وجاء .. في نصوص مُحاكمة ونوس.. أنه في الأول من الشهر المُنصرم.. يوم تقييد المردة بفرمان إلهي: أن المدعو وَنوس، الآتي من قعر حمم الجحيم، الماضي من أزلية سحيقة، إلي سرمدية مُطلقة.. احتال علي قيوده، وتسلل، ودأب شهرًا يغتال بِنَا، ويحتلنا، ويختال علينا، ويعبث.. حتي لَبِسنا الفاجر، من دون إذن واستوي، مستولياً علي فُتات ضمائرنا. والملعون.. اقتات علينا!! وعليه فإن مُحاكمته واجبة.. «كيف في رمضان يا وَنوس.. من آتاك بجُملات كتلك تُعاتب بها الإله، وتشجُب عطايا رحمته؟!.. وكيف جرؤت يا ونوس تستهجن غفرانه لآدم، وبنيه، وأنا معهم؟! ثم مَن يا ونوس فَك قيودك الإلهية، وحَل ضفائر أصفادك السماوية الثقيلة.. ومَن أطلق العنان لشرور فنك، وأوحي لك بالعربدة بثوابت إيماننا.. لم جردت قشور نفوسنا الزاهدة، الراهبة، الورعة العفيفة.. وكيف نبشت يا وَنُّوس في سرائرنا الشائخة، الماكرة، الجبانة، الضعيفة؟!.. ومتي كشفت الأحجبة، وفضحت وسوسات خافتة تُعري خفايا الصدور.. وأين رُفعت، وأُمرت.. وكيف تمكن فينا، وترهقنا برهبتك؟!». ثم أنه بات معلوما لدينا بالغيب، والتفرس، والسند، أن حيلك باتت بالية، وأن عقل إبن آدم صار أشر، وأشرس من وحيك، وأفكارك، وبيننا فروق أنت تعرفها.. ..ومبلغ الذل في سؤالك الأخير، لماذا يدلل الإله صلصالاً عاجزا، ولمَ سمَّاك الرجيم؟! وإجابته حاضرة، ولكن انتبه يا ونوس، فإن صارحتك بها ستحرق مئات من أقرانك، يتلصصون علي حروفي الآن في الخفاء، ويختلسون بصات ذليلة تستجدي أصابعي، التريث في الكتابة.. أسمع همهماتهم الآن، وأضحك، والله أعلم يا ونوس بما خفيت. ها ها ها ها.. أنا أذكي يا ونوس، أنا أبهي، أنا أرقي، أنا أنقي.. أنا أكثر منكم زهاءً، ودهاءً، وزهوا. « والآن.. اكفر بما شئت، وزَين لي كل زينات الهوي. العنّي في الخفاء، أو تذلل بالدموع في العلن. تقرب بقرابينك كلها ما استطعت، حتي وإن علمتني ما يُفرق بين المرء وزوجه.. لكنك لن تنَزّل مَنزلتي لدي صاحب عرش السماء السابعة، قضيتك محسومة يا رفيقي، وحُكمك صادر في لوحِ محفوظ.. أزمتك يا وَنوس مع الإله.. وقد عصيتَ». وعنك يا شادي، يا كبير أبالسة الفخراني الأعظم، يا صاحب «دهشة» عامي الماضي، فقد أمرنا نحن.. بإحالة كادراتك إلي دانتي، وكوميديته الإلهية، ومشاهده للجحيم، وتصويره لخزنة أسفل سافلين، وموسيقي أعتقدها من أوبرا ألمانية لكارمينا بورانا أحياناً، رنحتني بين التدين، وأغاني السكاري. وسمعتها روحانيات جنائزية وجلة، مطمئنة أحياناً من مكتبة فانجليس صاحب «فتح الجنة». فليحاكموك جميعهم.. وليمنحوك حكماً عادلاً ب «الفن» مدي الحياة. وفي شأنك يا عبد الرحيم كمال، يوم من الأيام القريبة، ستكتب أسطورة أظنها ستجابه روايات عالمية مهمة، تُحسن صُنع الاقتباس منها، وعلي وعد بانتظارك العام القادم، ذلك إذا نجحت وأقنعت وَنوس بك. ومُصيبتي يا فخراني فيك.. وأنت أيها «الفخراني الأكبر»، فأنا من مجاذيب فوضوا أمرهم للإله في فنونك ومكرها.. أو لعلي إن فوضت الأمر هذه المرة، أحلته برمته إلي الألماني جوتة، مبدع أسطورة مسرحية فاوست، أو ربما إلي الشيطان نفسه «مفستوفيليس»، فليقارعاك الحجة، الدهاء بالحيلة.. والإثم بالمعصية، وليبقَ بينكما ثأر بثأر.. أما أنا فأشهدك أني قد غفرت لك!