في ساحة "نالي" وسط مدينة السليمانية بإقليم كردستان العراقي ، يتجمع المارة كل يوم حول تمثال لحمار يرتدي رابطة عنق وتبدو عليه امارات الهيبة والوقار .. وللوهلة الاولي يعتقد البعض ان هذا التمثال مجرد ملمح طريف لرسم الابتسامة علي وجوه أبناء المدينة وزوارها ولكن أحد الناشطين السياسيين الأكراد يفاجيء الجميع بحقيقة التمثال وهي انه الشعار الرسمي لأحدث حزب سياسي يحظي بشعبية كبيرة في كردستان هو "حزب الحمير الكردي".. يقول عمر كلول الامين العام للحزب انه تأسس رسمياً في عام 2005 وحصل علي ترخيص رسمي من الحكومة في نفس العام ، ليعبر عن طموحات الأكراد في الحرية والتقدم والاستقلال . ويطالب الحزب الآن حكومة اقليم كردستان بدعمه مالياً لفتح محطة إذاعة محلية تحمل اسم "النهيق" !!. وعن شروط العضوية يقول عمر كلول ان أي شخص يرغب في الانضمام للحزب يحتاج "لرفسة" أو توصية من أحد الأعضاء القدامي . وللحزب تشكيل اداري وهيكلي من المناضلين الأكراد ، فالمكتب السياسي للحزب يسمي "الخان" وهي كلمة تعني "العربخانة" باللغة الكردية وهي مكان نوم الحمير بينما تسمي المكاتب الفرعية بالاسطبل ! وتتوزع مراتب أعضاء الحزب وفق درجات معينة ، فهناك الجحش والاتان وأخيراً الحمار . وتمثال الحمار الشهير في السليمانية من ابداع النحات الكردي زيرك ميرة الذي تبرع بجهده من أجل خدمة القضية الكردية ، علي حد تعبيره، بعد ان رفضت حكومة اقليم كردستان والبرلمان الكردستاني تمويل اقامة التمثال ، حتي لا تتهم بالانحياز لحزب الحمير علي حساب الأحزاب السياسية الأخري في الاقليم . وقد تم رفع الستار لاول مرة عن تمثال الحمار بوسط السليمانية في ابريل عام 2012 بحضور رئيس حزب الحمير وقيادات الحزب وممثلين عن النشطاء السياسيين الاكراد ومنظمات المجتمع المدني وجمهور غفير من مؤيدي القضية الكردية ومحبي فن النحت . ويستنكر الامين العام للحزب أي محاولة للسخرية من اسم أو شعار الحزب ويقول ان الحمار هو شعار الحزب الحاكم في امريكا وهو الحزب الديمقراطي الذي ينتمي اليه الرئيس باراك أوباما ، كما ان الفيل هو شعار الحزب الجمهوري الامريكي ، بالاضافة الي أحزاب أخري في مختلف انحاء العالم تستخدم الحيوانات كأسماء او شعارات لها .كما شهدت أوروبا تأسيس "نادي للحمير" في منتصف القرن الماضي برئاسة السياسي البارز فرنسوا بيل ليضم أبرز الشخصيات السياسية والاقتصادية والادبية ، ويحظي هذا النادي بمكانة اجتماعية مرموقة وافتتحت له فروع في دول عديدة منها مصر وسوريا ولبنان . ويفسر الأمين العام لحزب الحمير سر اختيار الحمار بالتحديد كأسم وشعار للحزب بقوله ان للحمارمكانة خاصة بالنسبة للشعب الكردي ، فهو يجسد الاضطهاد المرير الذي عاني منه هذا الشعب في كل الدول لانه يعمل ويتعب ويشقي ولكنه محروم من كل الحقوق. ويضيف عمر كلول ان الحمار كان رفيق نضال للمقاتلين الاكراد طوال سنوات كفاحهم .. وقد لعب دوراً بارزاً في حركات التحرير الكردية منذ بدأت سعيها لاستعادة حقوق شعبها . وكان هو الصديق الوحيد للمقاتل الكردي في جبال كردستان حيث كان ينقل الاسلحة والمقاتلين عبر الدروب الجبلية وتحت القصف المكثف ، وكان يموت جنباً الي جنب مع الثوار الاكراد الذين لا يمكنهم ان ينسوا دوره معهم كشريك حقيقي في ثورة الأكراد وكفاحهم من أجل الحرية .. هكذا يعترف الأكراد بمساهمة الحمير في نضالهم من أجل الحرية بينما يتقاتل ويتصارع رفاق الكفاح من بني البشر علي الغنائم وتقسيم الميراث وينكر كل منهم دور الآخر في الثورة ويتهمه بخيانتها ومحاولة سرقتها !!