سمىر عبدالقادر لنأخذ العبرة من المسيح عليه السلام والعالم يحتفل بيوم بشري ميلاده، دقت الأجراس شرقا وغربا، شمالا وجنوبا، في كل مكان يقيم فيه اتباع المسيح عليه السلام في أنحاء الدنيا معلنة بشري الميلاد لمن جاء لكي يلقي علي الأرض السلام لا السيف.. ومع دقات الأجراس اقيمت في الكنائس، صلوات وابتهالات ودعوات، وفي نفس الوقت نجد خارجها في كثير من بقاع الأرض، قنابل وطائرات فاختلط صوت الأجراس المعلنة للبشري رمز السلام، بدوي أزيز الطائرات والقنابل! مفارقة غريبة بين المصلين والمقاتلين، بين الدعوات الخارجة من الأفواه، والأحقاد المزروعة في القلوب.. وفي الكنائس تتلي تعاليمه عليه السلام »لا يقدر أحد ان يخدم سيدين، لأنه إما ان يبغض الواحد، ويحتقر الآخر، لا تقدرون ان تخدموا الله والمال، لذا أقول لكم لا تهتموا لحياتكم بما تأكلون وبما تشربون، ولا لأجسادكم بما تلبسون، أليست الحياة أفضل من الطعام والجسد، أفضل من اللباس، أنظروا إلي طيور السماء، إنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع إلي مخازن، لا تكنزوا لكم كنوزا علي الأرض حيث يفسد السوس والصدأ، وحيث ينقب السارقون ويسرقون، بل اكنزوا لكم كنوزا في السماء حيث لا يفسد سوس ولا صدأ، وحيث لا ينقب سارقون ولا يسرقون، سمعتم انه يقال عين بعين وسن بسن، وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك علي خدك الأيمن فحول له الآخر أيضا. كانت رنات الأجراس تذهب مع الصدي إلي بعيد، والابتهالات والصلوات ترتفع إلي السماء في خشوع والخاطر يذهب معها إلي أراض ملطخة بالدماء، إلي الأطفال اليتامي والجرحي والمساكين، إلي المختلطة أنفاسهم بدخان القنابل، والمختنقة أرواحهم بظلم الإنسان، إلي المسيح في سمائه وهو يقول... لا تقاوموا الشر فإذا بالناس يصنعون الشر، إليه عليه السلام وهو يقول »من لطمك علي خدك الأيمن، فحول له الآخر أيضا« فإذا بهم يلطمون الأبرياء.. ويقتلونهم قتلا، وإليه عليه السلام وهو يقول »لا تدينوا لكي تدانوا، بالدينونة التي بها تدينون تدانون، وبالكيل الذي له تكيلون يكل لكم« فإذا بهم يدينون ولا يدانون، لأن القوة معهم، وإذا بهم يكيلون كما يشاؤون ولا يستطيع أحد أن يكيل لهم كما يكيلون! كانت أصوات الأجراس والصلوات والابتهالات لمحة نور في ظلام كثيف، وما أحوجنا في هذا الوقت إلي لمحة من نور.