300 رسالة ماجستير ودكتوراة كل عام في كليات ومعاهد الإعلام في مصر والنتيجة صفر !! ودراسات عليا بأقسام وكليات لايوجد بها أستاذ واحد، وأساتذة يشرف الواحد منهم علي 30 رسالة في وقت واحد ورسائل علمية منقول معظمها أو مسروق ويتم منح 98% منها بتقدير امتياز .. والمحصلة إعلام هابط يفتقر إلي المهنية، وكان لابد من وقفة قامت بها لجنة قطاع الدراسات الإعلامية بالمجلس الأعلي للجامعات لإنقاذ الدراسات الإعلامية في مصر. هذا ماكشف عنه المؤتمرالذي نظمته اللجنة بالاشتراك مع جامعة مصر الدولية تحت عنوان » مؤتمر تطوير الدراسات العليا في مجال الإعلام » وشارك فيه مايزيد علي 250 من أساتذة وخبراء الإعلام في مصر ليضعوا روشتة الإصلاح في هذا القطاع. وكان حضور د.خالد عبد الغفار وزير التعليم العالي قد أعطي أهمية وزخما كبيرا لهذا المؤتمر خاصة عندما قال إن كل ماسوف تنتهي إليه لجنة قطاع الدراسات الإعلامية بالمجلس الأعلي للجامعات المنظمة لهذا المؤتمر من توصيات في مجال النهوض بالدراسات العليا في مجال الإعلام سيتم عرضها علي المجلس الأعلي لدراسة تطبيقها علي مستوي كل كليات الإعلام في مصر ومعاهده خلال السنوات القادمة سواء في الجامعات الحكومية أو الخاصة لأننا لانفرق بين رافد ورافد آخر في التعليم الجامعي خاصة وأن معظم المؤسسات الإعلامية الحكومية والخاصة في مصر الآن تفتقر إلي المهنية وإلي الدور الإعلامي المتميز، ولابد من وجود ضوابط للبحوث والدراسات العلمية في مجال الإعلام ولابد أن تعود الدرجات العلمية فيه إلي المكانة العلمية اللائقة، وقد تكون الترقيات في كليات الإعلام أيضا طبقا لهذه الضوابط التي ستنتهون إليها. كشف المستور وهنا كشف د.حمدي حسن نائب رئيس جامعة مصر الدولية عن واقع الدراسات العليا في مجال الإعلام التي كانت قد بدأت قبل ثمانية وسبعين عاما حين أنشأ المرحوم د.محمود عزمي عام 1939 معهد الصحافة العالي الذي عرف فيما بعد باسم معهد التحرير والترجمة والصحافة برعاية عميد الأدب العربي د.طه حسين ليمنح درجة الدبلوم المعادلة للماجستير في ذلك التخصص الذي كان جديدا تماما في ذلك الوقت، وفي عام 1954 تحول المعهد إلي قسم الصحافة بكلية آداب القاهرة لمنح درجات البكالوريوس والماجستير والدكتوراة في مجال الإعلام، وفي عام 1969 أنشئ معهد الإعلام مستقلا عن كلية الآداب وبدأت الدارسة فيه في المرحلة الجامعية عام 1971، وفي عام 1974 تحول المعهد إلي كلية الإعلام، وطوال سنوات السبعينيات ظلت كلية الإعلام جامعة القاهرة هي المؤسسة الجامعية الوحيدة التي تمنح درجتي الماجستير والدكتوراة وليلحق بها قسم الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر الذي تحول إلي كلية عام 2012. وبعد تلك السنوات تضخم فينا كل شيء، فالمؤسسة الواحدة أصبحت أكثر من عشرين كلية ومعهداً وقسماً، ورسائل الماجستير والدكتوراة التي لم تكن تزيد علي بضعة رسائل سنويا أصبحت اليوم أكثر من 300 رسالة سنويا، ولذلك كان طبيعيا أن يتظاهر بعض الحاصلين عليها في الميادين والشوارع طلبا لوظيفة، وأن يصل عدد الرسائل التي يشرف عليها بعض أعضاء هيئة التدريس إلي مايتجاوز 30 رسالة للأستاذ الواحد. لايوجد ضوابط وأكد د.