ولا كل مين قال أنا أخوك بيبقي أخوك فيه ناس كلامهم غنا تآمن لهم.. يسلخوك من أغنيات مسلسل الأيام في قصته الجميلة عن «العسكري الأسود» اللي كان بيعذب المساجين والمعتقلين في الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن اللي فات، بيقول لنا العبقري يوسف إدريس ازاي التعذيب بيشوه نفسية الضحية، وكمان بيشوه نفسية الجلاد، ولما خرج اليساريين من المعتقلات سنة 1964، حلوا - باتفاق مع النظام - تنظيماتهم ودخلوا كأفراد للاتحاد الاشتراكي (الحزب الأوحد للنظام)، ما عدا تنظيمين صغيرين رفضوا الحل، وكنت بانتمي لواحد منهم، كنا شايفين ان النظام - مع عشقنا لعبد الناصر - ما كانش نظام اشتراكي، انما كان رأسمالية دولة، وان من حق الطبقات الشعبية انها تكوّن تنظيماتها المستقلة عن السلطة، وبعد مؤتمر المديرين اللي كلمتكم عنه المرة اللي فاتت، كنا رافعين شعار الديمقراطية هي الحل، ودايرين في الندوات وف مجالات النشر المختلفة نطالب بالديمقراطية. وقررت السلطة تلم شوية العيال المشاغبين دول، وتشوف ايه حكايتهم، فاعتقلونا وخدونا علي سجن مزرعة طرة شوية، وبعدين رحلونا لسجن القلعة، وحبسونا في زنازين انفرادية، عشان يحققوا معانا علي راحتهم، لأن سجن القلعة ده ما كانش تابع لمصلحة السجون اللي بتخضع لرقابة النيابة والقضاء، وكان سجن تابع لأمن الدولة يتصرفوا فيه براحتهم وبدون أي رقابة. وف معتقل القلعة حصلت الحكاية اللي باحكيها لكم دلوقت، كنا محبوسين في زنازين انفرادية مساحة الواحدة منها 11 خطوة x 21 خطوة، وما كانش مسموح لنا نروح لدورة الميه إلا مرتين، مرة ع الصبح، ومرة قبل التمام في آخر النهار، غير كده، في الزنزانة جردل تقضي فيه حاجتك الصغري، وكان فيه باشسجان اسمه عم السيد، كان صوته بيوصل لنا من الركن اللي كان بيقضّي نوبتجيته فيه، كان صوت متهدج وطيب وفيه انكسارة مذلة، وطول الليل عمال يقرا ف أوراد أو يصلي أو غرقان في الأدعية والاستغفار، كان صوته بيقطعّني وهوه بيقول وكأنه بيصرخ أو بيبكي : «يا متجلّي.. إرحم ذلي». وساعات، كانت الحاجة الكبري تلح علي أحد المعتقلين عشان يروح دورة الميه، ويفضل يدق باب الزنزانة، ونسمع صوت فتحي السجان الشاب بيزعّق له :»خبّط للصبح.. شوف مين ح يفتح لك»، وبعد ما يتكرر الدق والزعيق كام مرة، نسمع صوت عم السيد من ركنه وهوه بيقول له :»افتح له يا فتحي، ربنا يا اخويا ما يرمي مؤمن في ضيقة»، وبعد أخد ورد بينه وبين فتحي، نسمع باب الزنزانة بينفتح وفتحي بيقول بقرف : «ياللا يا معتقل ياللا..جاتكوا القرف». والمدهش والعجيب، انه في ساعات النهار، وأثناء التحقيق والضرب والتعذيب، كان عم السيد الطيب شيخ السجادة الحنيّن ده، بيبقي وحش كاسر، وبنلاقيه أنشط من بقية السجانة في الضرب والتعذيب، وكأنه في النهار بني آدم تاني خالص غير اللي بنسمع صوته الطيب المنكسر علي سجادته، وكنت ساعات كتير اسأل نفسي هوه عم السيد ده بيضرب بذمة كده ليه ؟ وازاي الراجل الطيب ده يتحول وحش كاسر بيستلذ من ضرب المعتقلين، ويتفنن في الأذي، وكأنه غية ومزاج، وساعات كنت اقول لنفسي :»يمكن ده من شدة إيمانه لأن الحديث الشريف بيقول لنا :»ان الله يحب اذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه «، وساعات كنت أقول لنفسي انه غالبا بيعمل كده لأنه موظف وان العملية بتتم أدام وباشراف الظباط، ولازم يوريهم انه شغال تمام وميه ميه «، وساعات تانية كنت أقول لنفسي :أكيد شغل الأذي والافترا بالنهار بيملاه باحساس بالذنب، وبيحاول التكفير عنه بالليل