في الدول الكبري وفي الولاياتالمتحدة بالخصوص، يظل خريج الجامعة يستمد قيمته من الجامعة التي تخرج فيها وانتمي اليها سواء شاء أم لم يشأ، فهي مفتاح التعريف به يظل يتكرر ويسجل له أو عليه لآخر العمر : في أي جامعة تخرجت .. هذا ما ينبيء عنه ويتقدمه الي الوظائف ويسجل في سيرته ويلحق بحياته العامة ويلتصق به و ... يفرق كثيرا جدا أن يكون خريجا من ييل مثلا أو هارفارد، أو برنستون، أو اي من مجموعة ال IVV تلك الباقة من نحو جامعات عشر تقف علي رأس قائمة الجامعات في امريكا قاطبة . لذا لابد ويدرك قيمة (( ليندا لوريمر )) كل من يعرف انها تشغل منصب نائب رئيس جامعة احدي اهم الجامعات في العالم وليس في الولاياتالمتحدة فقط، والمستشارة الأولي التي تقود مبادرة تدويل مناهج هذه الجامعة العريقة التي أنشئت عام 1640 ... ولأن مكتب الشئون الدولية هذا يتبعها مباشرة فهي تقضي قسما غير قليل من الوقت في زيارات لجامعات وقيادات حكومية ورسمية حول العالم بل في الأشهر الستة الاخيرة زارت المكسيك والبرازيل والارجنتين والصين وسنغافورة ومن القاهرة تتجه الي تركيا . ليندا لوريمر جاءت لتوقيع مذكرة تفاهم مع مكتبة الاسكندرية بما اتفق حوله في المؤتمر الدولي المنعقد يونيو الماضي، بمناسبة فتح الصفحة الجديدة بين الولاياتالمتحدة والعالم الاسلامي، وفق ما دعا اليه أوباما من القاهرة في مستهل حكمه، ثم تأكد بعدها أن ليس بغير جسور الثقافة والتكنولوجيا والتعليم تنفتح الدول ويتحقق التفاهم وتقوي العلاقات بل ولا يزيل عفرة السياسة ومواقفها المعقدة غيرمثل التعاون في التعليم والتكنولوجيا والابحاث العلمية . مذكرة التفاهم اتفقت جامعة ييل ومكتبة الاسكندرية علي عدة بنود من أهمها ان تتولي جامعة ييل ترجمة ونشر مختارات من أعمال وسير أئمة الفكر الاسلامي الوسطي والمستنير إلي اللغة الانجليزية.. وبند آخر لتمكين الجامعات في مصر والطلبة من خلال مكتبة الاسكندرية الاطلاع علي مناهج جامعة ييل من النت، كما أفردت ييل منهجا لدورات دراسية مفتوحة بحيث تكون محاضراتها متاحة للطلبة وبامكان الجامعات ان تأخذ وتطبق منها ما تشاء بدون مقابل ، فالعالم يتجه الي لون من التعليم الكوزموبوليتان عابر الحدود والقارات يقرب بين الشعوب بما لا يضاهي مع حوارات اخري. غير توقيع مذكرة التفاهم، أتاح لها محمد شفيق جبر رئيس المنتدي الاقتصادي المصري الدولي ان تقابل عدداً غير قليل من شخصيات مصرية شتي ظهرا ثم مساء فلم تستغرق زيارتها غير يومين اثنين. مقابلتي الاولي معها كانت بمكتبها مع ثلاثة من زملاء المهنة الكتاب، تخللت ورشة العمل التي عقدت في جامعة ييل شهر فبراير الماضي وأعد اوراقها د. محسن يوسف وبحضور د. سراج الدين.. في تلك المقابلة تساءلت هي عن أسباب ندرة المتقدمين من مصر للالتحاق بجامعة ييل، ويومها رجحنا أنه الارتفاع الشاهق في مصروفات الجامعة ( 50 ألف دولار في العام ) ويومها قالت : ييل فخورة بازدياد الطلاب الدوليين الدارسين بها بل وبتغطية مصاريف التحاقهم لو لزم الامر اذا توافرت فيهم مهارات خاصة. هذه المرة عرفت منها أن 14طالبا مصريا تقدموا واختير منهم اثنان ثم استطردت: ليت يتقدم ( ألف ) فنختار مائة مثلا وشروط الالتحاق علي النت والتقديم أيضا HYPERLINK "http://www.world.yale.edu" www.world.yale.edu فاذا قبلت بعثوا من هناك بمندوبين لاجراء المقابلات الشخصية. اختار الآن البدء معها من هذه النقطة التي تقول فيها: العالم حاليا علي شفا ثورة في التعليم العالي، بعدما بقينا لعشرين عاما نتحدث عن ثورة تكنولوجية في التعليم وهاهي تتحقق أخيرا .. ثم توضح قائلة: لست أعني المألوف من التعليم عن بعد، أي ليس بمجرد النقل الالكتروني لمحاضرة تذاع صوتاً وصورة علي جموع من طلبة جالسين مجرد مستمعين،لا هم مشاركين ولا بمتفاعلين ... كلا فالتدريس الجامعي حاليا لديه فرصة تكنولوجية عظمي، ليس لمجرد توسيع مجال أكبر أمام طلبة أكثر ،بل في نشر المفهوم الحديث واعادة النظر في التصور التقليدي المتوارث للفصول الدراسية، الطلبة الآن يتحولون من مجرد متلقين للمعرفة، الي جزء متفاعل مع المنهج الدراسي.. بذلك نطور مهاراتهم من خلال تنمية الاستطلاع النقدي، وفتح مجال المشاركة لديهم بتعاون الطلبة فيما بينهم لحل مشاكل مستمدة من الواقع، وايجاد الحلول كفريق.. في هذا وغيره مفاتيح المعرفة لهذا القرن . واسمعها تقول: كل نواحي الحياة تطورت وتغيرت في المائة عام الاخيرة الا التعليم الجامعي وحده بقي دون تغيير منذ قرن .. بل منذ ألف عام واكثر، فنحن تعلمنا علي نمط ماكان كونفوشيوس وأرسطو يعلمان تلاميذهما، بان يقوم المعلم شخصيا بتواجده جسديا تعليم طلبته المستمعين .. هذا النموذج بقي المهيمن في مجال نشر المعرفة حتي يومنا هذا في الجامعات ذات الاحجام العددية الضخمة والامكانيات المحدودة ومع ذلك توجد حلول ... فماذا فعلت الصين؟ وسنغافورة هذه التي استطاعت خلال جيل واحد أن تقفز الي قائمة ال 35 جامعة الأولي في العالم! نستأنف الحديث الأسبوع القادم.