المفترض أن الحكومة أي حكومة تحرص علي راحة المواطنين وحل مشاكلهم لأن في ذلك راحة واستمرارا لها في عملها وكل الحكومات التي تملك بعض الذكاء تتصرف بهذا الأسلوب وعلي هذا الأساس. المشكلة عندنا في مصر أن الحكومة دائما غبية لا أقصد حكومة بعينها ولا أشخاصا بعينهم وإنما هي طريقتنا في التفكير ومعالجة الأمور وحل المشاكل . أتحدث عن إحدي المشاكل التي نعاني منها منذ عقود طويلة وهي مشكلة الإسكان. استمرت هذه المشكلة علي جدول أعمال كل الرؤساء وكل الحكومات منذ أكثر من نصف القرن ومع ذلك لم تحل بل تزداد تعقيدا. استمرار المشكلة وتراكم نتائجها السيئة كان يجب أن يلفت الانتباه إلي أن الحلول التقليدية لن تجدي والمطلوب حلول غير تقليدية بل حلول "مطرقعة" بلغة الشباب أي أنها سهلة وفي نفس الوقت ممتنعة علي الحكومة. لقد عرفنا علي يد المهندس حسب الله الكفراوي ما يسمي المدن الجديدة التي منحتنا قبلة الحياة والتعامل مع وحدات تلك المدن كان سويا إلي حد كبير فلم يكن السماسرة قد اتبعوا وسائل الاستحواذ وتسقيع الشقق والأراضي وبيعها بعد ذلك بأسعار فلكية . وكان يمكن للشباب أن يجدوا شقة بسعر مقبول حتي لو كانت علي مسافة بعيدة. ثم جاء إبراهيم سليمان فاتبع طرقا رأسمالية متوحشة لا تتناسب مع مجتمعنا الفقير والذي تعود علي رعاية الحكومة له فقفزت الأسعار بصورة فلكية جعلت من الصعب الحصول علي قطعة أرض إلا بالمزاد!! أو بالقرعة وفي كل الأحوال كان يصعب علي أي مواطن عادي أن يحصل علي مبتغاه. وجاءت الطامة الكبري بتولي المغربي وزارة الإسكان فتحولت المسائل إلي كوارث علي المواطنين العاديين الذين لا يمكنهم شراء شقق وشاليهات في مناطق فاخرة . المواطنون الذين وصلوا في مواقعهم الوظيفية إلي مكانة معقولة أو ما يسمي الطبقة المتوسطة والتي يفترض أن تستطيع شراء وحدة سكنية معقولة ولا أقول متميزة أو فاخرة! ومع ذلك صعبت المهمة علي الناس ولم يتمكنوا من ذلك في الوقت الذي كانت فيه الحكومة تمنح الأراضي بأسعار لا تذكر للبليونيرات من الرأسماليين الذين يعودون لبيعها شققا أو فيلات بأسعار خيالية وهو ما جعل أحد المواطنين الشرفاء يضطرون إلي رفع دعوي ضد شركة كبيرة حصلت علي المتر بجنيهات قليلة وصارت تبيعه بآلافات كثيرة والعائد يصل إلي أكثر من 30 مليار جنيه للشركة!!!!. شئ مذهل , ليست الحكومة غبية فحسب بل متوحشة تلتهم أراضي الدولة ليست أراضيها وتمنحها لحبايبها بينما يسكن الملايين في شقق غير لائقة ويسكن ملايين آخرون في منازل من الصفيح أو القش. حتي بعد 25 يناير مازال الوضع كما هو، الحكومة توزع الأرض السكنية علي المواطنين بالقرعة وفي الغالب يربح السماسرة معظم قطع الأراضي ليبيعوها بعد ذلك بأكثر من 10 أمثال سعرها. أو ببساطة يسدد السمسار المقدمة باسم عدد من المواطنين (10 آلاف جنيه لكل منهم) ثم يبيع الإيصالات بعد ذلك بفارق في السعر 150 ألف جنيه!!!! هل تعلم الحكومة بذلك؟ المفترض أنها تعلم. فإذا كانت تعلم فلماذا لم تتخذ إجراء ما لوقف استغلال أراضينا، وأراضي دولتنا ؟ وإذا كانت لا تعلم فإنها لا تستحق أن تبقي في موقعها. لقد عانينا من الاحتكار في كل شئ والاحتكار هو الذي يولد السوق السوداء سواء في أنابيب البوتاجاز أو في طوابير العيش أو قديما في فراخ الجمعية حياتنا لم تخل من الاحتكار والذل للحصول علي حقوقنا والآن نعجز عن الحصول علي قطعة أرض أو شقة من أجل معيشة كريمة والسبب أن الحكومة غبية تترك كل تلك المساحات من الصحراء الشاسعة وتعلبنا كالسردين في مناطق مكتظة بالناس وفي نفس الوقت يستغل السماسرة الموقف ويعيدون بيع أراضينا لنا بأضعاف مضاعفة من الثمن . أيتها الحكومة الغبية.. ألا من نهاية لغبائك!.