بالصلا والدعا «، وده يرجعنا تاني لحكاية العسكري الأسود، ويفهمنا ان التعذيب زي ما بيشوه نفسية الضحية بيشوه نفسية الجلاد، وعلي رأي عمنا الكبير صلاح جاهين : في كل يوم.. أسمع فلان عذّبوه أسرح في بغداد والجزاير.. واتوه ما اعجبش م اللي يطيق بجسمه العذاب واعجب م اللي يطيق يضرب أخوه عجبي فوضي الألقاب كل ما اشوف مواطن بيقول لعسكري: يا حصُّول (يا حضرة الصول)، أو كل ما اسمع ظابط صغير بيقول عن قيادته المباشرة : الباشا (حتي لو الباشا ده رائد أو مقدم)، أو كل ما تقدم لنا شاشات التليفزيون بعض ضيوفها علي انه المفكر الكبير أو الخبير الخطير، أو المستشار الجليل وهو محامي قضي في سلك النيابة أو القضاء كام سنة ف أول حياته العملية، وطلع قبل ما يبقي مستشار، كل ما اشوف فوضي الألقاب في بلدنا، افتكر حكاية مؤلمة حصلت في اربعينيات القرن اللي فات، والحكاية علي ما فيها من درس موجع، بتقول لنا كنا فين وبقينا فين ! صدر كتاب جميل في الاربعينيات عن توفيق الحكيم، كتبه مثقف رائع اسمه اسماعيل أدهم، كان الكتاب بيدرس وبيحلل أدب توفيق الحكيم، بعيون باحث متمرس واسع الثقافة والمعرفة، وصاحب ذائقة أدبية مرهفة، وبرغم ان الكتاب كان تحفة أدبية، إلا أن مؤلف الكتاب ارتكب غلطة قاتلة، دفع ثمنها حياته، والغلطة انه كان مثقف عصامي، لكن كتب اسمه علي الغلاف : الدكتور اسماعيل أدهم، ماجستيراه في كذا من جامعة كذا كذا، ودكتوراه في الآداب من جامعة المش عارف ايه، كلمتين تلاتة لا يودوا ولا يجبيوا، ولا يضيفوا للكتاب أي إضافة، لكن تقول ايه بقي، وغلطة الشاطر بألف، واستلمه بعض خصومه من كتاب الزمان ده، اللي كانوا بالتأكيد أقل منه موهبة وثقافة، وداروا يفضحوه في العديد من المقالات وف قهاوي ومنتديات المثقفين في الاسكندرية، وده لا دكتور ولا حاجة، ولا ماجستيراه ولا دكتوراه، وحاصرته الفضيحة من كل جانب، ما كانش أدامه غير الانتحار، وخسرت الحياه الأدبية، كاتب كان كتابه عن توفيق الحكيم، بشارة بكاتب متميز وموهبة متفردة، ويبدو ان ناس زمان كانوا واخدين الدنيا بجد، وما يسكتوش ع الغلط، ويبدو كمان ان كتاب زمان كانوا واخدين نفسهم جد، ومابيسمحوش لنفسهم بالغلط، واللي كان يغلط منهم ينكسف علي دمه، وتتساوي في عينيه الحياه والموت، ويقول : يا أرض انشقّي وابلعيني. جاهين.. وعبد الناصر أجمل أغاني أعياد الثورة أيام عبد الناصر، كان اللي بيكتب أشعارها صلاح جاهين، واللي بيلحنها كمال الطويل، وبعد حفلة من حفلات عيد الثورة استدعي عبد الناصر صلاح وكمال وقابلهم، وبعد اللقاء رحنا - احنا اولاد جاهين وتلاميذه ومريديه - نسأله قال ايه لجمال وجمال قال له إيه ؟!، وحكي لنا عمنا الكبير، إن عبد الناصر قال له انه بيحبه ويبقدّره، وسأله يقدر يكافئه بايه وايه طلباته ؟، وطبعا سألناه : وقلت له ايه يا أستاذنا ؟ وطلبت ايه ؟، وابتسم صلاح وهوه بيقول لنا بخجل :»انا طبعا نفسي يبقي فيه مسرح شعري وغنائي اقدم فيه أعمالي واعمالكو، وابقي انا المسئول عنه زي ما برتولت بريخت كان مسئول عن مسرح البرلينر إنسامبل في ألمانيا الديمقراطية !