هناك قول مأثور ومشهور »إن البرلمان سيد قراره«.. ابتدعه لنا واحد من أبرز رؤساء المجلس في الثمانينيات.. وأراد به أن يتحدي السلطة التنفيذية وزميلتها القضائية بأنه صاحب قرار مثلهما.. وذلك فيما يعينه من أمور وبالذات ما يتعلق بصحة عضوية نوابه.. وما يصدر بشأنهم من قرارات أو أحكام! منذ رحيل من ابتدع »سيد قراره« استمر رؤساء البرلمان من بعده في رفع الشعار وتطبيقه فعليا وعمليا حتي الآن.. رغم تعارضه في كثير من الأحيان مع قرارات وأحكام أعلي سلطة قضائية ممثلة في محكمة النقض! لذا أقترح علي رئيس مجلسي الشعب والشوري إضافة شعار جديد مفاده »إن البرلمان أيضا سيد تشريعاته« وذلك تفعيلا لوظيفتيه اللتين حددهما ورسمهما له الدستور وأولهما في الرقابة علي أعمال السلطة التنفيذية.. وثانيهما في اقتراح وتقديم وتمرير مشروعات القوانين التي يتقدم بها النواب. هناك مشروعات قوانين مهمة قدمها نواب بارزون وعلي مدي الدورات السابقة لم يتم ادراجها ولا مناقشتها وتمريرها.. اكتفاء بما تقدمه الحكومة.. وتستنفد به وقت البرلمان حتي اللحظات الأخيرة من موعد انتهاء دورته سنويا! الأمثلة علي ذلك كثيرة.. وأتوقف بالذات أمام مشروعات قوانين مهمة تم تقديمها ودراستها ومراجعتها من نواب من النخبة المميزة في مجلس الشوري وعلي رأسهم الدكتورة فرخندة حسن رئيس لجنة التنمية البشرية والإدارة المحلية وأمين عام المجلس القومي للمرأة. الدكتورة فرخندة وزملاؤها النواب قدموا مشروعات قوانين اجتماعية لتغليظ عقوبة اغتصاب الأطفال.. وإلغاء النصوص التي تسمح بتخفيف العقوبات علي الجناة.. وأيضا مشروع قانون آخر لتأثيم وتجريم الاستيلاء علي حقوق الورثة أو تبديد ممتلكاتهم وخاصة ممن يتولون الوصاية علي أموال الأيتام من الأطفال القصر.. وممن يحجبون ميراث المرأة عنها. ورغم أهمية تلك القوانين علي المستوي الاجتماعي.. مضت دورات ولم تخرج للمناقشة والتمرير! لجنة الإدارة المحلية النشطة.. وبرئاسة الدكتورة فرخندة حسن أعدت دراسة علمية شارك فيها علماء مصر وخبراؤها ومسئولوها البارزون في مجال الطاقة النووية.. ووضعوا توصيات بمشروع قانون ينظم البرنامج النووي المصري.. من خلال تجميع كل الأجهزة العاملة في ذلك المجال في جهة واحدة مسئولة.. وإنشاء جهاز مركزي للأمان النووي يتمتع بالاستقلالية.. مع توحيد التشريعات المنظمة لاستخدام الطاقة النووية وغيرها من الانواع الاخري. اللجنة أرسلت تقريرها إلي وزارة الكهرباء ولم تتقدم بمشروع القانون لانها تعلم ان الحكومة تتمسك بإعداد قوانينها! نواب اللجنة قدموا أيضا مشروع قانون أكثر أهمية لإنشاء »هيئة قومية مستقلة للرقابة علي الغذاء والدواء«.. تتمتع بسلطات تمكنها من حماية صحة المواطن من الفوضي الموجودة الآن.. وفرض سياسات رقابية تضمن سلامة المنتجات المطروحة والمتداولة. أهم ما في القانون المقترح هو نقل كل هيئات الرقابة الموجودة الآن من الوزارات المسيطرة عليها.. وتجميعها في هيئة واحدة منفصلة ومستقلة تماما بعيدا عن مراكز الإنتاج والاستيراد.. ويسند تبعيتها لجهة محايدة.. ولها قانون خاص يحقق لها فاعلية الرقابة.. وضمان تطبيق المعايير العلمية من حيث السلامة والجودة والمطابقة للمواصفات المعتمدة عالميا. مشروع النواب لإنشاء »هيئة سلامة الغذاء والدواء« ورغم الاحتياج المجتمعي لتمريره.. مازال في ادراج لجنة الإدارة المحلية.. انتظارا لمشروع قانون آخر ربما تأتي به الحكومة! فمتي يصبح البرلمان سيد تشريعاته؟!