اسامة صالح - معتز رسلان التاريخ اثبت أن من يمد يده لا يستطيع أن يرفع رأسه ومن لا يملك قوته لايملك حريته.. وهو واقع يتناقض تماما مع شعار ثورة يناير الذي يقول: »ارفع رأسك فوق أنت مصري«! هكذا بدأ المهندس معتز رسلان رئيس مجلس الأعمال المصري الكندي حديثه بحكمة.. وكما بدأ انتهي بحكمة أخري للدكتور ابراهيم الفقي تقول إن »عمل بدون أمل يؤدي إلي ضياع العمل، وأمل بدون عمل يؤدي إلي خيبة الأمل«! وما بين هذه الحكمة وتلك المقولة الشهيرة جاءت كلمات رسلان لتشرح الواقع الذي نعيشه حيث وصفه بأنه لا يجعلنا نحلم برفع رؤوسنا في القريب العاجل مشيرا الي ان مصر تواجه أزمة اقتصادية حادة أفرزتها حالة المخاض العسير الذي نعيشه منذ الثورة وحتي الآن. كلمات رئيس مجلس الأعمال فتحت الشهية للحوار -وليس للطعام- قبيل لقاء لوزير الاستثمار اسامة صالح مع اعضاء المجلس في حضور مجموعة من الوزراء والسفراء والمحافظين ورجال الفكر والمال والأعمال.. قال معتز رسلان انه كلما خطونا خطوة واعتقدنا انها إحدي مراحل الاستقرار نفاجأ بأن تداعياتها تأخذنا خطوات ابعد الي الوراء لندخل في دائرة جديدة من الارتباك السياسي والاضطرابات والاحتقان في الشارع، بجانب التحديات الاقتصادية والمشاكل التي تجعل كل من يريد الاستثمار بمصر يفكر ألف مرة قبل اتخاذ هذه الخطوة! والسؤال: ما الحل.. ومتي تستقر الأوضاع حتي تعاد الثقة للمستثمرين؟ التساؤل طرحه رسلان امام اسامة صالح مشيرا الي أن اهل مكة أدري بشعابها ومن ثم فإن وزير الاستثمار أدري بالاجابة مؤكدا من جانبه انه لا سبيل للخروج بالاقتصاد من النفق المظلم إلا بجدية العمل والتحلي بالأمل.. وقبل هذا وذاك الاستقرار! مقدمة المهندس رسلان تبعتها مقدمة لوزير الاستثمار اقتربت ملامحها من تفاؤل يؤمن به اسامة صالح تمثل في مشروعات جاهزة بالاراضي والمرافق وحوافز لرجال الأعمال واجراءات تصالح وكذا تأسيس 0554 شركة جديدة خلاك 7 شهور فقط وتوسعات في شركات قائمة قدرها 53 مليار جنيه.. ومع ذلك اعترف الوزير بوجود ازمة اقتصادية قال إن الحكومة تتعامل معها لحلها رغم التحديات الصعبة سواء ما يتعلق بعجز الموازنة أو تآكل الاحتياطي الاجنبي او معدلات الفقر التي تتزايد وتصل في بعض المحافظات الي 65٪!! وباختصار كما قال الوزير: هناك برنامج اصلاح مالي واقتصادي من 7 محاور تتضمن الاستثمار والتشغيل والعدالة الاجتماعية وريادة الاعمال ومكافحة الفساد والتعامل مع مشكلة دعم الطاقة وتنشيط قطاع السياحة..هذا البرنامج يستهدف في الاساس »لقمة العيش«! حديث الوزير المتفائل جعل البعض في حالة »تحفز« عند فتح باب الحوار الذي بدأه سمير العلايلي عضو مجلس ادارة مجلس الأعمال المصري الكندي قائلا لاسامة صالح: عندما نسمع كلامك نشعر بالأمان كرجال اعمال ولكن الساحة تشهد امورا غامضة مثل فرض ضرائب علي شركات بأثر رجعي في اشارة إلي مشكلة أوراسكوم!..ليرد عليه الوزير مشيرا الي ان القانون يتيح لمصلحة الضرائب مراجعة أية معاملات للشركات في حدود 5 سنوات ما لم يكن تم الانتهاء من الفحص. وبعد تلك السنوات يسقط حق الدولة بالتقادم ولكن عند مراجعة أوضاع الشركات اذا اتضح وجود خلافات في وجهات النظر بين الطرفين خلال المدة القانونية يحال الامر الي لجان الطعن او المحاكم. وما حدث بشأن أوراسكوم انه تم التركيز عليها بشكل اثر بالسلب علي مناخ الاستثمار. واكد الوزير ان ما حدث ليس فرض ضرائب بأثر رجعي فمن حق مصلحة الضرائب مراجعة معاملات أي شركة خلال 5 سنوات. وعموما الخلاف في وجهات النظر مكانه الاجهزة القضائية وللمستثمر الحق في اللجوء للقضاء وقال ان هناك حواراً بين الجانبين ومن المتوقع التوصل لحل يرضي كلا منهما! وإذا كان سمير العلايلي قد تحدث مع الوزير بلهجة هادئة فان البعض جاء حديثا ساخرا وساخنا حيث اشار د. نبيل حلمي المستشار القانوني الي انه عندما استمع لكلام اسامة صالح شعر انه يتحدث عن دولة أخري ليست مصر! وقال انه يخشي علي رجال الاعمال من التعنت الحكومي في حالات التصالح. واضاف د.