ونحن نطالب بحرية التعبير في مصر بعد الثورة، يجب ان ندرك اهمية هذا التعبير عن الرأي بكل صوره واشكاله، في بناء الدولة الديمقراطية التي نسعي اليها، وبناء عليه علينا ادراك اهمية وسائل التعبير وادواته ولغته في تحقيق التواصل بين افراد المجتمع وكل القوي الفاعلة والمؤثرة فيه بما فيها من اجهزة الحكم ووسائل الاعلام والاطراف السياسية والواضح اننا نعاني من اعراض »خيبة« كبيرة في مسألة التعبير تؤدي في معظم الاحيان الي قطع كل خطوط الاتصال وخلق حالة من »سوء التفاهم« المستمر!. ولان احاديث السياسة هي الغالبة الآن علي حوارات المصريين، يمكنك ان تراقب بمنتهي السهولة حجم الانفعالات التي تصاحب اي حوار يجمع فريقا من الناس، وهذا القدر من الاتهامات المسبقة عند اول بادرة اختلاف في الرأي عملا بمبدأ »من ليس معي فهو ضدي« وهو امر لا يقتصر علي العامة ومتواضعي الثقافة فقط، ولكنه ينطبق ايضا علي المثقفين ومدعي الثقافة وحتي المشتغلين بالسياسة والقانون!. في احد البرامج التليفزيونية انفعل ممثل حزب الحرية والعدالة صارخا في وجه نقيب التشكيليين »الاخوان اسيادك« وكأنها خناقة في حارة شعبية!.. بينما نشرت صحيفة يومية علي لسان نقيب المحامين قوله »كسرنا ذراع الشرطة« بعد خلاف عنيف بين المحامين وضباط قسم شرطة مدينة نصر ادي الي اصابات عديدة رغم ان الطرفين المتنازعين يمثلان القانون ويفترض ان يكون الخلاف بينهما اكثر احتراما! اما علي مواقع التواصل الاجتماعي وشبكة الانترنت فإن حملات السب والقذف تطال الجميع بلا استثناء بداية من دكتور محمد البرادعي وحمدين صباحي والمستشارة تهاني الجبالي حتي شيخ الازهر والرئيس محمد مرسي!. اما اسوأ تعبير يمكن تصوره فهو من نصيب قناة فضائية يفخر صاحبها بأنها الاعلي مشاهدة بين القنوات كلها، رغم ان ما يقدمه في القناة التي يملكها لا يجوز ان يطلق عليه اعلاما ولا يحزنون فهو حملات منظمة من الشائعات والشتائم!. ولا يستثني مؤيدي الرئيس وحزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان من صفة اساءة التعبير في الرد علي اي انتقاد او مناقشة حول قرار او تصرف او تصريح يخص احد افراد الحزب او الجماعة، حتي ان احد النشطاء علي الانترنت اقترح اضافة مادة اساسية في التعليم الابتدائي لتعليم فن التعبير والحوار!. قد يكون تنفيذ هذا الاقتراح مهما جدا لإنقاذ الاجيال القادمة من »خيبة« اساءة التعبير، وتعليمها فن الحوار الهادف والاختلاف المفيد وهو المفقود حاليا!.