هل يسير البابا الثامن عشر بعد المائة علي خطي البابا كيرلس السادس الذي اشتهر بروحانيته ورعايته للجوانب الانسانية للاقباط؟ ام يسير علي خطي البابا شنودة الراحل الذي جعل من منصب البطريرك منصبا روحيا وسياسيا.. ساعات قليلة تفصلنا عن حسم اسم البابا »118« الذي ستقرع له الأجراس بعد تنصيبه رسميا بطريركا للكنيسة الارثوذكسية.. والذي يأتي وسط أجواء سياسية متقلبة محليا وعالميا وتكسوها ضبابية شديدة داخل المشهد العام المصري..تساؤلات عديدة تطرحها هذه الاجواء الملبدة بالحذر والخوف من القادم حول اتجاهات واولويات من سيجلس علي كرسي مرقس الرسول.. فهل يكون البطريرك القادم زعيما دينيا؟ ام رجل سياسة الي جانب دوره الروحي؟! .. وفي الوقت الذي يري فيه البعض ان البابا القادم ما هو الازعيم ديني تؤكد الاحداث والمشاهدات ان الدور السياسي للكنيسة لن يستطيع من يعتلي كرسي الباباوية ان يغفله لأن وضع البلاد حاليا يحتاج الي من يدافع عن حقوق الاقباط السياسية اكثر من اي وقت مضي.. وهو الامر الذي تمثل واضحا في تصريحات الانبا باخوميوس قائم مقام البطريرك فيما يخص اللجنة التأسيسية والمواد المطروحة عليها واسم نائب الرئيس الذي تم الاعلان عنه.. وظهر هذا الدور بوضوح عندما اصرت الكنيسة علي سحب ممثليها من اللجنة التأسيسية الاولي للدستور بسبب الاعتراضات وقتها علي صياغة المادة الثانية وايضا عندما اكدت الكنيسة علي ضرورة اختيار شخص قادر علي توصيل رؤي واراء وقضايا الاقباط وهو ما تم بالفعل باختيار مستشار قبطي داخل الهيئة الاستشارية التي تساعد الرئيس وهو الدكتور سمير مرقص.. كما تمثل ذلك بظهور رجال الدين المسيحي بزيهم الكنسي في التظاهرات السياسية عقب ثورة 25 يناير وانتهاء بالظهور الاعلامي للحديث عن الامور السياسية..»أخبار اليوم«.. استطلعت أراء عدد من مفكري ورموز الأقباط في مصر كمال زاخر: الرمز الديني يجب ان يبتعد عن السياسة وشباب المسيحيين خرج بلا عودة يقول كمال زاخر المفكر القبطي: الكنيسة المصرية عبر التاريخ هي بطبيعتها رعوية كنسية تتحمل هموم رعاياها وكانت الرهبنة واحدة من مكونات الفكر الجمعي الكنسي وبالتالي جمعت بين خطي الرعاية والنسك وانعكس ذلك علي ادائها.. واستمرت الكنيسة علي هذا النحو الذي لا يعادي ولا يصادق.. حتي جاء عصر الرئيس السادات الذي كان يشغله منذ وصوله الي السلطة كيفية مواجهة الموروث الناصري وادرك ان الفكر لا يقاوم الا بالفكر فقام باحياء الخلايا الراديكالية الاسلامية النائمة مما احدث نوع من الطرد السياسي والمجتمعي للاقباط مما دفع بالبابا شنودة وقتها الي فتح ابواب الكنيسة للمسيحيين واوجد لهم مجتمع موازيا خاص بهم ووصل ذروة الصدام بين البابا شنودة والرئيس السادات عندما تم اعتقال البابا وليس التحفظ عليه كما يردد البعض ثم جاء عصر مبارك الذي افرج فيه عن المعتقلين وبقي البابا خلف الاسوار لمدة 3 سنوات ونصف عمدا ثم اصدر قرارا جديدا بتعيين البابا في رسالة واضحة فهمها البابا انذاك بأن العقوبة المقررة عليه لم تسقط واستمرت العلاقة بين الاثنين تعاني حالة من الفتور شهدت العديد من الاعمال الارهابية كان اخرها حادث كنيسة القديسين وبالتالي فان الكنيسة في هذه المرحلة السابقة كانت في حالة استثنائية فرضتها الظروف والاشخاص. الكنيسة مع عهد البابا الجديد يجب ان تعود رعوية نسكية لأن الخروج السياسي للشباب القبطي خارج اسوارها كان خروجا بلا عودة وهو امر فرضته ثورة 25 يناير وتم كسر حاجز الخوف وهو ما يعد مكسبا حقيقيا بجميع المقاييس .. ويؤكد زاخر علي ضرورة ابتعاد البابا ال (118) عن السياسة وعودة المؤسسات الدينية للمربع الرعوي والدعوي والانساني هو الامر الاهم والاكثر الحاحا لايجاد مواطن صالح يعرف ماله وما عليه.. والمتابع الجيد للاحداث يري ان الكنيسة وعلي مدار الاربعين عاما الماضية ومنذ تولي السادات حينما سعت لتكون الفاعل السياسي دخلت في دائرة من الاحتقانات المتزايدة واشكال التحدي والفعل ورد الفعل السلبي اما بعد الثورة ومع