تراشق بدأه مرشد الإخوان المسلمين د. محمد بديع ضد الإعلام والإعلاميين عندما وصفهم بسحرة فرعون الذين يلوون الحقائق ويهيجون الدنيا. ورد عليه الصحفيون والإعلاميون بهجوم مكثف مدافعين عن أنفسهم ومهاجمين إياه ومستدعين قواميس معلبة عن الإخوان وتوجهاتهم لنقده بشدة. لست طرفا مع أيهما فهما كفيلان ببعضهما، لكني أؤيد الرأي الذي أبداه مرشد الإخوان، فبشكل عام هو محق في مقولته بشأن الإعلام الذي أصبح في العقود الأخيرة الموجه الأول للرأي العام بمشاعره وسياساته، فهو قادر علي قلب ولي الحقائق وغسل العقول والسيطرة بالحق أحيانا وبالتضليل غالبا علي الجماهير متحكما في نفسيتها، موجها إياها إلي ما يستهدفه المسيطرون علي الإعلام. أما بشكل خاص، فأتحدث عما حدث بمصر خلال العام المنصرم 2011 بسبب الإعلام الذي واكب وأعقب مظاهرات الشباب وانهيار نظام الحكم. كان الإعلام من أسباب الانهيار المجتمعي والأمني والاقتصادي خلال تلك الفترة. مارس كثير من الإعلاميين دورا مخربا، لم يكن هدفهم تحقيق المصلحة العامة للدولة أو للناس وإنما كان هدفهم المصلحة الشخصية من خلال كسب أرضية داخل صحفهم وقنواتهم التليفزيونية لزيادة مخصصاتهم المالية واستمرارهم في العمل في تلك المؤسسات الإعلامية. مارس الإعلام دورا سوف يذكره التاريخ في بابه السلبي وسيدخل الإعلاميون، صحفيون ومذيعون التاريخ من هذا الباب. لقد دفعوا الناس شبابهم ونساءهم إلي العنف والاعتصام والإضراب غير عابئين بظروف البلد وما تمر به وما يهددها من مؤامرات خارجية. وقد شهدت تلك الفترة تقلبات الإعلاميين وتحولاتهم، فبعض من كان من مؤيدي النظام تحول بشكل دراماتيكي ليصبح من الثوار ومن مؤيدي الثورة ويخرج من عباءته تاريخا جديدا يؤكد أنه كان من المناهضين والمضطهدين وأن حسني مبارك لم يكن ينام الليل قبل أن يتأكد من أنه يتعذب ويتلظي بنار جهنم. لقد حاول بعض الزملاء الصحفيين أن يرصد ما حدث في تلك الفترة بكتابة دراسات أو كتب ولكنهم لم يستطيعوا أن يوفوها حقها وأن يجمعوا كل أو معظم الوقائع والتصرفات غير المهنية التي صدرت عن إعلاميين وتسببت في خسائر فادحة للدولة. نعم مرشد الإخوان علي حق فبعض الإعلاميين إخوان الشياطين يزينون الأمور حتي لو كانت قبيحة ويضللون الناس بالباطل لتحقيق مصالح خاصة وشخصية ولا يعنيهم المصالح العليا للدولة، بالإضافة إلي جهلهم بالسياسة وعدم قدرتهم علي تحليل الوقائع والتعامل بانطباعية مع الأحداث. لقد أصاب مرشد الإخوان عندما قال إن الإعلاميين سحرة فرعون، لكنه أخطأ حين عمم الصفة علي الجميع فهناك من الإعلاميين من قام بدوره الوطني ومن تحرك بحكمة وحنكة، صحيح أنهم قلة، ولكنهم موجودون في كل الأحوال. وقد شن بعض من قصدهم د. بديع هجوما عليه بسبب لمسه حقيقة مؤكدة وهي خروج الإعلاميين عن رسالتهم واتباع غيهم ونهمهم في الحصول علي كل شئ.