وبِتنا نشاهد قضاة تركوا المنصة ليرقصوا في المقصورة...ومقدمي برامج يستضيفون شخصيات رياضية تُمارس البلطجة وتتلفظ بأقذر وأحط الشتائم دون رادع أو رقيب!!.. هل أكون مبالغاً أومتجنياً لو قلتُ إن الأهلي والزمالك مسئولان عن تدهور الرياضة وخاصة كرة القدم؟!!..لا أعتقد..فما يفعله الناديان أو قُطبا الرياضة كما يُسميان يُكَرِس لإحتكار مقيت يُهدد بانهيار المنظومة الرياضية برمتها ما لم يُواجَه بحسم من جانب الجهات المعنية النائمة في العسل!!..ودليلُ ذلك أننا جميعاً نتفرج علي مباراة «غير رياضية أو أخلاقية» بين الناديين لاختطاف أبرز نجوم الأندية الصغيرة وحرمانها من أي إمكانية لمنافستهما مستقبلاً!!..والأكثر إيلاماً أن النوادي التي يتم تجريفها هي في معظمها فرق جماهيرية سبق لبعضها إحراز بطولتي الدوري والكأس ورفد الفريق القومي بنجوم حققت بطولات دولية وتركت بصماتها علي اللعبة..وعندما تُحرَم أندية جماهيرية مثل الإسماعيلي (مَنجَم المواهب) والمصري والاتحاد والمحلة والمنصورة وأسوان وبقية فرق المحافظات من نجومها لأنها فقيرة فهذه جريمة أخلاقية قبل أن تكون رياضية..وهي تُكَرِّس تهميش الأقاليم وتُنذِر بموت الرياضة تماماً..وإذا كانت هذه هي النتيجة الحتمية للاحتكار إذاً فليسقط الأهلي والزمالك!!.. واللافت أن الناديين يعاملان أغلب نجوم الفرق الصغيرة المنتقلين اليهما كسلع يتم «تسقيعها» علي دكة الإحتياط لحين بيعها لأعلي سعر!!..وكم من لاعبين كانوا نجوما ساطعة في فرقهم ثم انطفأوا أو انتهت مسيرتهم الكروية في ثلاجات الاهلي والزمالك ودفعوا ثمناً غالياً لطمعهم في الشهرة والمال!!.. وربما يجادل البعض بأن الفرق الصغيرة تُضطر في أغلب الأحوال للتضحية ببعض نجومها لكي تنفق علي أنشطتها لأنها بلا موارد ولا أحد يدعمها أو يحميها من تغوّْل الكبار سواء الدولة أو اتحاد اللُعبة..وهذا كلام صحيح ويضع أيدينا علي بيت الداء المتمثل في غياب الدولة وفشل اتحاد الكرة وفساد المنظومة..والأدلة علي ذلك كثيرة ودامغة..فالوزارة المعنية خارج الخدمة واتحاد اللعبة ضعيف وتحكمه المصالح وكل هم رئيسه أن يصل للبرلمان!!..أما الأعضاء فمشغولون حتي آذانهم بتقديم برامج تليفزيونية يُصَفّْون فيها حساباتهم وينافقون قياداتهم ويبثون أفكاراً سطحية ومدمرة تنم عن جهل فاضح بألف باء الإعلام..وهذا تضارب مصالح فَجْ وفاجِر يتعين حظره إذا كنا جادين في محاربة الفساد والسعي للنهوض بالرياضة..ناهيك عن أن العديد من هؤلاء الأعضاء وكثير من المنتمين للمنظومة من فلول مبارك وحزب «آسفين ياريس» المعادين لثورة يناير التي لو نجحت لما كان معظمهم في مواقعهم إن لم يكونوا وراء القضبان!!..وكثيراً ما يدخل هؤلاء الفاسدون في وصلات «ردح» يبدأونها بتملق رخيص ومكشوف للرئيس والجيش والشرطة ثم يُكمِلون الشوط بتشويه وشيطنة ثورة يناير وكل مَن شاركوا فيها حتي يصلوا إلي أن الثورة الحقيقية هي 30 يونيو التي أنقذت مصر من تلك المؤامرة..ولأنهم مصابون بغباء الدِبَبَة لا يدرون أنهم عندما يسبون ثورة يناير فهم ينتهكون الدستور ويسيئون للرئيس والجيش!!.. ولم يقتصر فساد المنظومة الرياضية القديم والمقيم علي اغتيال نوادي الاقاليم وتطلعات جماهيرها، بل تركنا كرة القدم تجور علي حقوق لعبات أخري «شهيدة» لنا فيها باع طويل دولياً مثل كرة اليد والطائرة والهوكي الأرضي والإسكواش !!..ولم يقف التدهور الأخلاقي عند تورط مسئولين بالاتحاد في «سبوبة» الفضائيات وإنما بِتنا نشاهد قضاة تركوا المنصة ليرقصوا في المقصورة !!..ومعلقين يجهلون أبسط قواعد اللغة ويخرجون علي النص ليُفتوا في السياسة والدين ايضاً!!..ومقدمي برامج يستضيفون شخصيات رياضية تُمارس البلطجة وتتلفظ بأقذر وأحط الشتائم دون رادع أو رقيب!!.. والكارثة أن الجميع يدّْعُون الفضيلة ويتشدقون بأن الرياضة أخلاق قبل كل شيء..ولا يدركون أن هذه القبائح والفضائح تدخل كل البيوت..ويلتقطها الأطفال والمراهقون فتهبط بأخلاقهم وتؤجج فيهم روح التعصب فتفقد الرياضة رسالتها ويدفع الوطن ثمن هذا الانحطاط غالياً!!..