السياسيون والخبراء: السياسة الخارجية وعود زائفة ومغازلة للشارع الصلاحيات وإسرائيل وإيران وأمريكا وأفريقيا ..مطبات صعبة للمرشحين ينتظر المصريون بشغف رئيسهم الخامس الذي ربما يظهر اسمه للوجود يوم الخميس القادم بعد انتهاء جولة التصويت الأولي التي ينافس فيها 31 مرشحاً. قبل أيام من وصول الرئيس المنتظر إلي قصر الرئاسة فقد أكدت المؤشرات واستطلاعات الرأي أن المنافسة الحقيقية انحصرت بين 5 أسماء من المرشحين وهم عمرو موسي وعبدالمنعم أبوالفتوح ومحمد مرسي وحمدين صباحي وأحمد شفيق. قراءة سريعة لبرامج المرشحين الخمسة تكشف عن أن أوراقهم تحمل ألغاماً وأحلاماً ووعودا براقة غير قابلة للتنفيذ ووعودا أخري قابلة للتنفيذ. في مجال السياسة الخارجية وعلاقة مصر باسرائيل وإيران وأوروبا وإفريقيا والولاياتالمتحدة كشف خبراء السياسة أن برامج المرشحين تبدو مجرد شعارات تهدف لحصد الأصوات الانتخابية أكثر مما تهدف إلي رسم سياسة خارجية واضحة لمصر. في حين أكد خبراء الاقتصاد في تقييمهم لبرامج المرشحين الاقتصادية أنها مجرد أهداف عامة تفتقد لآلية التنفيذ واعتبروها مجرد شيكات بلا رصيد. في الأمن الذي بات هاجساً يؤرق الملايين وربما يكون من أكثر المجالات التي ستتحكم في اختبارات الناخب فقد كشفت القراءة الدقيقة لبعض خبراء الأمن أن المرشحين لم يقدموا خططاً واضحة لكيفية استعادة الأمن وانهم لجأوا الي مغازلة الشارع بوعود غير حقيقية. وبالرغم من أن التعليم احتل صدارة اهتمامات المرشحين الا ان برامجهم فشلت في ان تقدم حلولاً واقعية لأزمات التعليم المزمنة مثل ضعف الانفاق وغياب البحث العلمي والمجانية والمناهج غير المطورة وغيرها من المشاكل. اين سياسة مصر الخارجية في البرامج الانتخابية لمرشحي الرئاسة المصرية؟ هل نتجه شرقاً نحو الكتلة الشرقية كأيام عبدالناصر؟ أم غرباً كأيام السادات ونؤمن بأن 99٪ من اوراق العبة السياسية في الشرق الاوسط في يد أمريكا؟ ام نختار كتلة عدم الانحياز ونتمسك بها؟ وماذا عن اتفاقية السلام المصرية - الاسرائيلية؟ هل نبقيها أم نلغيها؟ وما موقفنا من القضية الفلسطينية؟ ماذا عن ايران.. هل نقف مع أو ضد الهلال الشيعي الذي تسعي لاقامته في المنطقة العربية؟ أم ننضم إلي الهلال الآخر السني الذي تقوده السعودية؟ وأين افريقيا في برامج المرشحين للرئاسة حيث امن مصر القومي والمائي؟ وهل نقف مع أو ضد حركات الانفصال الجديدة في ربوع القارة السوداء؟ اسئلة عديدة طرحتها »أخبار اليوم« علي خبراء السياسة واساتذة القانون الدولي.. وكان هذا التحقيق؟ يقول د.