حمدي حسن أيضا أن الضمير العلمي والوطني يدفعان الجميع نحو بدء مسيرة التصحيح والتصويب والتغيير الشامل، لأنه ليس من المقبول أن نمنح درجة دكتوراة الفلسفة في الإعلام لباحث أجري بحثا في معالجة الصحف للسحابة السوداء أو معالجة التليفزيون لقضايا المرأة، أو اهتمامات الشباب عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ونحن لانعترض علي هذه البحوث لكن نتساءل : هل بمثل هذه البحوث منفردة أن يحصل الباحث علي درجة دكتوراة الفلسفة في الإعلام ؟ وليس من المقبول أنه حتي الآن ليس لدينا ضوابط نفرق بها بين موضوعات الماجستير وموضوعات الدكتوراة !! أو أن يحصل 98% من المسجلين لدرجتي الماجستير أو الدكتوراة علي هذه الدرجات وبتقديرات لاتقل عن الامتياز ومراتب الشرف، أو أن تظل رسائل الماجستير والدكتوراة منذ نصف القرن علي الأقل رهينة الاستبيانات وتحليل المضمون وماأدراكم ماهو الاستبيان وماهو تحليل المضمون في رسائلنا الجامعية، وليس من المقبول أيضا أن يكون لدينا هذا العدد من البحوث والدراسات في الوقت الذي تعاني فيه صناعة الإعلام كل هذا الكم من المشكلات ولايجد صناع القرار في هذه الصناعة شيئا من المساعدة من البحث العلمي. »رسائل مجاملات» واتفق د.سامي عبد العزيز الأستاذ بكلية إعلام القاهرة ورئيس لجنة الدراسات الإعلامية بالمجلس الأعلي للجامعات مع ماذكره د.حمدي حسن خاصة في جزئية رسائل الماجستير والدكتوراة التي يتم منحها سنويا الآن والتي تصل إلي 300 رسالة بالإضافة إلي عدم قدرة الجامعات علي تسويق هذه الدراسات، كما أصبح من النادر أن يتم منح رسالة ماجستير أو دكتوراة بتقدير أقل من ممتاز وهذا يدل علي عدم دقة تقييم هذه الرسائل التي أصبحت المجاملة فيها واضحة، كما أصبحنا نجد رسائل دكتوراة لايوجد فيها أي علاقة مابين مقدمة الدراسة وبين منهجيتها ونتائجها، كما أصبحنا نجد حاليا أقساما للإعلام أو كليات لايوجد بها سوي أستاذ مساعد واحد أو أستاذ ومع ذلك تمنح الماجستير والدكتوراة كيف ؟ لذلك فقد قررنا في لجنة الدراسات الإعلامية بالمجلس الأعلي للجامعات أن نقدم ورقة عمل للمجلس الأعلي ولوزارة التعليم العالي لكي يتم تبنيها لتكون بها أسس واضحة لبحوث الإعلام في مصر ومعايير لابد من الالتزام بها في مجال الدراسات العليا حتي نصلح من هذا القطاع بعد أن وصل به التدهور العلمي إلي هذا المستوي، كما رفضنا في لجنة القطاع الموافقة علي فتح دراسات عليا في 8 كليات إعلام كانت متقدمة بها نظرا لعدم وجود أساتذة في هذه الكليات كما وافق المجلس الأعلي للجامعات علي اقتراح اللجنة بأن يكون هناك بدءا من العام الجامعي القادم اختبارات قبول في كل كليات الإعلام لطلاب الثانوية العامة المتقدمين للالتحاق بها حتي يتم اختيار من يصلح لهذه الدراسة في مرحلة البكالوريوس مما سينعكس بالإيجاب علي الدراسات العليا بعد ذلك.