لو أن الله سبحانه وتعالي مدّ في عمر الكاتب الصحفي والشاعر المبدع كامل الشناوي إلي اليوم لبلغ عمره مائة عام »من 7 ديسمبر 0191 إلي 7 ديسمبر 0102«.. وأحمد الله أن منحني الفرصة لكي أتعرف عليه وأقترب منه.. وأراه مرات عديدة.. ويأخذنا الحديث عن الفن والأدب لساعات طويلة قبل رحيله.. ولم تكن موهبة كامل الشناوي الشعرية المتفتحة وحدها هي كل مؤهلاته إلي الصحافة ومجتمعات الفنانين والسياسيين ومجالس الأدباء.. هكذا بدأت معرفته بطه حسين، وأنطون الجميل، وأحمد شوقي، والعقاد وهو لم يتجاوز الثانية والعشرين من عمره، وهكذا صادقه السياسيون ورؤساء الحكومات والوزراء والباشوات.. وهو في الخامسة والعشرين. . وفي أجواء هذه المجتمعات لمع كامل الشناوي الشاعر حتي أصبحت شهرته كشاعر تعادل شهرته الصحفية بالأهرام، وأخبار اليوم وآخر ساعة.. وكان بحق آخر ظرفاء عصره وأكثرهم ثقافة وشاعرية ورقة وفهماً لطبائع البشر! كان يقول عن نفسه: »بدأت حياتي الصحفية أديباً يهوي الصحافة.. وأنا الآن صحفي يهوي الأدب« .. ولم تكن قصائده أو سخرياته أكثر من رسائل يتحسس بها الدنيا.. ويجد لنفسه فيها مكاناً. ولم تخل قصصه وقصائده العاطفية من التعبير عن الفشل في الحب.. وخيانة الحبيب وصده.. وفي أغلب الأحيان فقد كان حبه من طرفه الواحد فقط! قدم كامل الشناوي إلي أصدقائه من كبار الموسيقيين مجموعة من أروع القصائد التي ظهرت في أفلام سينمائية.. أولها قصيدة الخطايا التي غناها محمد عبدالوهاب في آخر أفلامه »لست ملاكاً« عام 6491: زعموا حبي - يا قلب - خطايا لم يطهرها من الإثم بكايا حسبنا ما كان.. فاهدأ ها هنا في ضلوعي واحتبس خلف الحنايا.. وقصيدة »لا تكذبي« لحنها عبدالوهاب وغناها بصوته علي العود.. ثم غناها عبدالحليم حافظ.. وغنتها نجاة الصغيرة في فيلم »الشموع السوداء«. وقصيدة »لست قلبي« غناها عبدالحليم حافظ من ألحان عبدالوهاب في فيلم »معبودة الجماهير«: أنت قلبي فلا تخف.. وأجب هل تحبها؟ وإلي الآن لم يزل نابضاً فيك حبها لست قلبي أنا إذن إنما أنت قلبها!! وغني فريد الأطرش لكامل الشناوي: جئت يا يوم مولدي - جئت يا أيها الشقي الصبا ضاع من يدي وغزا الشيب مفرقي ليت يا يوم مولدي كنت يوماً بلا غد!! أما عن وطنيات كامل الشناوي فوضع نشيد الحرية أول ما لحنه وأنشده محمد عبدالوهاب بعد قيام ثورة يوليو بأيام: كنت في صمتك مرغم كنت في صبرك مكره فتكلم وتألم وتعلم كيف تكره وقدم كلمات نشيد »علي باب مصر« ليكون لقاء القمة الثاني بين أم كلثوم وعبدالوهاب عام 5691. . كما قدم عبدالوهاب من نظم كامل الشناوي أغنية عربية بمناسبة الوحدة بين مصر وسوريا عام 8591. هل كان كامل الشناوي صحفياً؟ أم كان أديباً؟ أم شاعراً؟ أم فناناً؟ أم مفكراً؟ أم فيلسوفاً؟ أم مؤرخاً؟ أم محدثاً؟ أم ظريفاً؟ لقد كان كامل الشناوي كل ذلك في ذلك كله! رحمه الله ورحم زمانه!