الولايات المتحدة لتفكير كبير حول كيف سوف تقود الجهود العالمية لتوجيه المساعدات أكثر نحو مصر، في حين تضغط علي حكومتها لدفع اﻹصلاحات الاقتصادية إلي الأمام» السيناتور ليندسي جراهام رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس بعد زيارته الأخيرة لمصر. بدأت ملامح عودة الدفء للعلاقات المصرية الأمريكية منذ حوالي عشرة أشهر وتحديداً في أغسطس 2015، وذلك مع استئناف الحوار الاستراتيجي المصري الأمريكي علي مستوي وزراء الخارجية بين مصر وأمريكا لأول مرة منذ عام 2009، وحتي زيارات وفود الكونجرس الأمريكي الأخير لمصر خلال هذا العام.. إلا أن البرود الحقيقي للعلاقات ظهر وتزايد بقوة منذ يونيو 2013 ومع قيام ثورة 30 يونيو والإطاحة بمرسي.. وقد بدأت عودة دفء العلاقات تحديداً بناءً علي قرار إدارة أوباما الصادر في مارس 2015 برفع الحظر المفروض علي الأسلحة والتي كان يفترض تسليمها لمصر في عام 2014.. واليوم بوصول أول دفعة من المركبات الأمريكية المقاومة للألغام والكمائن (MRAP) تطور أمريكا مساعداتها العسكرية لمصر لمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في المنطقة. أما علي المستوي السياسي فقد ألغت أمريكا بند المعونة المُخصص للجمعيات الأهلية الداعية للديمقراطية، وضمت مخصصاته لبنود مكافحة الإرهاب والسياحة والصحة والتعليم والبنية التحتية، وطبقاً لما تحدده مصر.. والسؤال الآن لماذا هذا التحول الأمريكي المهم في علاقاتها مع مصر؟ وجب أولاً التعرض إلي أيديولوجيات السياسة الأمريكية والتي وضحها «أوباما» خلال حواره الصحفي مع الصحفي الأمريكي «كولين دويك» والتي وضعها الأخير في كتابه بعنوان «عقيدة أوباما». أولاً: الإنعزالية: وهي الأسوأ والأكثر استبعاداً من وجهة نظر أوباما، فالعالم يضيق بطريقة غير مسبوقة والانسحاب غير ممكن. ثانياً: التدخل الليبرالي: وتنتهج فكرة التدخل سواء السياسي والاقتصادي وأحياناً العسكري لإسقاط ما يعتبرونه (حكومات رديئة) لمنح الحريات لشعوب تلك الدول، كما حدث في العراق وأفغانستان وغيرهما.. وهي سياسة مكلفة للغاية لمنهجيها سواء في الأموال والأرواح بل وتعمل علي تآكل شعبية حكوماتها.. ومن أكثر الدول انتهاجاً لتلك السياسة أمريكا في عهد جورج بوش وبريطانيا في عهد توني بلير، وأهم أدواتها العسكرية حلف الناتو ومحاولة إشراك قوة الاتحاد الأوروبي حديثة التشكيل كأداة موازية. ثالثا: العالمية: وهي سياسة عظمي قد لا تتنافر مع (التدخل الليبرالي) تنتهجها الأنظمة السياسية ذات التوجه العولمي الرامي للتطبيع الدولي.. وأكبر عائق قد يقابلها هو اختلاف الثقافات بين الشعوب رغم تكرار محاولات استيعابها.. وقد حاولت إدارة أوباما مع بدء فترته الرئاسية الأولي وديفيد كاميرون البريطاني والاتحاد الأوروبي حالياً انتهاج (العالمية)، بل حولوا (الناتو) من أداة للعنف العسكري للنهج (التدخلي الليبرالي) إلي أداة تواصل لنهج (العالمية). رابعاً: الواقعية: وهي السياسة السائدة الآن بين القوي العظمي والقوي الإقليمية وقد تتنافر مع (التدخل الليبرالي)، حيث تعتمد السياسة (الواقعية) علي التفكير ليس فقط من زاوية منتهجيها ولكن من كافة زوايا الأطراف الأخري، في محاولة للتفاعل مع إرادات دول الاهتمام واحترام ثقافاتهم وإراداتهم دون تدخل سياسي أو عسكري حاسم قد تتسبب تداعياته في أزمات تجر لما هو أسوأ.. وهو ما انتهجه أوباما قبل منتصف فترة رئاسته الثانية ووضحت ملامحها في أغسطس 2013 بعد إعلانه قرار إدارته صراحة بعدم التدخل لإسقاط «الأسد» رغم استخدامه الأسلحة الكيميائية ضد معارضيه واعتراض كل من «سوزان رايس» مستشارة الأمن القومي الأمريكي و»سامنتا باور» أحد أكبر مستشاري أوباما والرئيس الحالي للبعثة الأمريكية الدائمة بالأمم المتحدة. التحول الأمريكي ليس حباً في مصر إنما هو تجاوب مع أمر واقع كان ضمن سيناريوهات أمريكية محتملة وبما يضمن تأمين مصالحها ويحقق أهدافها.. فأمريكا بين ناري التوقف عن كونها شرطي العالم وما كلفها من أرواح وأموال، وبين ترك مناطق الصراع دون حل حاسم والذي سيزيد من وطئة الإرهاب وبما يضر بمصالح أمريكا والغرب بشكل مباشر. وتشير تقارير دولية أن بعض سيناريوهات قيادة الناتو تفترض احتمال اضطرارهم الجلوس أمام البغدادي علي مائدة مفاوضات بصفته ممثلاً لدولة أو دول إسلامية في بقع تتجاوز الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يتطلب تركيز كافة الجهود الدولية لعدم تحقيق ذلك.. ولمنع الإرهاب عن دول شمال المتوسط فبجانب العراق والشام قد تبدأ مقاومته الحقيقية من مصر شرقاً ومن تونس والجزائر غرباً لمحاصرته والقضاء عليه في سيناء وليبيا. «تحتاج