د. عماد عبدالغفور أيها الموت الرهيب الذي نزلت بحبيبنا ترفق، دُمُوع المحبِّين له المترحمين عليه من العيون تترقرق، قُلُوبُهم من أَلَمِ الفِراقِ ولوعة الحزن تَشَقَّق ، آهات المتحسرين وبكاء المحزونين علي علمه وأدبه تَدَفَّق. فجع الوسط السياسي والأدبي والديني صبيحة الأحد الماضي بخبر وفاة النابه الباحث د/ محمد يسري سلامة رحمه الله تعالي، وخسر العلم والأدب الكثير عندما ووري هذا العلم في التراب، وقد لا يعلم الكثيرون أني قد أكون من أكثر من عاني بوفاة الفقيد، فقد كنت من دعاة الالتحاق بحزب النور حتي قبل إشهار الحزب، وسمعته طويلاً يتحدث عن رؤيته ودوره المقترح في الحزب، وأقنعته بأن يقوم بدور المتحدث الإعلامي ليرسم الصورة الذهنية التي نسعي لبنائها للحزب، وما زلت أذكر لقائي معه عند زيارتي للأستاذ العلامة الدكتور مصطفي حلمي صاحب كتاب قواعد المنهج السلفي، وأتضح لي من نقاشاته المفيدة قدر علمه العميق وآرائه المستقلة وأفكاره الحرة وأفقه الواسع مع التزام بأساس الفكر وأصل المنهج، وهو تماماً ما كنت أري أننا بحاجة إليه. نجح الدكتور تماماً في مهمته رغم ما تعرض له من هجوم ونقد جارح: مَن ذا الَّذي تُرضي سَجاياهُ كُلُّها َفي بالمَرءَ نُبلاً أَن تُعَدَّ مَعايِبُهْ لما ضاق ذرعاً بمحاصرته، أراد أن يسترد حريته، وينطلق علي سجيته، وطلب مني إعفاءه وقبول استقالته، فقبلتها بعد أيام من المراجعة والمحايلة، ودامت بيننا المودة والألفة، وكنت دائم الرجاء له بأن يرجع إلي بيته ومكانه بالحزب. وقد أكرمني بمقالة دفاعاً عن بعض مواقفي وأسماها ((حول الشيخ الدكتور عماد الدين عبد الغفور)) ونشرها مشكوراً بمنتديات الإنترنت، ويظهر بها قدر ما تحلي بها هذا الرجل من رقي في الأخلاق. صفحات كثيرة مع هذه الشخصية الجميلة ولكن إذا طويناها وصلنا سريعاً إلي الصفحة الأخيرة، وتساءلنا كيف مات هذا العلم؟ وكيف اختطف من بيننا؟ هل فعلاً كان مصاباً بسرطان المعدة؟ أم كما قيل انتشر ميكروب من معدته إلي الدم تسبب بالوفاة؟ أم كان حزنه علي الوطن وآلامه علي ما يجري بأرجائه هو الذي هز كيانه وهد أركانه؟؟ أم كان مشهد الوطن يتنازع أبناؤه، ويتطاحن أفراده ويتقاتلون هو السم الذي قتله وقرب منيته. لا أشك لحظة أن حبيبنا كانت همته وأمله رؤية مصر الثورة تحقق أحلامها وتصل لأهدافها، ولما رأي هذا الأمل يضيعه أقوام ويعبث به آخرون، رجا ربه أن يقبضه إليه غير مفرط ولا مضيع. علو في الحياة وفي الممات لحقاً أنت إحدي المعجزات كأن الناس حولك حين قاموا وفود نداك أيام الصلات كأني أراه يوم جنازته والناس حوله، كأنه يقودهم في مظاهرات طالما تقدمها تنادي بالكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، والحرية والعزة لمصر. إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرنا في مصيبتنا واخلف لنا خيراً منها، إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب وإنا علي فراقك يا أخي الحبيب لمحزنون.