمون أمركم بل ويتربصون بكم ليروا ماذا انتم فاعلون بهم،فانتبهوا قبل ان يسحقكم ما ضاقت به الصدور،تبغون منا ولنا عودة إلي الوراء.. ويا أيها الشباب. أنه لم يعد هناك من ملاذ أو جبل نأوي إليه يستنقذنا من الهلاك الفتاك غيركم صونا لثورتكم ثورة الشباب. انتبهوا لفلول من الخونة الذين لا يلبسون قبعات صفراء بل عمامات خضراء،ولكم تدق الأجراس،الحذر الثورة في خطر.