غياب دورها السياسي وترك الحرية للافراد اكتسب المسيحيون العديد من الايجابيات.. وبالتالي وبنظرة مقارنة بين عهد البابا كيرلس في عصر عبد الناصر والبابا شنودة في عصري السادات ومبارك وبعيدا عن التقييم الديني نجد ان خيار كيرلس للكنيسة هو الافضل. مدحت بشاي : غياب الأيقونة والعمائم السوداء عن الأحداث السياسية ضروري يقول الكاتب والباحث مدحت بشاي: المشهد السياسي يحتاج لأن يكون البابا القادم رجلا ذوا طبيعة خاصة وان يكون نموذجا »رجل الصلاة« كما كان يسمية البابا كيرلس السادس وليس كما رسخ البابا شنودة في عقيدة الناس وعبر العالم كله ان هذا المنصب له بعد سياسي وهو الوضع الذي تشكل بسبب عمليات التوسع الافقي التي قادها البابا السابق للكنيسة المصرية وتطوير عملية الرهبنة وارادته التي دفعته لاتخاذ مواقف سياسية تمثلت في العديد من المواقف علي مدار زعامته للكنيسة المصرية علي مدار 40 عاما في حين ان البابا كيرلس لم يكن ممارسا للسياسة وكان يملك ايمانا قويا بأن الدور الروحي للكنيسة هو الاصل والاهم وبالتالي كان عهده اكثر العهود سلاما.. وليس معني ذلك ان فترته كانت خالية من الصراعات السياسية ففي وقته تم تحويل الجامع الازهر الي جامع وجامعة وتم قصر القبول في الجامعة علي الطلاب المسلمين وتم عمل اذاعة القرآن الكريم ولم يتم عمل مشروع اذاعي مماثل للاقباط ومع ذلك لم تستدع مثل هذه الامور غضب البابا كيرلس ولم تجره الي مواجهات سياسية عنيفة.. ويؤكد بشاي ان الفترة القادمة للكنيسة تحتاج الي الاهتمام بالجانب الروحي والانساني للفرد اكثر من السياسة.. وتحتاج الي الانفتاح علي ابنائها ودعوتهم للمشاركة في تقرير مصيرهم فمن غير المستساغ حتي الان ان يتم الاحتكام الي لائحة 57 لانتخاب البابا التي تقصر علي سبيل المثال حق الانتخاب علي الصحفيين المعينين في صحف قومية.. ويضيف: ولا اتصور ان تكون الفترة بعد 25 يناير قد دعت المصريين الي المشاركة في تقرير مصيرهم وحياتهم في حين تظل الكنيسة حتي الان مصممة علي ابعاد رعاياها عن المشاركة في اختيار ممثل هذا المنصب الان ليس هذا فقط بل ان الامر يصل حاليا الي ان الكثيرين من الاقباط لا يعرفون اية معلومات عن المرشحين للكرسي الباباوي ويتم منع حتي القنوات والصحف القبطية من الحصول علي اي معلومات عن هذا الامر وبالتالي الحديث عن وجود تيارات ذات توجهات مختلفة داخل الكنيسة امر غير وارد.. نحن نحتاج في الفترة القادمة الي غياب الايقونات والعمائم السوداء عن الاحداث السياسية ابراهيم ادوارد: البابا السياسي يكرس تقسيم المجتمع لشعب مسلم وآخر مسيحي يقول ابراهيم ادوارد ابراهيم المحامي ومقرر لجنة الدعم القانوني بحزب المصريين الاحرار البابا المقبل يجب ان يكون رئيسا روحيا كما كان عهد البابا كيرلس يعمل علي تطوير المؤسسة الكنسية يتسم بالحكمة لمعالجة المشكلات التي نعيشها يحافظ علي علاقة جيدة مع الدولة وعلي البابا عدم الوقوع في براثن السياسة لكي لا يدخل ومن خلفه الاقباط في مأزق تاريخي لن ينتهي ..خاصة انه يواجه مجموعة من التحديات والمتغيرات علي رأسها وصول حزب بمرجعية إسلامية إلي الحكم وظهور بعض ثقافات التعصب من بعض التيارات الإسلامية صاحبها ظهور تعصب مسيحي كرد فعل بالاضافة الي انفتاح مجتمع الشباب القبطي علي المشاركة السياسية وعدم خضوعه لأوامر الكنيسة دون تفكير وهما الامران اللذان يفرضان التعامل بحكمة وفتح قنوات تواصل داخلية وخارجية مع عدد من المنظمات الاسلامية وعلي رأسها الازهر. والعمل علي استيعاب الاحتقان الطائفي دون ان يكون هناك دور سياسي للبابا لأن تدخله في السياسة بصفة عامة سيكرس فكرة تقسيم المجتمع إلي شعب مسلم وآخر مسيحي لكي يظل المواطن القبطي في احتكاك مباشر مع مؤسسات الدولة دون وسيط تطبيقا لمبادئ المواطنة فالاصل في القوانين انه لا تمييز بين المواطنين بسبب الجنس او النوع او العرق او الدين وعلي الدولة ان تضمن المساواة في الحقوق والواجبات حتي لا تضطر الكنيسة للتدخل مع الدولة لحماية ابنائها.