نعم للتصحيح.. لا للتحقير ولا للاستعباد تصحيح مسار الصحافة القومية، يستحوذ علي اهتمام الشارع المصري بصفة عامة ويشغل الصحفيين بوجه خاص، ويزيدهم هما وأرقا تأخر وتباطؤ تفعيل آليات تحقيق العدالة الاجتماعية بين العاملين في مؤسساتهم القومية، مما يستمر معه خلل التفاوت الكبير في الأجور والدخول بين رأس قيادات المؤسسات بما ينعمون، وغيرهم من باقي العاملين علي اختلافهم ممن يعانون الأزمات الطاحنة وتدني دخولهم! وإذا كانت تلك هي الحقيقة المرة لأحوال العاملين بالمؤسسات الصحفية القومية، فإنه هناك ما يزيد الطين بلة، من عجب حيث نجد بعض القيادات الجديدة لتلك المؤسسات، وقد أسرعوا بتعديل رواتبهم، ليضاعفوها ثلاثا أو أكثر لتماثل رواتب أقرانهم ممن سبقوهم ، وليس ذلك فقط، بل انشغلوا في تدبير أمورهم لفرض سطوتهم علي الشركات الاستثمارية التابعة لتلك المؤسسات في عجالة، حتي يتمكنوا من الاستحواذ علي بقية المميزات التي كانت لأمثالهم.. وهنا يفرض تساؤل مهم نفسه علي مشهد الأزمة المالية والإدارية لتلك المؤسسات القومية، ونجد أنفسنا في مواجهة استفسار يبحث عن إجابة لدي مجلس الشوري ولجنة الثقافة والإعلام والمجلس الأعلي للصحافة: هل يحق لأي رئيس مجلس إدارة لمؤسسة صحفية قومية رئاسة مجلس إدارة أكثر من شركة استثمارية لها صلة وثيقة بذات المؤسسة الصحفية، وكذلك رئاسة مجلس إدارة المؤسسة التعليمية المرتبطة بها أيضا، والحصول علي عوائد مالية منها سواء كانت أجورا أو حوافز أو مكافآت أو أرباحا أو امتيازات، كل ذلك إضافة لما له من كل تلك البنود المالية والعينية والتي يحصل عليها لكونه رئيسا لمجلس إدارة المؤسسة الصحفية القومية؟!.. وبالله عليكم يا من ائتمنكم شعب مصر العظيم علي رعاية شئون مقدرات صحافته القومية، أجيبونا عن حقيقة القدرات الفائقة التي منحها الله لهؤلاء من رؤساء مجلس إدارة تلك المؤسسات الصحفية القومية دون غيرهم، لتمكنهم من أداء مهامهم كرؤساء لمجلس إدارة تلك المؤسسات الصحفية - وهي مهام جسام تحتاج جهدا عظيما للخروج من مأزق الأزمة التي تعانيها - إضافة إلي مهامهم كأعضاء بالمجلس الأعلي للصحافة، وما يزيد لبعضهم من مهام قيادية نقابية، ويزاد علي ذلك - في نفس الوقت - أعباء ما لم نعلم؟!.. وكيف تكون لهم الإدارة السليمة؟!، وكيف يكون لهم الوقت لملاحقة أعباء مهام كل منصب؟!، وكيف لهم برعاية مصالح وحل مشاكل العاملين، وهي كثيرة؟! أليس ما يحدث الآن في المؤسسات الصحفية القومية يشكل عبثا إداريا يزيد من أزماتها تفاقما، لتتعثر معه عملية تصحيح مساراتها، وخاصة أن سمة ما يطفو علي السطح ينذر باستمرار ما هو قائم من قبل كاضطراب وتضليل إداري كان نتاجه ما آلت إليه أحوال الصحف القومية من تردٍ لأوضاعها المالية والإدارية.. وهو ما يحتم علي مجلس الشوري ومؤسساته الراعية لشئون الصحافة القومية وضع آليات عاجلة للفصل بين منصب رئيس مجلس إدارة المؤسسة الصحفية، ليتفرغ - بكامل طاقته ووقته - للعمل علي إدارة شئون المؤسسة الصحفية، من أجل النهوض بها والخروج من عثرتها.. وتعيين رؤساء مجالس إدارات آخرين من أبناء ذات المؤسسات الصحفية لإدارة مالها من شركات ومؤسسات أخري، وتحويلها إلي وحدات اقتصادية مستقلة، والعمل علي تضمينها صيغة مالية واضحة تحدد العلاقة بين تلك المتفرقات.. ذلك إذا أردنا إصلاحا حقيقيا للمؤسسات الصحفية القومية. وشي لي أحد الخبثاء من زملائنا الأعزاء الصحفيين، بأن توصية هيئة مكتب المجلس الأعلي للصحافة - الأسبوع الماضي - لرؤساء مجلس إدارات الصحف القومية بعدم المد بعد سن الستين سواء للصحفيين أو الإداريين أو العمال، وكذلك وقف الامتيازات المخصصة لرؤساء مجالس الإدارات ورؤساء التحرير السابقين ورد ما حصلوا عليه من قبل بدون وجه حق.. ما هي إلا محاولة من بعض رؤساء مجالس الإدارات الجدد نحو إبعاد الأنظار عنهم حتي تكتمل لهم السيطرة علي تلابيب الأمور مما كانت لمن قبلهم، لتظل غيبة العدالة الاجتماعية، ولنتفق جميعا علي إعلاء شعار: "نعم للتصحيح.. ولا للتحقير، ولا للاستعباد"، وخاصة أنه تردد أن نقابة الصحفيين تعد مشروعا بقانون لزيادة سن معاش الصحفي إلي 65 سنة، يكون بعدها المد سنة بسنة، كما هو الحال الآن.. وتحيا مصر.