د. نادىة زخارى في الوقت الذي تلهث فيه الشركات في الغرب وراء الباحثين لايجاد حلول مبتكرة لمشاكلها، نجد المعادلة مقلوبة في مصر حيث يبحث البحث العلمي عن زبون.. لهذا ورغم الجهود الكبيرة التي بذلت في هذا المجال في الشهور الأخيرة إلا أن المواطن المصري لم يحصد ثماره ولم يستشعر أهميته بعد.. وفي حوارها مع أخبار اليوم قامت د. نادية زخاري وزيرة الدولة للبحث العلمي بتشخيص معوقات البحث العلمي في مصر وعرض جهود الوزارة لتطبيق الأبحاث العلمية علي أرض الواقع، مؤكدة أن هناك اهتماما واسعا من رئاسة الوزراء بالبحث العلمي، لإيجاد حلول علمية للمشكلات التي يعاني منها المجتمع خاصة الطاقة والمياه والأمن الغذائي الي جانب ملف تنمية سيناء.. وهذا هو نص الحوار: د. نادية زخاري في حوارها مع »أخبار اليوم« ما المعوقات التي تواجه البحث العلمي في مصر؟ وكيف تخططون لمواجهتها؟ أهم مشكلة لدينا هي التسويق وليس التمويل ، فهناك مئات من الأبحاث موجودة بالفعل تقدم حلولا جيدة لكثير من مشاكل المجتمع ولكنها ظلت حبيسة الأدراج لسنوات. لهذا تقوم الوزارة بمحاولة تسويق هذه الأبحاث عن طريق عقد لقاءات بين الباحثين والقطاعات المستفيدة من البحث سواء في مجال الصناعة أو الصحة أو خلافه. وهل المناخ العلمي في مصر بعد الثورة يساعد الباحث علي الابتكار؟ الواقع أن زيادة ميزانية البحث العلمي بعد الثورة بمعدل ثلاثة أضعاف قد انعكست علي دخل الباحث وهو أمر مهم، كما أن التنسيق الذي يتم حاليا بين المعاهد والمراكز البحثية والجهات المستفيدة يوفر للباحث المزيد من مصادر المعلومات ويعرفه باحتياجات المجتمع بصورة أكبر. الاستراتيجية القادمة ما استراتيجية البحث العلمي للفترة القادمة؟ الاستراتيجية الجديدة والتي نبدأها هذا العام ولمدة خمس سنوات ستعمل وفق برنامج يرصد احتياجات المجتمع في كل القطاعات والأبحاث القابلة للتطبيق وامكانية عمل مشروعات للاستفادة منها بالتنسيق مع الوزارات الأخري. وسيكون التركيز بالطبع علي القضايا الحيوية بالنسبة للمجتمع وهي بدائل الطاقة والمياه والأمن الغذائي وأزمة القمامة التي يمكن استغلالها كثروة وكذلك ملف الصحة مع التركيز علي بعض الأمراض المنتشرة في مصر مثل السكر والسرطان والالتهاب الكبدي "بي" و"سي". وستشمل الاستراتيجية الجديدة أيضا إنشاء مراكز ومعاهد بحثية خارج محافظات القاهرة الكبري حسب احتياجاتها، وتعديل القوانين الخاصة بالبحث العلمي لتطوير المنظومة كلها. اذا كانت بيوت ميونيخ في ألمانيا مزودة بأجهزة الطاقة الشمسية رغم قلة سطوع الشمس هناك ، أليس أولي بمصر تعميم استخدام الطاقة الشمسية ونحن نشكو أزمة الكهرباء وأسعارها؟ لقد قدمت بالفعل عرضا قبل يومين أمام مجلس الوزراء عن الطاقة المتجددة التي تشمل أربعة أنواع وهي الطاقة الشمسية و الهوائية (الرياح) و البيولوجية (الوقود الحيوي) وطريقة لاستخدام الطاقة توفر ما بين 15 الي 20٪ من استهلاكها وتحافظ علي البيئة لأنه لا تصدر عنها أي انبعاثات ضارة.