«أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها» لا أدعي أني خريج الأزهر الشريف.. ولا أدعي اني أزهري.. إنما ما اكتبه ما هو الا اجتهاد مني وصلت إليه من كثرة قراءتي للقرآن الكريم ومحاولة تدبر آياته «أفلا يتدبرون القرآن أم علي قلوب أقفالها». لقد أنزل الله الكتاب عربيا مشتملا علي ألوان المعارف والقصص والأمثال والحكم والتشريع وعجائب الكون وأخبار القيامة والبعث والحشر والنشر ويسر الله تلاوته وقراءته وحفظه وفهمه والاتعاظ به فهل من متدبر متأمل فيه متعظ بما فيه من المواعظ والأخبار.. واذا نظرنا وتمعنا فيما وضعه الله لنا من حدود وأحكام سنجد انها بسيطة وميسرة منها علي سبيل المثال غض البصر وحفظ الفروج والبعد عن الزنا وأمربصلة الأرحام وبر الوالدين وإكرام الجار ورعاية اليتامي والمساكين والفقراء ونهي عن الرشوة وأكل اموال الناس بالبطال فهل هذا كثير لكي يجد الانسان الله ومن وجد الله وجد كل شيء ومن فقد الله فقد كل شيء.. لقد اخترت من القرآن بعض السور التي بدأت ببعض الحروف مثل ألف ولام وميم ومنها سور تبدأ بحرف واحد مثل «ص والقرآن ذي الذكر» ومنها من بدأ ب «ق والقرآن المجيد» أو «ن والقلم وما يسطرون» ومنها ما يبدأ بحرفين مثل «طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقي» أو «يس والقرآن الحكيم» و«حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم» ومن السور ما يبدأ بثلاثة أحرف مثل طسم والر والم ومن السور ما بدئ بأربعة أحرف مثل «المص» ومنها ما بدئ بخمسة أحرف مثل «كهيعص» و«حم عسق» هذه الحروف ليس لها معان معروفة ولم يرد عن النبي صلي الله عليه وسلم أن بين لنا ما يراه بهذه الحروف غير أن السلف الصالح قد تناول هذه الاحرف بأراء متعددة ومعان متعددة وهذه الأراء علي كثرتها ترجع إلي رأيين إثنين احدهما أنها جميعا مما استأثر الله به علمه ولايعلم معناها أحد سواه وهذا رأي كثير من الصحابة وثانيهما أن لها معني. وقد ذهبوا في معناها مذاهب شتي ويقول الدكتور عبدالله شحاتة في كتابه تفسير القرآن الكريم ان من هذه الاراء ان هذه الحروف عبارة عن رموز لبعض اسماء الله تعالي وصفاته فنسب إلي ابن عباس في «كهيعص» ان الكاف من الملك والهاء من الله والياء من العزيز والصاد من المصور ونسب إليها ايضا أنها اشارة إلي كاف هاد أمين عالم صادق ومنها ما قيل ان «الر» إلي معني ان الله أرفع ومنهم من قال إنها قسم أقسم الله به لبيان شرف هذه الحروف وفضلها ومنهم من قال ان المقصود منها هو تنبيه السامعين وايقاظهم ومنهم من قال ان المقصود منها استدراج النفوس إلي الاستماع للقرآن والانصات اليه فقد كان العرب يتواصون بعدم الاستماع إلي القرآن فلما سمعوا هذه الحروف انصتوا إليها ثم استمعوا إلي ما بعدها ومنهم من ذهب إلي ان هذه الحروف ذكرت للتحدي وبيان إعجاز القرآن وأن الخلق عاجزون عن الإتيان بمثل القرآن مع أنه مركب من هذه الحروف وهذا دليل علي انه ليس من صنع البشر بل تنزيل من الله. وقد لاحظ أصحاب هذا الرأي أن فواتح السور مكونة في جملتها من 14 حرفا هي نصف حروف الهجاء كما حوت نصف الحروف المهموسة ونصف الحروف المجهورة ونصف الحروف الشديدة ونصف الرخوة ويؤيد رأي هؤلاء ان السورة التي بدئت بحروف الهجاء تتحدث في الاعم الاغلب عن نزول القرآن وإعجازه ونستطيع ان نقول ان هذه الحروف اشارة إلي اسماء الله تعالي أو صفاته وكل ما ذكره العلماء اجتهادمحمود لادراك اسرارها وحكمة الابتداء بها. وفي المقال التالي نبدأ سلسلة رسائل من الله اخترتها باجتهادي من القرآن الكريم إذا كان في العمر بقية.