لم اتشرف بالمشاركة في حرب اكتوبر.ولكني شاركت في مظاهرات الطلاب التي تنادي السادات بالثأر من اسرائيل. وحضرت أول لقاء صحفي للسادات في غرفة العمليات العسكرية التي ادار منها حرب اكتوبر. حيث كنت محررا عسكريا لجريدة العمال. وكنت بصحبة عمالقة الصحافة المصرية آنذاك. وعندما التحقت بالقوات المسلحة ضابطا في الاحتياط شعرت بحجم ما تم في اكتوبر. وما قدمه الشعب المصري والامة العربية لاعادة الروح لهذه الامة بعدما تمكنت منها اسرائيل وحاولت الاذلال الا ان روح اكتوبر كانت اكبر من اسرائيل ومن وراءها. وتعلمت روح القيادة والعزة والكبرياء والكرامة من قائد اللواء الذي خدمت به في الجيش الثاني الميداني. العميد محمد ابراهيم عبد الغني والذي كان مديرا لعمليات الجيش الثالث الميداني اثناء حرب اكتوبر. وتتلمذت علي يديه في السعي وراء الحق مهما كان الثمن. فشاهدته يترك الخدمة بعد كل هذا التاريخ العسكري المشرف لشعوره بالاهانه من قائد الجيش الثاني وقتها. ودارت الايام فقابلته في دبي يلقي محاضرة عن حرب اكتوبر وكان مستشارا عسكريا للشيخ محمد بن راشد نائب رئيس الامارات حاليا. كما تقابلت مع اطيب سوداني قابلته في حياتي العقيد محمد عبد الحميد فرج الله رئيس اركان اللواءالذي خدمت به. ولم اكن اعلم ان الاشقاء السودانيين كان لهم الحق في العمل في قواتنا المسلحة. ولكني علمت انه يرحمه الله من ابطال اكتوبر. واحببت السودانيين منذ عرفت ذلك الرجل. بل ازدادت محبتي عندما سمعت د. مصطفي عثمان اسماعيل مستشار الرئيس السوداني ووزير الخارجية السابق يتحدث عن حرب اكتوبر وشقيقه الضابط الذي استشهد مع اشقائه في الجيش المصري. وسمعت كثيرا عن بطولات الاشقاء العرب الذين شاركونا معارك العزة والكرامة في اكتوبر. وقصص الشهداء والابطال العرب في هذه الملحمة لا تنتهي ولا تتعجب عندما تسمع بطولات اللواء اليرموك الكويتي الذي شارك في اكتوبر ويونيو 76 .اما بطولات الجزائر والمغرب واختلاط الدم الجزائري والمغربي والليبي مع الدم المصري لم يكن الا سلسلة من النخوة العربية والاصالة. بجانب ما قامت به القوات العراقية ودورها النضالي في دعم صمود الجبهة المصرية ثم انتقالها لحماية الجبهة السورية كان شهادة زمن للدور العراقي الكبير وتتويجا لدور العراق التاريخي في حماية البوابة الشرقية للعرب علي مدار التاريخ. ولاشك ان روح اكتوبر قد عكست التلاحم العربي بجدارة وامتياز. واخرجت لمصر رجالا ابطالا يستحقون ان تظل اسماؤهم محفورة في العقول والقلوب بحروف من نور. كما اخرجت لنا ايضا رجالا منهم من يلقي الجزاء في طره ومنهم من يفسد الحياة في جميع ربوع المحروسة. ولكن ستظل روح اكتوبر الطاهرة هي الاقوي والابقي. وستذهب روح الفسده والمفسدين الي مزبلة التاريخ حيث لا يذكرون الا بما فعلوا واساءوا لأنفسهم وبلادهم. وما احوجنا للروح القتالية الاكتوبرية. ولا شك ان روح اكتوبر الصالحة قد اخرجت لنا شبابا صنعوا روح ثورة يناير. وفتحوا الطريق امام الشعب للتطهر من الفسدة والمفسدين. وأنارت لنا هذه الروح الطيبة الطريق بأنوار الامل. وفتحت كل الدورب لصناعة مستقبل لهذه الامة. واسست لفتح كل طاقات الحياة والحرية لاعداد مصر لتكون كما احببنا ان نراها ونحن صغاراً. ونتمني ان تتحقق الامال قبل ان نرحل ونتركها لجيل المستقبل. وان تكون بلدا امانا كما دعا لها الرحمن بالامن والامان. انها مصرنا المحروسة التي نرجوا أن تظلها وتحتويها روح اكتوبر ويناير لنري مستقبلها كما نحب ان يكون.