، قلت له كده ووعدني ان شالله خير»، بعد المقابلة دي بشوية بدأت الأحداث تتصاعد، والأزمات تحتدم، لغاية ما حلت النكسة، وخدت في رجليها أحلام صلاح جاهين وأحلام جيلنا كله، وراح عبد الناصر وزمن عبد الناصر. واليومين دول لما بنشوف سلطات الاعلام والتوجيه بتتبني مين من الفنانين، باقول في عقل بالي : يااااااه !! هوه احنا وصلنا للدرجة دي من التدني والهبوط !!! عتاب ولاد البلد بيقولوا : العتاب علي أد المحبة، وانا من محبتي للبلد دي وناسها وللرياسة اللي الشعب اختارها بأغلبية غير مسبوقة، عايز أتوجه بالعتاب لمقام الرياسة، وللاعلام. والعتاب - أولا وبحسب المعزة - لمقام الرياسة، من كام يوم تم افتتاح معرض القاهرة للكتاب، وشعاره المعلن : الكتاب في المواجهة، يعني الكتاب هو خط الدفاع الأول في مواجهة الإرهاب والفكر التكفيري، ولازم زي ما بنواجه السلاح الإرهابي بالسلاح لحد ما ح نقضي عليه بإذن الله، لازم كمان نجفف منابع الإرهاب بمواجهة الفكر التكفيري بفكر تنويري، والمثقفين اتعودوا من أيام الدكتور سمير سرحان - رحمه الله - ان رئيس الجمهورية بيفتتح معرض الكتاب السنوي، حتي ف أيام مبارك اللي ماكانلوش علاقة بالفكر والثقافة، والسنة دي - علي غير العادة - تم افتتاح معرض الكتاب بدون حضور الرئيس ولقائه السنوي مع المثقفين، ودي مسألة أثارت دهشة كثير من المثقفين وأنا منهم، ولا أظن أن الأسباب الأمنية هي السبب، وأرجو ان ما يكونش السبب هو عدم الاهتمام بالثقافة والمثقفين، علي أساس انهم شوية ناس حنجراوية غاويين كلام، واحنا ف وقت العمل، ما احناش في وقت كلام، والحقيقة ان العمل بدون فكر ينور الطريق ممكن يوصلنا لسكة اللي يروح ما يرجعش. والعتاب - ثانيا - لاعلامنا اللي كل شوية نلاقي مقدم برامج فيه طالب الرياسة علي التليفون، ونسمع الريس - شخصيا - بيرد ع التليفون، وبياخد ويدي مع المقدم في موضوعات ما يليقش نشغل وقت الرياسة بيها، في وسط التهديدات والمخاطر اللي بتحاصرنا من كل الاتجاهات، من جوه ومن برة. أوراق قديمة زمان سنة 1999، جاني مسلسل اسمه «افتح قلبك» عن قصة للراحل عبد الوهاب مطاوع كتب لها السيناريو والحوار فريد عبد الحميد، وأخرجه الفنان محمد حلمي، وكتبت للمسلسل غنوة مقدمة وغنوة نهاية، لحنهم الفنان فاروق الشرنوبي وغناهم ابننا السكندري المهاجر لأمريكا أحمد جمال، ودي م الأغاني اللي كل ما احس بريحة الاحباط أو اليأس داخلة عليا، ألاقيني باراجعها مع نفسي، لأني اتعلمت من خطاب عمنا العظيم نجيب محفوظ للجنة جايزة نوبل، بعد ما قعد يعد الكوارث والمشاكل الانسانية اللي بنعيشها، قال: «وبرغم هذا.. فأنا ملتزم بالتفاؤل»، وعشان كده باعتبر ان اللي بييأس بيخون أحلامه. (1) افتح قلبك للهوا والنور..افتح قلبك مهما لف ودار بك دربك واتقلقل بك مهما زمانك مال بك ورماك واتنقّل بك افتح.. لاتلاقي الليل طال بك والريح قالبك ............افتح قلبك....................... فيه دايما خطوة بتبدأ من ليل أحلامك تبدأ م الأول..تلقي السكة قدامك فيه دايما أول.. حتي ف آخر أيامك! ينهار مشوارك..تاني ابدأ وسط حطامك وارمي سلامك ع الحب وقول له :انا باحلم بك ............افتح قلبك....................... في إيدينا نهون.. ونخون روحنا وفي إيدينا نكون في ايدينا نخلي الزمن الدون له طعم ولون نقدر ندي الدنيا المجنونة قلب حنون ونهد سجون الخوف وندوب في جمال الكون املا عيونك أحلام مهما الغُلب يغالبك ............افتح قلبك....................... (2) واهو كده تفتح قلبك..ح تعيش غير كده عمرك في الدنيا يطيش خد وادي مع الناس..دي الدنيا ما بتديش للي ما بيديش ............افتح قلبك........... افتح قلبك.. يتفتّح لك زهر النور في الليل الأحلك وقواربك ترسي في سواحلك والفجر يشقشق م الشيش ............افتح قلبك......... احنا ان بُحنا باللي ف روحنا بنشوف روحنا ونشفي جروحنا نتكتّم.. تنهد صروحنا وننادي لبكره وما يجيش ............افتح قلبك.........