ونحن نمر بلحظة تاريخية فاصلة يتشكل فيها مستقبل مصر القادم وترتسم فيها خطوطه العريضة.. بعد افتتاح القناة الجديدة التي تعد التحول الجوهري الأكبر في تاريخنا المعاصر يطرح السؤال نفسه: إلي متي تتجاهل السينما قضايانا المهمة وتنعزل مختارة عن نبض الشارع المصري وهل ستغيب قناة السويس الجديدة وهي انتصار جديد لإرادة الشعب المصري عن ذاكرة السينما تماما ؟! طرحنا هذا السؤال علي نخبة من صناع السينما والفنانين وما بين متفائل ومستبشر بموقف السينما المصرية من القناة الجديدة ومتشائم من أن تواجه القناة الجديدة تجاهلا فنيا كالقناة القديمة جاءتنا الردود.. في البداية قالت النجمة إلهام شاهين « بالنسبة لي أنا متفائلة أن تظهر أعمال سينمائية تبرز قناة السويس الجديدة ولكن دعيني أقول إننا للأسف ولفترة طويلة نهتم بالسلبيات ونسلط الضوء عليها حتي أصحبنا وكأن حياتنا ليس فيها شيء إيجابي أو إنجازات نفخر بها.. كان ذلك خطأنا في الماضي وعلينا أن نتداركه في المستقبل لأن إبراز الإيجابيات يعزز الإحساس بالفخر وبتنامي روح الولاء داخلنا وتعزز أيضا من مشاعر الوطنية وترفع الروح المعنوية للناس، وبالنسبة لي متفائلة جدا هذه الأيام وأتوقع أن تظهر أعمال فنية تعطي الناس الأمل وتقدم لهم القدوة، وتضيف « كفنانة أتمني أن نقدم الإنجازات التي غيرت الواقع وكل شخصية إيجابية تتحدي الظروف ولا تستسلم وتترك أثرا وذكري في الحياة ولاسيما المرأة التي يجب أن نبرز دورها وكفاحها إبتداء من ملكات مصر القديمة وحتي أبسط السيدات في وقتنا الحاضر. يليق بالقناة أما الفنانة فردوس عبد الحميد فقد رأت أن إبراز الإنجازات التي ترفع معنويات الشعب مسئولية الدولة فتقول» لابد أن تنتج الدولة أعمالا ترفع من الروح القومية فليس من المعقول ولا المنطقي أن تنتظر الدولة من القطاع الخاص أن يقوم بهذا الدور لأنه ببساطة شديدة لن يتحمس فهو في النهاية يخضع لمعادلة الكسب والخسارة، وفي رأيي قبل أن نتحدث عن قناة السويس الجديدة وكيف يمكن أن تقدم سينمائيا علينا أن نسأل أنفسنا ماذا فعلنا للقناة القديمة التي حفرت بسواعد مليون مصري منذ 145 سنة ومات ما يقرب من 120 ألف مصري أثناء حفرها ؟ ألم يصاحب عمليات الحفر هذه أحداث وملابسات كان يمكن أن تكون مادة خصبة للسينما والدراما ؟ وتضيف « أنا شخصيا أتمني أن تنتج الدولة أعمالا تليق بقناة السويس بتاريخها المتجذر، وأتمني أن تلقي القناة الجديدة والقديمة حظهما من الدراما والسينما.. بالطبع أنا أتفهم أن الدراما والسينما أبطأ من الأغنية والشعر فالمطرب والملحن والشاعر أسرع من المخرج ولكن كل هذه الأعمال يجب أن تتواجد فيها القناة في النهاية». مقصرون كالعادة ! الناقد طارق الشناوي لم يختلف رأيه كثيرا فقال «قناة السويس ارتبطت في مصر بقرارات مصيرية وبنقاط فاصلة في تاريخ هذا البلد فالقناة مرتبطة بالتأميم وبالسد العالي والعدوان الثلاثي الغاشم علي مصر وما صاحبه من قصص وتحولات معروفة للجميع، ويعتبر أشهر فيلم