ليس من المبالغة في شيء القول بأنه لا وجود علي أرض الواقع لمن يعتقد، بأن المصادفة هي السبب وراء ما نراه جاريا من أحداث عنف واضطرابات وقلاقل، بل وفوضي، في اجزاء كثيرة من عالمنا العربي هذه الأيام، ومانشاهده ونعايشه من صراعات محتدمة وصدامات قائمة بطول وعرض الخريطة العربية. واحسب ان الكل يري بوضوح الآن، ان ما جري ويجري علي الساحة العربية ليس وليد اليوم أو الأمس القريب، بل هو نتاج مخطط متكامل يتم تنفيذه منذ سنوات بدأت ارهاصاته قبل الغزو الامريكي للعراق ثم اكتملت صفوفه وملامحه بعد الغزو والاحتلال، الذي كان بمثابة طلقة البداية لتنفيذ المخطط. وأعتقد ان هذا المخطط ما كان يمكن له ان ينجح في اهدافه، لولا وجود وتوافر المناخ المساعد علي ذلك داخل الدول العربية ذاتها، نتيجة غيبة الديمقراطية وحقوق الانسان وسيادة القانون والعدالة الاجتماعية، وهو ما دفع بالشعوب لرفض ما هو قائم والانجراف وراء طلب التغيير، حتي ولو كانت الصورة ليست علي قدر كاف من الوضوح والتحديد، وهو ما فتح الباب واسعا أمام التدخل لقوي كثيرة داخلية وخارجية للعب والتأثير لتحقيق غاياتها ومصالحها. وفي هذا الاطار بدأت خطوات تغيير الخريطة العربية القائمة، بإشاعة الفوضي في أرجاء عالمنا العربي، واشعال نار الفتن الطائفية في دوله وبين مواطنيه، وتأجيج الخلافات والصدامات بين دوله وشعوبه،، فكان ما كان في سوريا وليبيا واليمن من انقسام وقتال وما نراه الآن من دمار وخراب. ولايحتاج الأمر إلي كثير من الجهد أو العناء كي ندرك ان الخاسر الأكبر ممايجري هو الأمة العربية، التي تتفتت وتنقسم وتتحول إلي شظايا بفعل فاعل، وللأسف بأيدي ابنائها الذين سقطوا في الخديعة، وانساقوا دون وعي بعيون مغمضة للتقاتل والقضاء علي بعضهم البعض. وإذا كانت مشيئة الله وإرادة الشعب قد انقذت مصر من السقوط في دائرة الخراب والدمار والتفكك والانهيار، التي كان مخططا لها السقوط فيها مثل اخواتها العربيات، فإن ذلك يفرض علينا اليقظة الدائمة والعمل بكل العزم والقوة علي التمسك بحبل النجاة، ومواجهة كل التحديات بصلابة وإصرار، مؤمنين بالنصر بإذن الله.