كان والدي من أسرة سكندرية وله من الأشقاء خمسة، أكبرهم عبد الغني قمر الممثل الكبير الذي تخلي عن نجوميته بسبب آرائه السياسية التي تسببت في رحيله إلي ليبيا والعراق لمهاجمة السادات ووفاته هناك وكان أصغرهم والدي وفي المنتصف أقربهم إلي قلبي كان عمي إبراهيم قمر : هو الوحيد من أعمامي الذي كان يحضر إلينا في شقة الدقي بجانب شقيقتهم الوحيدة هدي، كان مقرب إلي قلب والدي وكثير التردد والسؤال علينا عاشرته سنوات طويلة بل أقمت عنده في بيته في شارع شبرا بضعة أشهر في فترة (الكحرطه )بعد وفاة والدي وكان يساعدني بقدر استطاعته.. كان يعمل موظفاً بالتلفزيون بدرجة وكيل وزارة مثقف يطوف العالم يتحدث الإنجليزية والفرنسية بطلاقة يعيش في شقة إيجار أعتقد لاتتعدي ال70 مترا ومعه زوجته هدي ( الدوباره) كما كان والدي يسميها بسبب نحولتها الشديدة والغريب في الأمر أن عمي تزوجها زواجاً عرفياً أكثر من أربعين عاماً ( آه والمصحف عرفي 40 سنة :) ولا أعلم السبب حتي الآن فزواجهما كان مشهراً في العلن وليس زواجاً سرياً !! لم ينجبا وعاشا في أيامهما الأخيرة يرعيان قطة سيامي ضالة ويعاملانها كأنها ابنتهما الوحيدة وقد حضرت معركة كلامية شديدة الوطأة بين الدوبارة (سوري طنط هدي) وبين القطة بسبب هروبها فترة مع قط ضال في العمارة واختفائها بالأيام،ووصل الأمر عند طنط هدي أنها فضحت قطتها أمام الجيران وعايرتها علي الملأ بإنها أصبحت لقمة سائغة في يد قط يحصل منها علي متعته ثم يفر هارباً وقد كان عمي ابراهيم حكيماً في إصلاح الأمر وتهدئة الأجواء بينهما.. أتذكر حينما طلب عمي ابراهيم من طنط هدي الدوباره الزواج بشكل شرعي في أيامه الأخيرة حتي تعيش في شقتهما ال70 مترا بعد وفاته ولايتمكن صاحب العمارة من طردها فهي بسبب العقد العرفي في نظر القانون لا ترث ولكنها تمنعت بدلال لايتناسب (مع أي حاجه ف أي حاجه) واشترطت عليه وهي في السبعين من عمرها أن يشبكها ويدفع لها مهرا بل ان يكون شهر العسل في أوروبا!! أخذ عمي الأمر بشكل ساخر ونالت منه وابلا من القفشات وبعدها بسنة توفاه الله وطردت هدي من الشقة.. المرة الأخيرة التي التقيت بها كانت في أبهي صورها في بداية الثمانين من عمرها وقد صبغت شعرها باللون الأصفر وعلي وجهها أطنان من الميك اب وأخبرتني انها تعمل الآن سكرتيرة في توكيل تويوتا !!!!!! علاء قمر: ابن عمي.. من الشخصيات العجيبة التي قلما تجد مثلها.. كل من رآه والتقي به في شقة الدقي من مختلف الأجيال لايمكن أن ينساه كان والده ( عمي أحمد ) موظفا كبيرا بالأسكندريه رجل شديد الاحترام وفقاً لحكايات أبي عنه فأنا لم ألتق به لقد توفاه الله وأنا في سن صغيرة، كان عمي محباً للفن يعشق العزف علي آلة القانون من باب الهواية فقط أمام أسرته وأصدقائه المقربين وكانت زوجته سيدة يحكون عنها أنها كانت شديدة الطيبة والرقي تعمل معلمة للغة الفرنسية في إحدي المدارس بالأسكندرية،كانت مريضة بالسكر واشتد عليها المرض وتوفيت، وقف عمي أحمد تائهاً في سرادق العزاء يتلقي التعازي في زوجته الحبيبة ثم جمع نجليه وجلس يوصيهما بالصبر والقوة وعندما حل الصباح وجدوه متوفياً حزناً علي رفيقة عمره وأعيد مشهد السرادق لليوم التالي علي التوالي بنفس الأجواء وبنفس المعزيين... أعتقد أن هذه الصدمة كانت نقطة التحول في حياة علاء قمر الذي أصبح بعدها غريب الأطوار.. أربع سنوات متتالية رسب فيها علاء ولم يستطع الحصول علي الثانوية العامة بسبب ظروفه غير المستقرة وتنقله الدائم بين بيوت أعمامه الذين كانوا يتحملونه بالكاد بسبب جنونه ومشاكله المستمرة كأي شاب مستهتر شعره كانيش في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات، كانت ملامح علاء شبيهة بملامح الفنان علي الشريف وكان يعتز بذلك كثيراً برغم اعتقاده وثقته في أنه وسيم وجذاب ويري في ارتدائه لشورت قصير يبرز سيقانه إغراء مابعده إغراء لأي امرأة تلتقي به وكان يظن أن كبار نجمات السينما والمسرح من زوار شقة الدقي يقعن في غرامه من أول نظرة..كان خفيف الدم وله كاريزما يجذبك عندما يتحدث وثقته المفرطة بنفسه تضحكك،كان يهوي التمثيل ويضغط علي والدي كثيراً لكي يتوسط له في أي دور حتي رأيناه كومبارس صامت في مسرحية زقاق المدق ،الروايه التي أبدع والدي في كتابتها للمسرح وللأسف لم يقم سمير خفاجه بتصويرها لخلاف مع معالي زايد (الله يرحمها) كان دور علاء ابن عمي يتلخص في أنه يسير في مؤخرة المسرح مرتدياً طربوش ويعاكس فتاة تصفعه يومياً وكان منتشياً وسعيداً جداً بذلك.. عندما اشتدت عليه الظروف وبعد أن أغلق أعمامه أبوابهم في وجهه لأسباب لا أستطيع ذكرها وإلا هبقي ( واطي ) قرر أن يقوم بالتطوع في الجيش وتدرج في الرتب حتي أصبح فجأة من الشباب المعجب بنفسه علاء قمر إلي (الصول عيلاء) وبهتت عليه كل مواصفات الصول البسيط بسلوكه ولغته وهي المواصفات التي لاتتناسب مع والده الموظف الكبير وأمه مدرسة الفرنساوي! أكاد أجزم أنه أغرب صول في تاريخ الجيش المصري،كانت خدمته في قسم الحرب الإليكترونية بالمقطم وكان في ذلك الوقت يعيش معنا في شقة الدقي بعد أن سامحه والدي كعادته وأعاده ليقيم معنا وقد كان أبي طيبةً منه يترك له سيارته المرسيدس النبيتي لطول المسافة بين شقة الدقي ومكان عمله بالمقطم..ولك أن تتخيل عزيزي القارئ الصول عيلاء داخلاً كل يوم وحدته العسكرية بالسيارة المرسيدس بشكل مهيب أمام زملائه وقادته ده احنا شوفنا ناس يا جدعاااان بالإذن دلوقتي سلامو عليكو