ممدوح منصور رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الاسكندرية: قرأت بشكل عام برامج المرشحين خاصة فيما يتعلق بالشئون الخارجية ولدي عدة ملاحظات اهمها : انها بشكل عام لم تقدم رؤية واضحة متكاملة لسياسة مصر الخارجية انما غلب علي برامج معظم المرشحين الطابع التجميعي من عناصر مختلفة دون تحديد اولويات واضحة ولا آليات لتنفيذها. ان بعض المرشحين فضل صياغة رؤي للسياسة الخارجية في عبارات مقتضبة عامة غير واضحة الدلالة بما يعكس الحرص علي تجميع اكبر عدد من المؤيدين وتفادي الخوض في القضايا الخلافية. كما لاحظت ان اغلبية برامج المرشحين تعكس توجهاتهم الايديولوجية وعلي الرغم من ذلك فقد حرص معظمهم علي تحاشي اظهار عزمه علي احداث تغييرات جوهرية في توجهاته السياسية الخارجية حيث حاولوا جميعاً اظهار ارتباطهم بالتوجه الاصلاحي الهادئ دون التوجه الثوري الحاد والصدامي. كما أن بعض المرشحين اسهب في استعراض العديد من الابعاد في حديثه عن السياسة الخارجية وان كان بعضها يتناقض منطقيا مع البعض الآخر دون ان يوضح كيف سيتمكن من التوفيق بينها. ويحدد د.جمال سلامة رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة قناة السويس معالم خريطة السياسة الدولية في الفترة القادمة من خلال متابعته لبرامجهم ويقول: أستطيع ان اقول انني لم اجد برنامجا واضحا لسياسة مصر الخارجية.. انما مجرد دعاية سياسية ودغدغة لمشاعر المصريين فقط لان البرنامج الانتخابي يستلزم ثلاثة أمور مهمة جدا هي: أولا: صلاحيات لرئيس الجمهورية المنتخب وثانيا: آليات للتنفيذ وثالثا: امكانيات لتنفيذ هذا البرنامج. واضاف: وللأسف كل المرشحين لايعرفون ماصلاحياتهم وما يقولونه مجرد كلام لانهم لا يملكون آليات ولا امكانات لتنفيذ برنامجهم.. اقصد بالآليات هنا الحكومة أو البرلمان فالرئيس الجديد المنتخب ليس له ظهر سياسي داخل البرلمان باستثناء مرشح واحد فقط وهو مرشح الاخوان وحتي هذا المرشح الاخواني لا يملك ايضا صلاحيات كاملة.. لان هناك برلمانا.. وهناك مكتب المرشد العام.. ولا يعرف ايهما ستكون له الكلمة العليا في تحديد سياسة مصر الخارجية!! أما باقي المرشحين فليس لديهم صلاحيات لتنفيذ برامجهم.. وحتي ولو امتلك صلاحيات كاملة كالرئيس السابق حسني مبارك فإنه ايضا لا يملك التنفيذ.. لان الذي يوافق علي الاتفاقيات الدولية ليس الرئيس انما البرلمان المنتخب اي مجلس الشعب فلو ان اتفاقية الآن مثل اتفاقية السلام مع اسرائيل لعجز رئيس الجمهورية عن ابرامها.. لان مجلس الشعب ليس معه. اذن لن تكون هناك سياسة خارجية لانه ليس هناك رئيس جمهورية.. وحتي لو وجد فهو بصلاحيات مقيدة تمنعه من توقيع الاتفاقيات والمعاهدات الدولية. واضاف: ولكن الفترة القادمة سوف تشهد الآتي: ستكون علاقاتنا بالاتحاد الاوروبي مثلا نمطية ،اما دول الخليج فستكون مثل ايام مبارك وبالتالي لن يكون هناك تغيرات جذرية.. حتي علاقاتنا مع ايران.. ستكون محكومة بشكل علاقتنا مع امريكا واسرائيل ودول الخليج. يبقي العلاقة مع افريقيا..