لم يبحث المستشار أحمد الزند وزير العدل كثيراً في أجندته القضائية، بل وقع اختياره مباشرة علي المستشار مجدي حسين ليتولي ادارة الأمن القضائي، لما له من خبرة سابقة تعود الي فترة السبعينات عندما كان ضابطا بوزارة الداخلية، ليضم هذه الخبرة الي ما اكتسبه من عمله في القضاء (قاضيا جليلا) لمدة تزيد علي 39 عاما ليجمع بين الحس الامني والقضائي، حتي جعل البعض يطلق عليه لقب «وزير داخلية القضاء». «الاخبار»، حاورت المستشار مجدي حسين، مساعد وزير العدل للأمن القضائي، والذي فتح قلبه، وكشف عن اسرار كثيرة عن القضاة والارهاب في سيناء، واجندته لتامين وحماية قضاة مصر خلال الفترة القادمة. لسنا جهازاً أمنياً .. ودورنا تأمين المحاكم من الداخل ماحدث في سيناء ليس تقصيراً امنياً .. وإنما «هفوة» استغلها الإرهابيون لتنفيذ إجرامهم كلنا يعلم ان هناك تحديات واجهت قضاة مصر،والعدالة بصفة عامة، منذ سقوط جماعة الاخوان الارهابية وحتي خلال حكمها، فهل ادارة الامن القضائي قادرة علي مواجهة هذه التحديات؟ لا استطيع ان انكر ان اهم اسباب انشاء ادارة للامن القضائي هي التحديات والحوادث الارهابية التي تعرض لها قضاة مصر، بدءا من استشهاد قضاة العريش الثلاثة، ومرورا بالحادث الارهابي الذي استهدف النائب العام الشهيد هشام بركات، وغيرها من الحوادث التي تمثلت في تهديدات القضاة ومهاجمة محال اقامتهم وكذلك قاعات المحاكم .. وهي امور تنبه لها المستشار احمد الزند وزير العدل، وكان لابد من مواجهتها مهما كانت التضحيات، فاصدر قراره العظيم في 20 مايو الماضي بانشاء ادارة جديدة لاول مرة تختص بالامن القضائي، وهو مصطلح جديد طرأ علي النظام القضائي في مصر، لكن الظروف هي التي فرضته، هذه الادارة تختص بعدة امور منها تأمين الهيئات القضائية والادارات التابعة لها مثل الطب الشرعي ومصلحة الخبراء والشهر العقاري، ويتضمن التكليف وضع الخطط الامنية لتأمين القضاة، والمحاكم في جميع محافظات الجمهورية، فضلا عن وضع الخطط اللازمة لتطوير اجراءات تامين دور العدالة من الحوادث الارهابية. الجهات الأمنية نفهم من هذه المهام، انكم ستتولون تأمين القضاة منذ خروجهم من منازلهم وحتي وصولهم للمحكمة، وكذلك خلال ادائهم اعمالهم، اي بمعني جهاز امني مواز أو بديل للداخلية ؟ نحن لسنا جهازا امنيا ولن نكون، أو اطارا موازيا للداخلية، نحن اشبه بالامن الاداري، ودورنا يقتصر علي تأمين القضاة والمحاكم من الداخل والتنسيق مع الجهات الامنية في حالة تأمين القضاه الذين يتعرضون لمخاطر وتهديدات ارهابية ونحن اكدنا اكثر من مرة، ان تأمين المحاكم مسئولية وزارة لداخلية، ونحن دورنا يقتصر علي التنسيق مع الجهات الامنية والتواصل معهم بشان الخطط الموضوعة لتأمين المحاكم والقضاة، وباختصار، نحن غير مسئولين عن التامين، نحن نقترح ونقول رؤيتنا في الاجراءات الامنية فقط البعض يربط بين توليك ادارة الامن القضائي وخلفيتك الشرطية ؟ انا عملت بالفعل ضابطا لمدة 3سنوات في وزارة الداخلية في السبعينات، وانا الآن قاض، اعمل في القضاء منذ 39 عاما، واعتقد انني تعلمت في كلية الشرطة الكثير من مداخل في الطب الشرعي والادلة الجنائية وطبقت ذلك خلال عملي في القضاء.. وحياتي في القضاء مررت بها بالكثير من الاحكام الهامة ومنها علي سبيل المثال ادانة حبيب العادلي وزير الداخلية الاسبق بالحبس 3سنوات في القضية المعروفة بسخرة الجنود وهو الحكم الذي ايدته محكمة النقض، فضلا عن حكم تبرئة توفيق عكاشة من اهانة الرئيس المعزول محمد مرسي، وآخر ماعملت به كنت قاضيا للتحقيق في بلاغات ماسمي بتزوير الانتخابات البرلمانية عام 2005، و2010، واصدرت امرا بضبط واحضار المستشار احمد مكي، والمستشار نهي الزيني للادلاء باقوالهما في التحقيقات، وتبين من دراسة القضية انها لاتعدو كونها بلاغات وهمية لاتستند الي معلومات، حتي المستشار حسام الغرياني اكد انه سمع عن تزوير الانتخابات من الجرائد.. وانا الان مكلف باستكمال رسالتي وهي تأمين قضاة مصر من خطر الارهاب. خطوات جادة وماهي الخطوات التي بدأتم في اتخاذها لتنفيذ هذه المهام باسرع وقت، خاصة وان تحديات الارهاب مازالت مستمرة ؟ اتخذنا خطوات جادة وسريعه لانشاء قطاع الامن القضائي، ووضعنا خطة تتضمن انشاء فرع لهذا القطاع في جميع المحاكم، وبدأنا في نشر بوابات الكترونية واتباع اجراءات التفتيش للمتقاضين والعاملين بالمحاكم، كاجراء احترازي للتامين، ليس هذا فقط بل وقعنا بروتوكولات تعاون امني وتبادل معلومات وتنسيق مع مديري الامن في 5محافظات اولها كانت المنوفية، وبعد ذلك الاسماعيلية وبني سويف والاقصر واسوان وقسمنا الجمهورية الي 4 قطاعات وهي القاهرة الكبري ووجه بحري ووجه قبلي ومدن القناة وسيناء، وتم وضع خطة امنية متكاملة، ووضعنا اطارا زمنيا في خلال عام تكتمل هذه الخطة. ونحن الآن نقوم باختيار افراد الامن القضائي، وهناك شروط وضعناها علي راسها الا يكون له علاقة او منتم للجماعة الارهابية. حادث سيناء الارهابي الاخير والذي استشهد فيه قاضيان جليلان، كيف رأيت هذا الحادث ؟ اري انه حادث عادي، وسأشرح لك السبب، وقبل كل ذلك اؤكد لكما ان تأمين العملية الانتخابية برمتها من قضاة ولجان هي مسئولية اللجنة العليا للانتخابات، ودورنا نحن يقتصر علي تأمين القضاه في جميع الهيئات والجهات المعاونة التي ذكرناها سابقا مثل الطب الشرعي والخبراء والشهر العقاري.. اما سبب الحادث فمن وجهة نظري، اري ان قوات الامن قامت بمجهود مضاعف، بدءا من اليوم الاول بتمشيط منطقة سيناء وكذلك تامين مقار اللجان الانتخابية الفرعية والعامة، وفي اليوم الثاني استمر هذا المجهود، من خلال تامين وصول القضاة الي سيناء، حيث قامت بتمشيط الاماكن المخصصة لاقامتهم وحراستهم، واستمر هذا المجهود المتواصل لمدة يومي الانتخابات، وكذلك لليوم الخامس وهو الفرز واعلان النتائج، وهو مجهود جبار ومضاعف علي قوات الامن. واعتقد ان الارهابيين استغلوا هذه الهفوة من قوات التامين بسب المجهود الجبار الذين قاموا به خلال 5ايام متواصلة، وقاموا بتنفيذ ارهابهم وعملياتهم القذرة، ونحمد الله ان القوات تعاملت مع السيارة المحملة بالتفجيرات قبل وصولها للفندق بمسافة بعيدة وهو ماقلل الخسائر التي كانت قد تطال 150 قاضيا وأؤكد لك وللجميع ان الجيش او الشرطة لم يقصروا في تأمين القضاة المشرفين علي الانتخابات في سيناء وقاموا بواجبهم علي اكمل وجه. توزيع القضاة معني كلامك انه انه تم تدارك هذه الهفوة في مرحلة الاعادة من المرحلة الثانية؟ بالفعل، تم تداركها، ففي مرحلة الاعادة من المرحلة الثانية كانت هناك لجنتان فقط من اصل 4 كانت في الجولة الاولي، حيث كلفني المستشار احمد الزند وزير العدل بالتواصل مع ال 75 قاضيا الذين اشرفوا علي الانتخابات في جولة الاعادة، بلجنتي بئر العبد والعريش، وتم توزيع القضاه حسب لجانهم، والتواصل مع الجهات الامنية لتأمينهم.. وللعلم كان من ضمن ال75 قاضيا، 45 من الذين اشرفوا علي الانتخابات وقت وقوع الحادث الارهابي، واصروا علي الحضور واستكمال رسالتهم الوطنية متحدين بصدورهم الارهاب وجبنه، وهم من وجهة نظري كتيبة مقاتلين.. وتم الاتفاق مع الجهات الامنية علي عدم حل المأمورية، وهو مصطلح امني، بمعني عدم توزيع قوات التامين الي معسكراتهم، الا بعد وصول اخر قاض الي سيناء، وهي طريقة امنية لتوفير الحماية للقضاه بالعودة الي اقرب نقطة تمركز اليهم في حالة تعرضوا لهجوم ارهابي. هذا يؤكد ان الامور تمت دون تحديات وعلي مايرام؟ حقيقة كان هناك تحد واحد، وتم التعامل معه باسرع وقت، فعند مراجعة اعداد القضاة الذين وصلوا فندق الاقامة تبين ان هناك 4 قضاه لم يصلوا حتي الآن، وبمراجعة رئيس اللجنة العامة، قال انهم يشرفون علي الانتخابات في احدي القري النائية بسيناء والتي تتواجد وسط الجبال، تم الاتصال بالعقيد خالد عمر قائد الشرطة العسكرية في الجيش الثاني والذي تواصل مع قوة التأمين المكلفة، وتبين انهم ضلوا الطريق، وبسؤالهم احد ابناء القرية قاموا بارشادهم الي الطريق الخطأ، فتدخلت قوات الجيش، وباسرع وقت تم التواصل مع القوة الامنية واعادة القضاة بامان الي فندق الاقامة . وماذا عن فندق الاقامة في جولة الاعادة ؟ اتفقنا علي ان يكون فندق القوات المسلحة هو مكان اقامة القضاه في سيناء، حتي تكون هناك اجراءات تأمين اكبر، وللعلم، حتي تعرفوا ان المصريين عاشقون لوطنهم، فقد ترك الضباط حجراتهم للقضاه، وكذلك دواليبهم، وقاموا بالسكن في اماكن اخري. وفوجئت باتصال من احد الضباط ليعلمني ان القضاة تركوا جوابات شكر ورد الجميل لضباط الجيش في حجراتهم، عرفنا بما قدمه ضباط الشرطة من تأمين ورعاية للقضاة خلال اشرافهم علي الانتخابات هناك . تأمين وحماية بالاشارة الي اجراءات التفتيش وكشف الهوية، هل هناك مايمنع تفتيش القضاة؟ لايوجد مانع من تفتيش القضاة، وليس من حقهم الاعتراض، لان ذلك جزء اساسي من اجراءات تأمينهم وحمايتهم من غدر الارهاب، والقاضي مطالب بكشف هويته، لان هناك الالآف من منتحلي صفة مستشار بكارنيه مزور، فالامر لايحتمل الاعتراض علي التأمين والحماية، وهذا الامر يدركه قضاة مصر في هذه الفترة العصيبة. هناك قضاه يضعون بادج الهيئات القضائية علي سيارتهم، كيف تري ذلك؟ بالفعل هذه البادجات قد تضعهم في مؤشر الارهاب، وقد تعرضهم للخطر، وتم التنبيه علي القضاه بعدم وضع هذه البادجات علي سياراتهم، فضلا عن عدم الكشف عن هويتهم علي مواقع التواصل الاجتماعي كضمانة امنية لحياتهم . البعض يري ان انشاء شرطة قضائية هي الوسيلة الوحيدة لاضفاء الامن في ربوع دور لعدالة؟ الشرطة القضائية مطلوبة، ولكن وجودها يتطلب تواصلا وتكاملا مع 3جهات هي وزارتا العدل والداخلية والبرلمان .. ودورها سيكون بنفس دور الامن القضائي. لكن تبعيتها وتلقيها الاوامر ستكون لمن، العدل ام الداخلية؟ هذه امور يتم تداركها بعد اتخاذ قرار انشاء الشرطة القضائية. ماهي الرسالة التي اوصلها قضاة مصر للعالم؟ اعتقد ان هناك رسائل كثيرة، لااستطيع ان احصيها، لكنهم اكدوا للعالم ان قضاة مصر لايخشون الا الله، وانه مهما اوتي الارهابيون من قوة فلن يثنوهم عن القيام بواجبهم الوطني.