رغم انها جماعات غير نظامية وغير قانونية، الا انها أصبحت لاعباً رئيسياً في الكثير من الصراعات السياسية في عدد كبير من الدول.. ففي سوريا، وكما تقول صحيفة الهيرالد تريبيون الامريكية، حلت الميليشيات التي استعان بها نظام الاسد محل الجيش في عدة مناطق بعد أن آثر النظام ان يحتفظ بقوة جيشه لحماية مركز الدولة ومؤسساتها الرئيسية. وفي ليبيا بدأت المليشيات الدينية تقوم بدور الشرطة التي بدت عاجزة عن القيام بدورها في توفير الأمن للمواطن الليبي.. وفي ايران أصبح الحرس الثوري هو مركز القوة الأبرز في البلاد.. وفي لبنان تحول حزب الله الي دولة داخل الدولة .. وفي العراق أكثر من 20 ميليشيا تتبع أحزابا وطوائف مختلفة .. ورغم ان الهدف الاول لهذه الجماعات هو المساهمة في حفظ النظام، الا ان مهمتها الحقيقية تثير الهلع، خاصة بعد أن كشف البعض رغبته في تصدير هذه التجربة المروعة الي مصر. هل نجت دول الثورات العربية من مخالب النظم الاستبدادية لتقع في براثن الميليشيات المتطرفة؟ صحيفة "ذا جلوب اندميل" تري ان الفراغ الامني الذي خلفته الثورات العربية وفر مناخاً مناسباً لظهور الميليشيات بمختلف توجهاتها وانتماءاتها ، حتي أصبحت لاعباً رئيسياً في الأحداث التي تشهدها بعض الدول العربية . ففي بداية الثورة السورية ، تصدر "الشبيحة" الذين استخدمهم النظام لقمع الثوار وقتلهم ، واجهة الصراع بين الثوار ونظام الأسد . و»الشبيحة« مصطلح محلي يطلق علي مجموعة من القوات المسلحة غير النظامية شكلها نمير الأسد ابن أخو الرئيس السابق حافظ الأسد ، ويقّدر تعداد أفرادها ما بين 9 إلي 10 آلاف عنصر. ومع تطور الصراع وتحوله الي حرب أهلية ، أصبح القتال مفتوحاً بين الجيشين الحر والنظامي . لكن ذلك لم يمنع النظام من الاستعانة بالمليشيات ، ولكن بشكل جديد . فقد اتهمت لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة والتي يرأسها البرازيلي باولو بينييرو في أحدث تقاريرها لمجلس حقوق الانسان في جنيف نظام الاسد باستخدام ميليشيات محلية تحت ستار "اللجان الشعبية" لارتكاب مجازر جماعية . وقد وصف التايلاندي فيتيت مونتربورن ،احد المحققين الأربعة في اللجنة ، هذه المليشيات بانها مختلفة عن "الشبيحة" فهي "أقل تماسكاً .. وأكثر محلية" بحسب تعبيره ، كما أنها تعكس التوليفة الدينية والعرقية والطبقية للمدن التي من المفترض انهم يقومون بحمايتها . لكن الوضع أكثر خطورة في ليبيا ، فطبقاً لمجموعة الأزمات الدولية هناك اكثر من 125 الف ليبي يحملون السلاح وينتمون لمليشيات مختلفة غالبيتها ذات انتماءات دينية وابرزها "جماعة أنصار الشريعة" . وقد أدي الخواء الأمني في ليبيا بعد حرب استمرت 7 أشهر وأتت علي جيشها ، الي ان تحل بعض هذه المليشيات محل قوات الأمن وتقدم للمواطن الليبي الخدمات الأمنية التي افتقدها من مؤسسات الدولة ، لدرجة ان عوض ابراهيم ، نائب رئيس الوزراء الليبي أقر في الذكري الثانية للثورة ، بالدور الذي تلعبه هذه المليشيات في حفظ الامن ، مؤكداً علي ان وجودها أصبح لازماً حتي تتمكن ليبيا من بناء جيشها من جديد . اما في اليمن فقد أصبحت المليشيات ظاهرة تشارك في إنتاجها مختلف القوي الحزبية والقبلية والمذهبية، فهناك الفرقة الاولي المدرعة التي انشقت عن الجيش في مارس 2011 والتي توصف بانها الذراع العسكرية لحزب تجمع الاصلاح (فرع الاخوان المسلمين في اليمن ) . كذلك يتهم الرئيس التوافقي عبد ربه منصور هادي، بالسعي الي تقوية وضعه في محافظات الجنوب عبر تشكيل جماعات مسلحة غير نظامية موالية له هناك . كما دأب النظام علي تشكيل لجان شعبية كان لها دور كبير في طرد تنظيم »القاعدة« من جعار وزنجبار إلا أنها أصبحت تثير المخاوف من ان تتحول الي ميليشيات منظمة توظف لصالح تقويض الفترة الانتقالية في اليمن .