"الأزمات"، "الضيقات"، "الصُّعوبات": جميعها أمور تمر بحياة جميع البشر. وكثير يتساءلون: هل من سبيل إلي حياة بلا أتعاب؟! فلا تجد سوي أصوات تردد مع الشاعر "أبي العلاء المعري" بيت شعره الشهير: تَعَبٌ كُلُّها الْحَيَاةُ فَمَا أَعْجَبُ إِلَا مِنْ رَاغِبٍ فِي ازْدِيَادِ نعم تمتلئ الحياة بالأتعاب، ولكن تختلف المشاعر بها من فرد إلي آخر: كلٍّ بحسب رؤيته وفَهمه لأهداف ما يمر به من أحداث وأزمات في الحياة، فقد يراها جيدة أوسيئة. ولكن علينا أن نتعلم أن نري الخير الكامن في المواقف؛ يقولون: "لا تندم علي يوم مر بك في الحياة: فالأيام الجيدة منحتك السعادة، والأيام السيئة منحتك الخبرة، أمّا أكثرها سوءًا فقد علمتك دُروس الحياة، وأفضلها منحتك الذكريات السعيدة.". أمّا توقف الإنسان عند رغبة تجتاحه من عدم الاستمرار في الحياة، فهوفكر سلبيّ لن يؤدي به إلا إلي مضاعفة مشاعر الألم في أعماقه، وتوقف كل محاولة لعُبور الأزمات؛ لذلك حين تمر بك الأتعاب تذكر أن لكل شيء نهاية، وأنك يجب أن تكون مستعدًا لاستكمال مسيرتك في أثنائها وبعد مرورها، وتعلَّم منها الخبرات والدُّروس التي تساعدك في التقدم والنجاح في مسيرة حياتك. فما الذي يميز إنسان عن آخر إلا قدر الحكمة التي يملِكها كل منهما؟! الحكمة التي تُكتسب مما يتعلمه الإنسان من مواقف في الحياة بأسلوب فكر إيجابيّ ناضج. أيضًا تُعبر الأزمات بتلك المبادئ التي يعيشها الإنسان في الحياة؛ فمن يزدري بمبادئ كالصدق والأمانة والحكمة والمحبة والرحمة والاحترام وغيرها، لن يستطيع عُبور أزمات حياته بنجاح، ومن الجائز أن يتمكن من تناسيها أوالابتعاد عنها لكنه أبدًا لن يتعلم عبور جسر جديد يؤهله إلي نجاح أكبر له. إن من يكذب أويخدع أويجبُن أويهرَُب يلقي نتاج عمله يومًا ما. أعجبتني قصة تحكي أنه في ذات يوم من الأيام تعرضت إحدي البلدات لمجاعة شديدة هددت كل من يقطن بها بالموت، فما كان من واليها إلا أن اجتمع بأهلها وحدثهم بما تتعرض له المدينة من أزمة كبيرة، وأنه يجب أن يتكاتفوا جميعهم معًا للعبور بهذه الأزمة إلي بر الأمان؛ ثم طلب طلبًا غريبًا أن يضع كل شخص في المدينة كوبًا من اللبن في قِدر كبيرة سيضعها في وسَط المدينة، منوهًا أن هناك شرطًا واحدًا: وهوأن يضع الشخص كوب اللبن دون أن يراه أحد من سكان المدينة! ف.. وللحديث بقية...