طاقم وأعضاء فريق موظفى الإليزيه خلال دقيقة صمت أمس مقتل شرطية في هجوم جديد وسلسلة اعتداءات متفرقة استنفرت فرنسا بكامل قواها في أعقاب صدمة الهجوم الإرهابي الذي شنه ثلاثة مسلحين علي صحيفة «تشارلي إبدو» الساخرة أمس الأول وأوقع 12 قتيلا وأربعة مصابين وكان الأعنف الذي تشهده البلاد منذ خمسة عقود. وفي أول أيام الحداد الوطني الذي أعلنه الرئيس «فرنسوا أولاند» أمس استيقظ الفرنسيون علي هجمات جديدة, وقع أحدها في «مونروج» بالضاحية الجنوبية لباريس، حيث توفيت شرطية متأثرة بجروح، كما أصيب أحد المارة بعد أن أطلق مسلح الرصاص عليهما قبل أن يفر في سيارة وسط هلع المارة. ودعا وزير الداخلية «برنار كازنوف» إلي الهدوء و»عدم التسرع في ربط الحادث بهجوم الصحيفة». وفي الوقت نفسه كانت مصادر قضائية قد أفادت أن انفجارا وقع في مطعم قرب مسجد شرقي فرنسا دون أن يخلف ضحايا. كما تعرضت عدة مساجد في ثلاث مدن فرنسية لهجمات بقنابل صوتية يدوية وإطلاق رصاص. ووسط صدمتهم التزم الفرنسيون دقيقة صمت ظهر أمس لم يقطعها سوي أجراس الكنائس تكريما لضحايا الهجوم. وتوقفت حركة النقل خلال الدقيقة التي التزمت بها المدارس والشركات وغالبية مقار العمل في البلاد. وفي حين بدأت عمليات تمشيط أمني واسعة النطاق في رانس بشمال فرنسا بمشاركة ثلاثة آلاف عنصر من الشرطة, قالت مصادر مقربة من التحقيق: إن السلطات تمكنت من تحديد موقع المشتبه بهما في هجوم الصحيفة وذلك بعد ساعات من نشرها صور الشقيقين سعيد كواشي (34 عاما) وشريف كواشي المولود في (32 عاما) (من أصول جزائرية) اللذين يعتقد انهما المهاجمان الرئيسيان. وكشفت المصادر أن مسئولا بمحطة وقود تعرف عليهما داخل سيارة قرب منطقة «فيليه كوتريه» شمال فرنسا في حين كانا يحملان «أسلحة حربية». وكانت السلطات قد أعلنت في وقت مبكر أمس ان «حميد مراد» (18 عاما) الذي تشتبه الشرطة انه ثالث الجناة سلم نفسه طواعية إلي الشرطة في مدينة «شارلفيل-ميزيير» شمال شرق فرنسا. وقالت تقارير إعلامية انه تم العثور علي بطاقة هويته داخل سيارة استخدمها الجناة للفرار. وكانت الشرطة قد عززت انتشارها في شوارع العاصمة حيث وضعت كافة مقار وسائل الإعلام والمتاجر الكبري وأماكن العبادة والمدارس ووسائل النقل تحت «الحماية المعززة» بمساندة 800 عنصر من الجيش الفرنسي. وعقب اجتماع أزمة في وقت سابق بقصر الإليزيه, أعلن رئيس الوزراء «مانويل فالس» أن «الهم الرئيسي يبقي: منع وقوع هجوم جديد وضبط الجناة», مؤكدا أن الحكومة لديها بالفعل «خطة للأمن القومي وللوحدة الوطنية». وأضاف في تصريحات ان عددا من الأشخاص تم اعتقالهم في الساعات التي تلت الهجوم, مضيفا: إن المشتبه بهما الاثنين اللذين يجري البحث عنهما كانا معروفين لدي أجهزة المخابرات وكانا «بلا شك» ملاحقين قبل هجوم الصحيفة. وأوضحت وزارة الداخلية أن سبعة أشخاص اعتقلوا حتي الآن بينهم رجال ونساء من أوساط الشقيقين. وبعد يوم من الهجوم الدامي, توالت روايات الشهود، حيث نقلت وكالة «أسوشيتد برس» عن أحد الشهود انه رأي مسلحان يخرجان من سيارة وهما يلوحان للمارة ويقولا بسعادة «يمكنكم أن تخبروا الإعلام أنه تنظيم القاعدة في اليمن». وبحسب الشهود فقد فاجأ المهاجمون أسرة تحرير الصحيفة اثناء اجتماعها وتمكنوا من القضاء علي معظمهم وبينهم خمسة من كبار رسامي الكاريكاتور. وكان النائب العام لفرنسا «فرنسوا مولان» قد رجح أن يكون الهجوم انتقاميا، حيث سبق وان نشرت الصحيفة رسوما مسيئة للرسول محمد عام 2006. واعتبرت مصادر بالشرطة ان «أداء المهاجمين وهدوءهم يكشف تلقيهم تدريبا عسكريا عاليا وان الهجوم مخطط له بشكل مسبق بدقة». وكانت شبكة «سي ان ان» الإخبارية الأمريكية قد نقلت عن أحد الناجين بأن المهاجمين نادا علي أسماء المستهدفين قبل قتلهم, فيما كان أشبه ب»إعدام أشخاص بعينهم». وأدانت كل الاحزاب الفرنسية الهجوم, ودعا الرئيس السابق «نيكولا ساركوزي» الذي التقي أولاند في قصر الاليزيه إلي «الحزم المطلق» أمام «فعل مشين». وتلبية لدعوة العديد من النقابات ووسائل الإعلام والاحزاب السياسية, تجمع احتشد أكثر من مائة ألف شخص تحت شعار «أنا شارلي» في باريس و15 مدينة أخري.