حين تلقيت دعوة من المجلس القومي للأمومة والطفولة لحضور فعاليات الدورة 21 للجنة الطفولة العربية لمناقشة ومتابعة الخطط والبرامج الموجهة لأوضاع الطفولة العربية، تراءت إلي ذهني صورة الطفل إيلان وهو ملقي علي شاطئ البحر، كم كانت الصورة مؤلمة، ومثله أطفال الشوارع الذين أقابلهم يومياً وأشاهدهم نياماً في البرد علي الأرصفة وتحت الكباري، والتي تفاقمت حدتها في ظل التحولات الراهنة بالمنطقة، وقضايا العنف وعمالة الأطفال التي لم يوضع حداً لها حتي الآن، وآلاف النازحين بسبب الكوارث سواء كانت طبيعية أو بسبب النزاعات التي تشهدها بعض دول المنطقة علي مشهد من العالم بأسره والتي أثبتت أن الأطفال هم من يتحملون العبء الأكبر للنزاعات، 50% من الأطفال اللاجئين تحت سن 15، وأكبر موجة من النزوح لعقود طويلة هي في الفترة الحالية في سوريا والعراق واليمن، ثلاثة أيام قضيتها في متابعة المناقشات التي نظمتها إدارة المرأة والأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية بالتعاون مع المجلس القومي للطفولة والأمومة، ومنظمات دولية وخبراء جاءوا من 14 دولة عربية، ثلاثة أيام انفصلت فيها عن العالم الخارجي لأعيش مآسي الطفل العربي الذي يحيا أسوأ أيام تشهدها المنطقة، وعلي قدر الألم الذي شعرت به، كانت التساؤلات تدور بذهني، أليس من حق أطفال المنطقة العيش في سلام، أليس من حقهم أن نوفر لهم الحماية والتأهيل والتعليم والخدمات الصحية المتميزة، أليس من حقهم أن يعيشوا البراءة الناصعة في لُعبة بين أيديهم وتأهيلهم لحمل الراية واستثمارهم لمستقبل أفضل ؟ وكانت الصدمة التي وضعتها أمامنا الدكتورة هالة ابو علي، أمين عام المجلس القومي للطفولة والأمومة حين أكدت بوجع وجود عشرة ملايين طفل عربي بلا مأوي ومثلهم خارج منظومة التعليم، و15% يولدون ناقصي الوزن، و9% يموتون تحت سن الخامسة نتيجة الفقر والمرض وسوء التغذية، بالإضافة إلي نحو مائة مليون طفل عربي يعيشون تحت خط الفقر مع أسرهم أي ما يعادل نحو ثلث سكان العالم العربي، وعمالة الأطفال التي تشكل 12،5% من القوة العاملة العربية، في حين يسود الفقر وعدم المساواة في المجتمع تتزايد حالات احتمالات انحراف الأطفال ومخاطر استغلالهم، وتتزايد نسب التشرد والتسول، وما هو أشد إيلاما ليس هشاشة نظم حماية الأطفال، وإنما العنف الممارس عليهم من صنوف الإيذاء البدني المباشر أو اللفظي أو الإرهاب والتهديد، لقد خصصت الاستراتيجية القومية للطفولة فيما بعد 2015 بنداً كاملاً لقضية أطفال الشوارع، ولهذا عمدت السفيرة إيناس مكي، مدير ادارة المرأة والأسرة والطفولة بجامعة الدول العربية، علي أهمية طرحها في اجتماع اللجنة مؤكدة أن الجامعة تأخذ الآن خطوات جادة لحلها، واقترح السفير بدر العلالي نائب رئيس الجامعة العربية إعداد دراسة شاملة في وضعية أطفال الشوارع في المنطقة العربية، لتفشي هذه الظاهرة، وهي التوصية الأهم التي أُرسلت لوزراء الشئون الاجتماعية العرب لدعم الدراسة والخروج بنتائج حقيقية، ولم يكن أطفال فلسطين بعيدين عن مناقشة مشكلاتهم التي تختلف كلياً، فالطفل الفلسطيني تطبق عليه أربعة قوانين مختلفة وهو ما يضع الطفل الفلسطيني في مأزق، أهمها قانون الاحتلال الإسرائيلي الذي يطبق في الضفة ويحرم من أبسط الحقوق أُسوة بأي طفل في العالم، وقانون الأمر الواقع الذي يطبق في غزة، ويكفي أن نعلم أن 900 طفل في سجون الإحتلال يتعرضون للتعذيب، والتساؤل المحير.. لماذا لا يحمي القانون الدولي الإنساني الطفل الفلسطيني..؟