وقد عرضت التعاون مع بعض الوزارات الخدمية مثل الصناعة والاسكان والانتاج الحربي والبترول لتوطين هذه التكنولوجيا وأن تقوم وزارة البيئة بالتقييم البيئي للمشروعات ووزارة الاستثمار بدراسة جدوي لها. كذلك هناك أوجه للتعاون مع وزارتي التعليم العالي والمرافق ومياه الشرب في هذا المجال. وقد اهتم رئيس الوزراء بقضية الطاقة البديلة وعقد اجتماعا حضره د.محمود صقر مدير صندوق العلوم والتكنولوجيا بحيث تمثل وزارة البحث العلمي همزة الوصل بين الجهات المختلفة. تنمية سيناء وما هي المحاور الأساسية التي تخطط لها الوزارة في تنمية سيناء؟ لقد أيقنت الوزارة من خلال الاطلاع علي دراسات الجامعات والمراكز البحثية عن سيناء وورش العمل التي حضرها ممثلو هذه الجهات أن تواجد جميع الأطراف في مؤتمر سيناء المقرر عقده في 17 أبريل القادم هو أساس نجاح التنمية بهذه المنطقة ولهذا سيحضر المؤتمر محافظا شمال وجنوب سيناء ومحافظو مدن القنال الثلاث (الاسماعيلية وبورسعيد والسويس) ورئيس هيئة قناة السويس ورئيس جهاز تعمير سيناء والعشائر ورجال الأعمال السيناوية حتي يتم التعرف علي جميع احتياجات المجتمع السيناوي ومن ثم نستخرج الأبحاث العلمية القابلة للتطبيق لتنفيذها ونقوم بالأبحاث المطلوبة لحل مشاكل المنطقة. وما الأبحاث القابلة للتطبيق الفوري في سيناء؟ لدينا أبحاث لتحسين أنواع من الزراعات مثل الأرز ونبات "الكينوا" ولتنقية مصادر المياه الجوفية وأبحاث أخري خاصة بالمعادن والثروة المعدنية وأيضا كيفية الاستفادة من الأعشاب الطبية واستخلاص الزيوت والمواد الفعالة منها. كما توجد أبحاث للاستفادة من مخرات السيول كأرض زراعية ولاستنباط أنواع جديدة من النبات في سيناء وامكانية زراعتها في مياه نصف مالحة. وبالطبع فإن الطاقة الشمسية لها مجال كبير في سيناء. الطيور المهاجرة بعد الثورة أبدي علماؤنا من الطيور المهاجرة رغبتهم في المساهمة في النهوض بمصر، فهل هناك سياسة واضحة للاستفادة من خبراتهم؟ الواقع أن هناك تعاوناً بالفعل مع عدد من علمائنا بالخارج يترددون علي مصر لنقل التكنولوجيا، والإشراف علي أبحاث ومشروعات علمية بالمعاهد والمراكز البحثية بمصر، ومنهم د. مصطفي السيد، الحاصل علي أعلي وسام للعلوم من الولاياتالمتحدةالأمريكية. وأحدث تواصل تم مع العقول المهاجرة كان هذا الأسبوع حين عرضت د. ناهد أحمد المقيمة بالولاياتالمتحدة والتي تعمل في مجال تسويق وانتاجية الأبحاث المساعدة في تطبيق أبحاث الهندسة الوراثية وتم بالفعل التقدم ب 129 مشروعا وقع الاختيار علي 7 منها سيبدأ تنفيذها في المرة القادمة التي تأتي فيها الي مصر خاصة أن الوحدة نصف الصناعية التي افتتحت مؤخرا في المركز القومي للبحوث ستفيد في تطبيق هذه المشروعات.
وأخيراً كيف يشعر المواطن المصري بثمار البحث العلمي وتأثيره علي حياته؟ من المعروف أن مردود البحث العلمي لا يكون سريعا، وهنا يأتي دور الإعلام ووزارة التربية والتعليم لمساندة جهود الوزارة في نشر الثقافة العلمية والتركيز علي تعريف المواطنين بالمشروعات البحثية ذات الأثر المجتمعي، والتي تشعر المواطن العادي بتطبيقات نتائج البحوث التي تلبي احتياجاته. ولأن تغيير ثقافة المجتمع يحتاج الي سنوات، تقوم الوزارة بعمل برامج للثقافة العلمية وتنمية المهارات للأطفال الصغار بالتعاون مع المدارس.