علي غير العادة في هذه الأيام الكئيبة المتشابهة كان صباحا مشرقا والسماء صافية تبشر بأننا سنعيش يوما ربيعيا منعشا يبدد الكآبة التي اثقلت كواهلنا وقلوبنا، وهذا ما شجعني علي المجازفة والخروج إلي الشارع لأزيل ما ملأ نفسي هما وغما أعيشه منذ شهور طويلة لكثرة ما أسمعه وأشاهده من خراب وصراعات ومنافسات وتنابز بالالفاظ والالقاب، وكأن الله اراد ان يزيد من بهجتي وتفاؤلي وليثبت لي أن الأيام لا تسير علي وتيرة واحدة وإنما تسير وفق مشيئة وقدرته. فما أن تخطيت حدود الشارع الذي أسكن فيه وأبلغ ناصيته في هذه المدينة الهادئة الجميلة 51 مايو حتي فاجأني سرب من السيارات الفارهة تزيد علي العشرين سيارة تصطف في طابور يترجل منها عدد كبير من الاجانب وقد وقفوا متحلقين أمام قطعة فسيحة من الأرض وهم ينظرون ويضحكون بينما يقوم بعض العمال بتثبيت لوحة كبيرة خطت عليها كلمات تحمل الأمل لساكني هذه المنطقة والمناطق المجاورة لها لإنها تحمل أحلي بشري لكل مصر بأنه رغم الظروف والاحداث فإن الغد قادم ومصر لن تموت وأن ثقة العالم في ابنائها وشعبها يقينية لا يمكن تشويهها. فقد كتب علي لوحة الأمل التي أسعدت الآف ممن يسكنون مدينة 51 مايو بأنه قد تقرر إقامة مدينة سياحية كاملة تضم نوادي وملاهي ومراكز صحية واجتماعية ومدارس ومستشفيات ومولا تجاريا ومدينة سكنية وفنادق، وهذا كله يعني الآف من فرص العمل لألاف الشباب العاطلين والجالسين علي المقاهي يعني حياة جديدة لأرض قاحلة يعني بناء وتعمير بدلا من الهدم والتخريب، يعني مستقبلا ويعني أيضا أن المستثمرين واثقون من مكاسبهم رغم الفوضي والعشوائية التي نعيشها حاليا. وبالرغم مني استدعت ذاكرتي مشاهد مشابهة عشتها خلال جولاتي ومشاهداتي مع المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة الأسبق. فما كان ينقضي أسبوع إلا ونكون في احتفال إما لوضح حجر أساس أو لافتتاح مصنع جديد فحركة الإعمار والانشاءات الجديدة كانت تسير بسرعة مذهلة ومعها بالطبع حركة الانتاج والتصدير. كانت أيام نجاح مازالت عالقة في ذاكرتي ولنسأل أنفسنا سؤالا ومقدما لن نجد له جوابا: إذا كان ما فعله رشيد خرابا للاقتصاد فليقل لي ماذا فعل الذين جاءوا من بعده؟ اللهم أبرأ ساحته وانفع اقتصادنا بفكره لنصل إلي نصف ما وصلت إليه تركيا. آمين.