لا أحد يمكن أن ينكر ان التعصب والعند والغرور والمنافسة المناقضة للقيم والروح الرياضية هي المسيطرة علي ازمة ناديي القمة.. الأهلي والزمالك. إنها تعكس نوعا من عدم المسئولية التي قد تؤدي الي كارثة جديدة تعصف بالنشاط الرياضي كله. سباق التعاقد مع اللاعبين هو سبب هذه الازمة وهي مشكلة ما كانت تساوي كل ما يحدث خاصة أن هؤلاء اللاعبين قد يكون النادي في غير حاجة إليهم. هذا العراك الذي خرج عن حدوده ان دل علي شيء فإنما يدل علي عدم التقدير السليم للصالح الوطني العام. وتزداد خطورة من ينفخون في نيران هذه الازمة جنوحا الي الفكر الطائش الذي يتبنونه باستجداء مساندة الجماهير الغفيرة العاشقة للناديين لتكون طرفا غير بناء ووقودا يزيد من اشتعال الموقف. وليس من اللائق لقيادات الناديين تحول روح المنافسة بينهم الي «تلاسن» وتعارك يصل الي حد القطيعة. وفي إطار السعي لعدم احترام اللوائح الحاكمة لمثل هذه السلوكيات التي تعكر الاجواء الرياضية وجد اتحاد الكرة نفسه فريسة للنقد واستقبال الشتائم جراء تلويحه بتطبيق هذه اللوائح. جري تهديده عندما حاول تفعيل مسئولياته واتهامه بانه يعمد إلي تطبيق لوائحه علي اساس التفرقة في المعاملة. هنا يثور التساؤل من هو هذا «الاحمد الشيخ» الذي تم استخدامه لاشعال الشارع الرياضي؟ في هذا الشأن اقول كم مثل هذا اللاعب تم التضارب عليه وانتهي بهم الامر الي اكتشاف انه لا يفيد الفريق وان الملايين التي تم دفعها لشرائه قد ضاعت هدرا وهو الامر الذي يتطلب المساءلة؟ ان هذا الذي يحدث يثير اكثر من علامة استفهام عن شخصية الذين يقفون وراء تصاعد الازمة. انهم يصرون علي عدم تحكيم العقل واللجوء الي وسائل الاثارة للابتزاز وممارسة الضغوط. هذا النقص يدفعهم الي تجنب الوسائل القانونية لاثبات حقوقهم مما يؤكد تجردهم من الشعور بأي مسئولية. وفي غمرة هذه التصرفات الخارجة يكشفون جهلهم بمهام وواجبات النوادي والتي تتركز بشكل اساسي علي السمو بالأخلاق وتزويد المنتخبات الوطنية باللاعبين المتميزين الذين يعظمون الانتماء الوطني ويؤمنون بالانضباط والألفة وليس الفرقة التي يسعون اليها. فيما يتعلق بحيثيات هذه الازمة المفتعلة والتي تنم عن الضعف وليس القوة فانه لا يمكن تبرئة محترفي المشاكل من قيامهم بالقاء مسببات تزايد اشتعال الازمة ومنهم للاسف بعض اجهزة الاعلام وكذلك العناصر المنتفعة والانتهازية وكلهم يريدون جنازة «يشبعوا فيها لطم». هنا أقول أن إقدام المستشار مرتضي منصور علي سحب شكواه بشأن اللاعب الشيخ يعد موقفا مسئولا يشكر عليه حيث أنه بذلك ساهم في نزع فتيل الأزمة. لقد سبق واشرت في مقال سابق الي الجهود المخلصة التي يبذلها خالد عبدالعزيز وزير الشباب الرياضة لاحتواء الخلافات بين الزمالك والاهلي تجنبا لتعاظم ازمة الرياضة المصرية.. ولكن يبدو ان هناك من لا يرتضي هذا الحل. احد اطراف هذه الازمة لا يريد ان يفهم ان الاجواء العامة في الشارع المصري في حالة تحفز وهو ما يمكن ان يكون وبالا علي الجميع. هذا الطرف لا يقدر أنه بذلك يزيد من المصائب التي تعاني منها الرياضة والتي كانت وليدة اذكاء روح التعصب وسوء الاستخدام للمساندة الجماهيرية. الغريب ان تأتي هذه السلوكيات المثيرة للمشاعر في الوقت الذي كانت تتعاظم فيه المساعي الحميدة من أجل عودة الجماهير الي الملاعب لاضفاء الصورة الحضارية والمظاهر الرياضية الاحتفالية علي المباريات. ليس من تفسير لما يجري سوي انه يستهدف استمرار معاقبة الجماهير وحرمانها من متعة مشاهدة التنافس النموذجي بين الفرق بمختلف انتماءاتها بما يخدم نشر الوعي الرياضي الصحيح.