تحدث عن العدوان الثلاثي هو فيلم « بور سعيد» والذي كان بطولة فريد شوقي وإخراج عز الدين ذو الفقار وقد جاء بتكليف من الزعيم الراحل جمال عبدالناصر شخصيا حيث استدعي فريد شوقي بعد أن عرف أنه أكثر ممثل يحبه الناس آنذاك واختار عز الدين ذوالفقار لإخراج الفيلم، المدهش أن الفيلم وقتها كان من إنتاج القطاع الخاص ولم يكن من إنتاج الدولة. ويكمل طارق الشناوي قائلا « الرئيس السيسي قام بعمل مشروع قومي تتوجه إليه كل الأفئدة المصرية وهو قناة السويس الجديدة وقد سابق الزمن وتم إنجاز القناة في عام واحد وإن سألتيني عن رأيي هل هذه القناة ستأخذ حقها من السينما والدراما والفن عموما سأقول لك أن مشاعري الشخصية تخبرني بأنها لن تأخذ حقها مثل القناة القديمة التي حفرها أجدادنا بالسخرة ولم يكن طعامهم سوي المش وأرغفة الخبز وفي ظني نحن سنقصر كالمعتاد.. ألسنا مقصرين في حق حرب أكتوبر ؟». مسئولية الدولة ولايختلف معه كثيرا المنتج محسن علم الدين إذ وجه اللوم للدولة علي غياب القناة عن السينما والدراما قائلا « لابد أن تسأل الدولة والقطاع العام والمركز القومي للسينما والشئون المعنوية للقوات المسلحة في هذا فإذا كانت قناة السويس القديمة لم تقدم فنيا وقت أن تم حفرها فقد كان هناك عذر مقبول وهو أنه لم تكن هناك سينما وقتها أما الآن فلم يعد أمام الدولة عذر يقبل وعليها أن تقوم بواجبها ومسئولياتها !. تمنحنا الأمل وبأسي شديد قال المخرج سامح عبد العزيز والذي يتربع الآن علي عرش الواقعية الفنية «للأسف الشديد لم نقدم شيئا لقناة السويس ولا لأي إنجاز قومي حتي الآن، وفي رأيي قناة السويس تنتمي لدراما المكان الواحد وهي مادة خصبة جدا تحتمل ما هو أكثر من المعالجة التسجيلية، فلابد أن وراء القائمين علي العمل قصصا إجتماعية وهناك معاناة تمنح الأمل للشباب وبصفة عامة لابد من عمل أفلام تبرز انتصاراتنا مثل حرب أكتوبر وما حدث فيها ومن ضحوا ليصنعوها، في رأيي هذه القصص هي ما تمنح الناس التفاؤل والأمل، واللوم كله للدولة فهي ينبغي أن تنتج مثل هذه الأعمال ولكن ماذا أقول « والمسئولين في بلدنا مسافرين «!. ويختتم سامح عبد العزيز حديثه قائلا « لا أظن أن القناة الجديدة ستكون أوفر حظا من القناة القديمة التي لم نقدم عملا عنها حتي الآن بالرغم من أن المليون عامل الذين حفروا القناة ولقي منهم 120 ألفا حتفهم كان لكل واحد منهم قصة وحكاية ولكل منهم معاناة نفسية بحجم معاناته الجسمانية في أعمال الحفر.. كانوا كثيرين ولكن للأسف لم تقدم الدولة فيلما عن واحد منهم ولو كنوع من العرفان بالجميل !. الحلم المصري العظيم من جهته قال مسعد فودة نقيب السينمائيين «بالنسبة لقناة السويس الجديدة فأعمال الأرشفة والتوصيف يقوم بها المخرج مجدي الهواري من خلال فيلمه «الحلم المصري العظيم» بالإضافة إلي أن الهيئة أسندت التوجية المعنوي للقوات المسلحة، وأعتقد أن كتاب السيناريو في النقابة قادرون علي تقديم فيلم ملحمي عن قناة السويس. ■ محاسن الهواري