ما صدقنا .. أن يختفي الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش عن الأنظار وتنتهي حقبته المريرة التي خلفت الحروب والدمار وسقوط الملايين من الضحايا.. ما صدقنا إختفاء طلته البهية وتصريحاته الجذابة ولباقته وقدراته الخارقة وديمقراطيته التي صدرها لنا علي دبابة !.. ما صدقنا أن يغيب عن أعيننا أكثر رؤساء أمريكا كراهية وإحتقارا من العالم ليقبع خلف الكواليس في منتجعه بولاية تكساس.. إلا أنه عاد ليذكرنا بذكائه وحكمته الواهية بمذكرات كاذبة ضعيفة لم تختلف كثيرا عن سياساته .. ففي كتابه الذي حمل عنوان " نقاط القرار " .. قال بوش أن مصر أخبرت الولاياتالمتحدة بأن العراق يملك أسلحة دمار شامل !! في محاولة للتغطية علي فشله الذريع في غزو العراق .. فقد نسي بوش الصادق الأمين .. أنه من قال سابقا أن أجهزة إستخباراته قد غررت به للدخول في حرب خاسرة ووافته بمعلومات مغلوطة عن العراق .. وإعتذر عن حرب راح ضحيتها أكثر من مليوني برئ .. ربما نسي بوش كلامه الفارغ لأنه ذكره في اليوم المشهود الذي لم يلمح إليه في كتابه .. يوم الواقعة التاريخية التي أسعدتنا جميعا وأشفت غليلنا .. يوم محاولة رشقه بالحذاء من علي أرض البلد الذي دمره !.. فكانت أبلغ تعبيرعن إحتقار العالم له .. فقد درج علي لصق الإتهامات بأحد .. حتي يبرئ نفسه من أفعاله التدميرية الموتورة .. مزاعم بوش .. لايمكن لأي عاقل أن يصدقها إلا أنها ليست غريبة عليه .. كما أنها لاتليق برئيس سابق لدولة كبري.. لقد هاجمت الصحافة الغربية الكتاب .. وإعتبرته محاولة يائسة من قبل بوش لتبرير سياساته التي أدت إلي إندلاع حربين همجيتين وإلي قتل مئات الآلاف من المدنيين وإلي ترويع العالم والزج به في أزمة إقتصادية غير مسبوقة .. وتشويه صورة الولاياتالمتحدة الدولة الكبري أمام العالم كله.. كما علق المستشار الألماني السابق جيرهارد شرويدر علي ما ورد في كتاب بوش حول لقاء تم بين الرجلين في البيت الأبيض عشية الحرب علي العراق بأن الرئيس الأمريكي لفق الأحداث وقوّله ما لم يقل.. ما يتبقي من الكتاب.. هو مجموعة قصص عن البدايات الصعبة والكفاح للوصول إلي سدة الحكم والصراع داخل الحزب أو الإدارة حول قضايا ثانوية.. يعتقد بوش أنه برَّأ نفسه وقدم صورة إيجابية عن إرثه السياسي الثقيل .. لكن حكم التاريخ صدر فعلا بحقه ولن تفلح المذكرات الشخصية في تغيير ذلك الحكم أو التخفيف من قسوته .. يابوش .. لقد سكت دهرا ونطقت ..- كعادتك -.. كفرا ..!