وسط حرب أهلية تمزق أوصال الدولة السورية وغموض مصير وحدة التراب السوري مع تكالب كافة القوي الدولية للعب أدوار مختلفة كل حسب مصالحه وقوة تأثيره، وانشغال عربي عن الدفاع عنها، دان إقليم الجولان المحتل لنتانياهو وبات مقتنعاً بأن الظروف الدولية صارت سانحة وأن الرياح تساعده علي فرض اعتراف دولي باحتلال إسرائيل لها. في مستهل لقائه الأخير مع الرئيس ڤلاديمير پوتين في موسكو قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو لمضيفه الروسي إن لإسرائيل خطوطاً حمراء تتعلق بأمنها وأن الجولان خط أحمر وأن تلك المرتفعات ينبغي أن تبقي في يد اسرائيل حتي تضمن عدم وصول السلاح المتقدم من إيرانوسوريا إلي حزب الله. أعلنها نتانياهو صراحة في وجه پوتين، أن اسرائيل لن تنسحب من الجولان سواء باتفاق وبدونه. وينقل موقع «عنيان مركازي» الإخباري العبري أن پوتين «همهم» متفهماً الموقف الإسرائيلي. هذه ليست المرة الأولي التي يسمع فيها پوتين بنفسه ومباشرة حكاية أن الجولان خط أحمر بالنسبة لإسرائيل. ففي الزيارة الأخيرة الطارئة التي قام بها رئيس الاحتلال رؤوفين ريفلين لموسكو تمهيداً لزيارة نتانياهو عرض ريفلين بدوره الخطوط الحمراء التي لا تقبل تل أبيب المساس بها، وعلي رأس هذه الخطوط الحمراء كانت الجولان السورية المحتلة كما إن هذه ليست المرة الأولي التي يردد فيها نتانياهو مزاعمه حول الجولان ففي بداية أسبوع زيارته لموسكو قام بزيارة الجولان المحتلة ومن هناك ووسط جنوده أعلن انه ينبغي علي المجتمع الدولي أن يعترف بأن الجولان جزء لا يتجزأ من الأراضي الإسرائيلية. وقبلها بأسبوعين زار المنطقة ومن هناك أطلق تصريحاً أثار الصحافة العبرية حين اعترف بأن اسرائيل قصفت سوريا عدة مرات أثناء القتال الدائر هناك وفي جهات مختلفة الأمر الذي علق عليه شموئيل مئير في هاآرتس بأنه ليس زلة لسان لكنه إظهار للقوة وبأن سوريا بأكملها تقع في مرمي النفوذ الإسرائيلي لايمكن إذاً النظر بعفوية واستهتار لتصريحات نتانياهو فالمتابع لها ولتصرفاته يدرك انه يخطط منذ فترة لتمهيد العالم لخطوته التالية وهي «»أسرلة» الجولان والحصول علي اعتراف دولي باحتلال إسرائيل لها، وقبل بضعة أسابيع قام بالاحتفال بعيد زواجه في الجولان مصطحباً زوجته وحرص علي التقاط الصور التذكارية في الأماكن الأثرية الشهيرة هناك. أما ما يلفت النظر حقاً هو تباين ردود الأفعال الدولية والعربية تجاه سعي الدولة العبرية لتقنين احتلالها للجولان. وبينما بدا أن ثمة تفهماً روسياً أو ما يمكن وصفه بالقبول الصامت لتقنين احتلال اسرائيل للجولان عند رسم الخريطة النهائية، كان الموقفان الألماني والأمريكي هما الأكثر إثارة باعتبارهما العاصمتين الأقرب لإسرائيل مقارنة بموسكو، فقد سارعت كل من برلين وواشنطن بإبداء تحفظاتهما علي تصريحات نتانياهو مؤكدتين علي انهما تعتبران الجولان أرضاً محتلة وأن مصيرها يتحدد عبر التفاوض ومن هنا جاءت عبارته مع پوتين « بمفاوضات أو بدونها». في المقابل عقدت جامعة الدول العربية اجتماعاً طارئاً لكنه متواضع علي مستوي المندوبين الدائمين أدانت فيه المحاولات الإسرائيلية لتغيير الوضع القانوني والديمجرافي للجولان، ودعت الأممالمتحدة للضغط علي إسرائيل كي تنفذ قرارات مجلس الأمن التي تدعوها للانسحاب من كل الأراضي التي احتلتها عام 1967. وهو ما يجعل الجولان بالفعل أرضاً بلا صاحب.