هاني سري الدين رئيس هيئة سوق المال سابقا مؤكدا سوء الاوضاع الاقتصادية والاستثمارية وذكر ان توقيت فرض ضريبة علي الارباح الرأسمالية غير مناسب رغم الاتفاق علي المبدأ وكذا فإن الصكوك الجديدة لن تؤتي بما يتم التخطيط له في ظل الاوضاع الراهنة وفي ضوء عملية »التسييس« التي شابتها! واضاف انه لايريد الحديث عن امور غير واقعية. واشار الي مشكلة شركة اوراسكوم- وهو بالمناسبة محاميها- فقال ان التعامل معها تم بشكل عبثي ويضرب الاستثمار في مقتل! كما اشار الي انه بدون استقرار سياسي وأمني لاجدوي من الاصلاح الاقتصادي. واستطرد متسائلا عن التعديلات الضريبية الجديدة فقال: لا احد يعرف هل هي مطبقة ام لا حيث لا يمكن وقف قرارات بشكل شفوي! وهنا تحدث اسامة صالح مؤكدا ان عمليات التصالح مع رجال الاعمال تتم من خلال آليات قانونية. وهيئة الاستثمار عنصر اساسي في التسويات. واي تعنت يراه رجل الاعمال في استخدام القانون من جانب الجهة الادارية هناك لجنة تسويات برئاسة رئيس الوزراء وعضوية وزيري العدل والاستثمار وبعض الخبراء للتظلم امامها. واضاف الوزير قائلا: اطمئنوا.. هناك تشريعات تتعامل مع اهداف وليس ثوابت. والهدف النهائي هو حماية المستثمرين في اطار القانون. وعادت التساؤلات من جديد: محمد عاطف مدير عام الاستثمار بمطروح تنتابه حالة ضيق بسبب القانون الذي يحظر التصرف في اراضي الدولة بغير المزاد العلني. وقال ان العرف السائد في مطروح يتمثل في »وضع اليد«. والمستثمر هنا يقع في حالة من التشتت وتنازع الاختصاصات. وطرح عبدالفتاح محمد المستشار بمجلس الوحدة الاقتصادية العربية تساؤلا بشأن عدم استفادة مصر من صندوق كويتي رأسماله 2 مليار دولار للمشروعات الصغيرة والمتوسطة! اما المستشار عدلي حسين رئيس محكمة الاستئناف السابق فقد عبر عن رأيه بالقول: انتم تسبحون في مناخ غاية في الدقة.. وكان الله في عونك يقصد وزير الاستثمار مؤكدا ضرورة وجود ضمانات ووضوح رؤية للمستثمرين وكذا وجود ضمانات لصاحب القرار حتي يستطيع اتخاذ قراره في الوقت المناسب. وقال: لا يمكن لأي مستثمر اجنبي ان يأتي لمصر عندما يجد المستثمر المحلي في وضع مهين من خلال التحقيقات في الكسب غير المشروع وغيره. واكد علي ضرورة احترام الاتفاقات الحكومية ومحاسبة المسئولين الحكوميين عن اخطائهم بدلا من إلحاق الضرر بالمستثمرين. وطالب عدلي حسين بحصانة للمسئول الحكومي الذي اصبح مشلولا خوفا من الذهاب إلي »طرة«! كما طالب بمواجهة حاسمة لظاهرة الشائعات القاتلة لمناخ الاستثمار. وطالب ايضا بأن يكون تعديل قانون الاستثمار في شأن السماح لوكيل المستثمر متابعة الاجراءات القانونية والمحاكمة، تعديلا »مؤقتا« وقال ان المتهم الغائب ليس من حقه الدفاع او توكيل محام عنه وفقا لقانون الاجراءات القانونية في جرائم الجنايات.. وذكر ان التعديل الحالي يخالف القواعد القانونية وهو امر يشجع علي الهروب والعمل بمبدأ »الغائب أفضل من الحاضر«! تساؤلات ساخنة رد عليها اسامة صالح بشكل هاديء للغاية مشيرا الي ان هناك نظاما جديدا للتصرف في اراضي الدولة. واضاف ان مصر طلبت اكثر من مرة الاستفادة من الصندوق الكويتي رغم مساهمتها في رأسماله لكن دون جدوي! واشار الوزير إلي تعديلات قانون الاستثمار مؤكدا انها »مؤقتة« حتي تستقر الامور. وردا علي ظاهرة الشائعات قال: سوف تسمعون قريبا عن مشروع جديد يهدف إلي تطبيق اجراءات قانونية ضد مروجي الشائعات لتأثيرها الضار والقاتل علي الحياة السياسية ومناخ الاستثمار ولسان حاله يقول انها تغرق المستثمرين وغير المستثمرين في بحر الظلمات!. واشار الوزير إلي أن النية تتجه إلي اعفاء المشروعات التي تعمل في اطار الاقتصاد غير الرسمي من الضرائب عن السنوات السابقة ومحاسبتها منذ بدء النشاط في اطار الاقتصاد الرسمي. وباختصار كما قال اسامة صالح فإن اختلاف وجهات النظر اذا كان البعض ينظر اليه علي انه »نقمة« فانه يراه »نعمة«.. والمهم الوصول الي نقطة التقاء!