قتل الخوارج إمام الحق سيدنا علي بن أبي طالب - وهو من هو - غدراً وظلماً وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً. لقد قاتلوا وقتلوا وهم يظنون صواب فكرتهم وصحة منطقهم ولولا أن حبر الأمة عبد الله بن عباس أعاد منهم إلي حظيرة الهداية ونهج الإسلام الصحيح عدة آلاف لظلوا في غيهم يعمهون. ورجال الحشد الشعبي يدمرون قري السنة ويحرقون بيوتهم ويخرجونهم من أرضهم ويقتلونهم ويستولون علي ممتلكاتهم ويفجرون مساجدهم ظناً منهم أنها قربي لآل البيت وأن ذلك صواب وخير وتطهير للأرض من أولئك السنة الذين قتل أجدادهم الحسين بن علي في كربلاء. آفة المسلمين اليوم ليس هوي النفوس فحسب ولكن فساد العقول أيضاً . عقل المسلم اليوم في حالة تخلف وتراجع لم يحدث من قبل،وقد انعكس ذلك علي سوء فهمه للإسلام، مما انعكس سلباً علي كل شيء . لقد جاء أهل العراق بعد مقتل الحسين إلي المدينة يسألون عن حكم دم البرغوث فعجب عبد الله بن عمر من فساد عقولهم، فقال لهم : تقتلون ابن بنت رسول الله وتسألون عن دم البرغوث . والآن تعددت الأفهام للإسلام العظيم ما بين غلو أو تقصير، وإفراط أو تفريط،وتقديس للعقل علي حساب النص، أو إلغاء للعقل تماماً حتي في فهم النصوص الشرعية أو فهم مقاصد الشريعة، وبين من يفهم قوامة الرجل علي زوجته نوعاً من التسلط والجبروت والعدوان علي المرأة، مع أن كل موقع إداري لابد له من قائد، والأسرة هي اللبنة الأولي للمجتمع لابد أن يكون لها قائد، والقوامة هي تكليف لا تشريف فيه، ومسئولية جسيمة تتمثل في الإدارة الحازمة الرحيمة الساهرة لرعاية الرعية، فليس هناك تضاد بين قوامة الرجل وكرامة المرأة، فكلاهما يكمل الآخر. والبعض حول الإسلام من دين فعال ديناميكي يتفاعل بقوة مع الحياة إلي دين استاتيكي جامد لا يأخذ من أحد ولا يعطي أحداً، ويريد أن يحبسه في زوايا المساجد أو بين طيات الكتب دون أن يسري في النفوس والقلوب فيدفعها دفعاً إلي تعمير الكون وبناء الحضارة التي تحيي ولا تقتل، وتبشر ولا تنفر، وتبني ولا تهدم، وترحم ولا تقسو . نريد أن نفهم الإسلام فهماً خالصاً من الشوائب والحشو، لا تكدر عقائده الخرافات، أو تفسد عباداته البدع، ولا تغلب علي أخلاقه السلبية، ولا يطغي علي فقهه الجمود والتقليد أو العصبية المذهبية . نريد أن نفهم الإسلام ونبلغه للناس غضاً طرياً نابضاً حياً فتياً، نستضيء بالفهم الأول الذي نزل به القرآن العظيم، ودعا إليه رسولنا الكريم، وتلقاه عنه أصحابه الكرام، وحكم به خلفاؤه الراشدين، نفهمه دون تحريف أو جمود أو تعصب أو خلط بين الثوابت والمتغيرات، أو تضاد بين الدين والعلم، أو الدنيا والآخرة، أو التمسك بالدين والانفتاح علي الآخرين، ودون أن نقع في تكفير الخوارج أو خرافات بعض الشيعة أو سبهم لبعض الصحابة الأجلاء، أو دوران حول السلطان لا القرآن، أو دوران حول الذات والجماعات دون الشريعة الغراء.