جثامين النساء والأطفال فى حرب غزة الأخيرة شاهد على جرائم الحرب الإسرائيلية في انتصار سياسي للقضية الفلسطينية أعلنت المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي قبل ايام انضمام فلسطين رسميا لها كعضو كامل العضوية بها، واصبح عليها المساهمة في موازنة المحكمة ولها حقوق تشمل المشاركة في التصويت علي انتخاب القضاة والمدعي العام وتعديل مواد قانونية. لكن الحق الفلسطيني الأهم هو ان فلسطين اصبح بإمكانها الآن رفع دعاوي قضائية ضد جنرالات إسرائيل علي جرائمهم اليومية التي ارتكبوها في حق الشعب الفلسطيني. فما القضية الأولي التي سترفعها فلسطين امام محكمة الجنائية الدولية؟ يعود تاريخ المذابح والجرائم الاسرائيلية لتاريخ نشأة الكيان الإسرائيلي المحتل الذي أقام دولته علي أشلاء الفلسطينيين منذ عام 1948 وتخطي أعداد المذابح التي ارتكبها الصهاينة أكثر من 200 مذبحة راح ضحيتها عشرات الآلاف من الفلسطينيين بأيدي السفاحين المؤسسين للدولة الصهيونية وجنرالاتها المتعاقبين الذين تحولوا في غفلة من الزمن لرجال دولة بدءا من دافيد بن جوريون وصولا لنتنياهو. تنوعت الجرائم الاسرائيلية بين التطهير العرقي وارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية وتشريد الملايين من الفلسطينيين وسرقة ممتلكاتهم ومصادرة أراضيهم فضلا عن الاستيطان الذي يجرمه القانون الدولي. ورغم كل هذه الجرائم لن تستطيع فلسطين مقاضاة إسرائيل الآن إلا في قضية واحدة هي عدوانها الأخير علي غزة الذي استمر 52 يومًا والذي بدأ في 7 يوليو عام 2014 وأسفر عن استشهاد أكثر من ألفي فلسطيني بينهم 530 طفلًا و302 امرأة وإصابة نحو 11 ألفًا آخرين. وتشمل قائمة المتهمين الاسرائيليين في الحرب الاخيرة كلًا من رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الاسرائيلي السابق موشيه يعالون وقادة لواء جولاني الذين ارتكبوا مجزرة حي الشجاعية التي راح ضحيتها 60 شخصًا وقادة لواء غفعاتي وعلي رأسهم العقيد عوفر فينتر، والذين ارتكبوا مجزرة رفح التي قتل فيها أكثر من 150 فلسطينيًا. كانت فانوتو بنسودا المدعية العامة في المحكمة قد امرت بفتح تحقيق اولي عن حرب غزة الاخيرة في 16 يناير الماضي بناء علي طلب تقدمت به السلطة الفلسطينية رغم الضغوط الامريكية والاسرائيلية التي تعرضت لها المحكمة. وتختص اللجنة بالتحقيق في الجرائم التي ارتكبت في غزة والقدس الشرقية منذ تاريخ 13 يونيو 2014. وتستند امكانية محاكمة جنرالات اسرائيل وادانة الدولة المحتلة علي جزئية أخري غير نتيجة التحقيق وهي التشكيك في نظام اسرائيل القضائي الذي لم يدن أيا من جنودها وقادتها حتي الآن. ثانيًا التركيز بشكل اساسي علي قضية الاستيطان التي لم تنظرها المحاكم الاسرائيلية وتعد جريمة دولية. لكن يبقي السؤال هل حقا سيحاكم جنرالات إسرائيل؟ فحتي بعد صدور قرارات الإدانة وصدور مذكرات الاعتقال لن تسمح إسرائيل بتسليم جنودها وقادتها للمحاكمة ولا تمتلك المحكمة اي آلية للضغط علي الدول لتسليم المتهمين. بل ان الشيء الاكثر غرابة هو انه يمكن ان تصدر قرارات محاكمة لقادة حماس والسلطة الفلسطينية نفسها باعتبارها الطرف الآخر في الصراع في حال ادانتها بارتكاب جرائم حرب في حق اسرائيل في ظل غياب مفاهيم (الاحتلال والمقاومة ) لدي العدالة الدولية. لكن في النهاية لن يقلل ذلك من قيمة صدور قرارات ادانة بحق اسرائيل مما سيهز صورتها امام العالم الذي نجحت في خداعه طويلا عبر ابواقها المهيمنة علي الاعلام العالمي