لا يصح تشويه تيار سياسي وفكري وثقافي بكامله واعتباره مسئولا عن مواقف لا تمت إليه بصلة من قريب أو بعيد لم تحدث ضجة في «مواكب اليسار» ضد الفنان الكبير عادل إمام، كما قال الشاعر الكبير فاروق جويدة - الذي احترم شخصه وإبداعه - ذلك أن اليسار يعرف قدر هذا الفنان والدور المهم الذي قام به في كشف القناع عن الجماعة الإرهابية وفضحها منذ وقت مبكر، سواء في أعماله الفنية أو زيارته الشهيرة لصعيد مصر في وقت كان لدينا كتاب ينافقون تلك الجماعة ويسايرون تضليلها. والدليل علي ما أقول أن الحزب الرئيسي لليسار المصري وصحيفته لم يذكرا كلمة نقد واحدة لعادل إمام.. ولا يصح اعتبار ما يكتبه أو يقوله من ينسبون أنفسهم إلي اليسار، أو من يتصور الشاعر انهم «في مواكب اليسار»، إنه موقف يعبر عن اليسار. ويقول الشاعر ان اليسار «كان دائما منغلقا رافضا لأي فكر معارض ولا أدري عن أي يسار يتحدث الشاعر، ذلك ان اليسار لم يعارض سوي سياسات التبعية للقوي الأجنبية وزواج المال بالسلطة واتساع الفجوة بين الطبقات والحرمان من فرص العمل والرعاية الصحية والاجتماعية والخصخصة في ظل اقتصاد السوق العشوائي. وكان اليسار هو التيار الوحيد الذي وقف في الساحة علي مدي عشرات السنين معارضا للمتاجرين بالدين ومدافعا عن التعددية والمواطنة، ومحذرا من العواقب الوخيمة للبروتوكولات الأمنية للمعاهدة المصرية - الإسرائيلية التي خلقت فراغا في سيناء.. وكان اليسار هو الذي طالب باستمرار بأن يكون انتخاب رئيس الجمهورية من بين عدة مرشحين وبالاشراف القضائي علي الانتخابات. وأغرب ما ورد في حملة الشاعر علي اليسار هو اتهامه له بأنه «استخدم السلطة - في أحيان كثيرة - لكي يعصف بالآخرين»، وأن «أزمة اليسار الحقيقية انه احتمي دائما بالسلطة» واعتبرها «مصدر الحماية!!». ومنذ نشوء اليسار وهو في موقع المعارضة ولم يؤيد سوي مواقف وطنية تاريخية مثل إلغاء معاهدة 1936 أو تأميم قناة السويس أو حرب أكتوبر أو ثورتي 25 يناير و30 يونيو، اللتين شارك فيهما بكل قواه، ولم يكن موضع رضاء السلطة في أي ظرف من الظروف. فقد اعتقل جمال عبدالناصر اليساريين لفترة زمنية قياسية، ومات منهم كثيرون داخل المعتقل، كما اعتقل أنور السادات آلاف اليساريين بتهمة قيادة انتفاضة الخبز بعد رفعه للأسعار. وفي ظل مبارك ظل اليسار محاصرا. وليس صحيحا أن اليسار «لا يري في الساحة المصرية بل والعربية أحدا غير رموزه وأقلامه ومفكريه»، وانه «شطب من أجندة الحياة المصرية كل من خالفه في الرأي»!! فاليسار يقدر تقديرا عاليا كل مفكري النهضة والتنوير، كما يقدر شعراء عرب من أمثال الجواهري والسياب وأدونيس والشابي.. وقائمة طويلة.. طويلة من المبدعين.