وهي لا تحتاج لسياسة الفهلوة.. انما تحتاج إلي انفاق كبير ونحن لا نملكه. اذن لن يكون عندنا في المستقبل القريب سياسة خارجية.. لان الاهتمام كله سيكون بالشأن الداخلي فنحن نحتاج إلي خطط تنمية وحلول جادة للبطالة والتعليم والاسكان وغيرها من المشاكل اضافة لحل المشاكل الامنية.. لان السياسة الخارجية دائما تكون انعكاسا للسياسة الداخلية فالدولة لا تتجه للخارج إلا بعد ترتيب الداخل واستقراره. فالسياسة الخارجية ليست مجرد دبلوماسية فقط انما مصالح وتحتاج إلي ادوات عديدة لم نعد نمتلكها!! أما اللواء حسام سويلم خبير استراتيجي فيقول: يمكن تقسيم مرشحي الرئاسة لقسمين الاول هما: مرشحو التيار الاسلامي الثلاثة.. وهناك تخوف الان ان يحدث تحالف بين الاخوان وايران.. خاصة ان خطابهم السياسي يقول ذلك.. ولو حدث هذا فإنه سيؤثر بالسلب علي علاقتنا بدول الخليج خاصة السعودية اذن لابد أن يكون هناك توازن في علاقتنا مع ايران لانها تسعي لتصدير الثورة والمذهب الشيعي في المنطقة العربية. أما المرشحان الآخران فقد لاحظت أن هناك نوعا من المزايدة تجاه العلاقة مع اسرائيل! اما الولاياتالمتحدة.. فهي المشكلة.. حيث نجد أن مرشحي الاخوان يحاولون ان يقتربوا منها. ولكن في حالة حدوث تحالف مع ايران فسوف ينعكس هذا بالسلب مع علاقتنا بأمريكا والتي تدعم وتقف مع الهلال السني بقيادة المملكة السعودية. مزايدات انتخابية ويقول د.صبري سنوسي استاذ القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة: اري مزايدات انتخابية في جميع برامج مرشحي رئاسة الجمهورية فباستثناء عمرو موسي الذي يمتلك رؤية خارجية باعتباره كان وزيرا لها وامينا للجامعة العربية. مثال ذلك معاهدة السلام المصرية - الاسرائيلية نجد كل المرشحين يزايدون علي هذه القضية ولا يعرفون ان هذه الاتفاقية رغم ما بها من عيوب إلا انه لا يمكن تعديلها بارادة منفردة من جانب مصر. كذلك العلاقات المصرية - الامريكية التي تشهد هي الاخري مزايدات من جانب المرشحين للرئاسة رغم ان هذه العلاقة تحكمها مصالح مشتركة بين امريكا باعتبارها دولة عظمي لا يمكن اغفالها. باختصار قضية السياسة الخارجية في برامج المرشحين غير واضحة وتشعر من خطابهم أنها مجرد دعاية انتخابية وتنقصها الرؤية السياسية الواضحة سواء كانت تجاه أوروبا أو افريقيا أو حتي ايران.. كلها قضايا غير واضحة في برامج المرشحين انما مزايدات فقط هدفها جذب اصوات الناخبين. ثوابت السياسة ويقول بشير عبدالفتاح مدير تحرير مجلة الديمقراطية ومتخصص في الشئون الآسيوية بمركز الدراسات السياسية في الاهرام: لا يوجد اهتمام بالسياسة الخارجية من جانب مرشحي الرئاسة وهي رؤية لاحظها معظم المراقبين وذلك لأسباب عديدة وهي: اولا: مصر في حالة ثورة وغالبا ما يكون اثناء الثورات التركيز علي الشئون الداخلية ومراحل بناء الدولة. وثانيا : ان اغلب المرشحين للرئاسة ليسوا رجال دولة انما تنقصهم الخبرة الكافية في مجال السياسة الخارجية وبالتالي غابت السياسة الخارجية من برامجهم. وثالثا : ان الانتخابات شأن داخلي وتحسمها دائما القضايا الداخلية وليست الخارجية كالبطالة والتعليم والصحة ومشاكل رغيف العيش وغيرها من الاهتمامات. اخيرا فإن السياسة الخارجية خاصة في مصر تحكمها ثوابت لا يمكن تغييرها بسهولة وهي: السلام مع اسرائيل التفاهم مع امريكا التقارب مع الدول العربية ودول حوض النيل - التردد في التقارب مع ايران والسير الحذر تجاه تركيا.