د. أحمد الصباغ خلال حوار مع محررة «الأخبار» لسنوات طويلة لم تهتم الحكومات المتعاقبة بالبحث العلمي وحصروه في المعامل المتهالكة وتكدست الأبحاث العلمية علي الأرفف وعلاها التراب مما تسبب في إحباط وهروب خلاصة العقول المصرية الي الخارج بحثا عن التقدير العلمي والمادي فخسرتهم مصر التي انفقت علي تعليمهم الكثير ولم تعطهم الفرصة لرد الجميل لمجتمع لا يعترف بقيمة البحث العلمي ويفضل ان يستورد التكنولوجيا الجاهزة علي ان يشجع أبناءه علي إخراج ابداعاتهم .. هذه الصورة بدأت في التغير في السنوات الأخيرة ونأمل أن يتزايد الاعتماد علي البحث العلمي في حل مشكلاتنا التنموية وأن ينال العالم المصري ما يستحقه من تقدير ليقود قاطرة المستقبل. وفي هذا الحوار مع د. أحمد الصباغ مدير معهد بحوث البترول نقدم نموذجا ناجحا للعلاقة بين البحث العلمي والصناعة في قطاع هام هو قطاع البترول حيث نشأت علاقة قوية بينه وبين معهد بحوث البترول الذي قدم حلولا لمشكلات تقنية ووفر ملايين الجنيهات باختراع مواد كان القطاع يستوردها من الخارج وتوصل باحثوه لاستخراج الوقود من زيت الطعام المستعمل واختراع مادة لتشتيت بقع الزيت الملوثة للبحار واستخراج الوقود من البقايا الزراعية واضافة نسبة من بنزين 95 الي بنزين 80 ليتحول لبنزين 92 كما أنشأ المعهد وحدة للنانو تكنولوجي بمساعدة العالم المصري الكبير د. مصطفي السيد وغيرها من الابحاث المهمة والتفاصيل في الحوار التالي : ما العلاقة التي تربط معهد بحوث البترول كجهة بحثية ووزارة البترول كجهة تنفيذية ؟ منذ 40 عاما تحول المعهد من شعبة بالمركز القومي للبحوث العلمية عام 1974 الي معهد مستقل بعد انتصار اكتوبر وفتح آبار البترول في الصحراء الشرقية والاتجاه لتنمية قطاع البترول ورسالتنا إمداد قطاع البترول بالدراسات والاستشارات والخدمات التي تساعد علي التنمية المستدامة وحل مشكلات القطاع الفنية والعلمية .ورئيس مجلس ادارة المعهد هو وزير البترول ويتبع المعهد وزارة البحث العلمي ، ويعتبر المعهد جامعة تكنولوجية ويحتوي علي 7 اقسام كأنها كليات ثم تطورت علاقة المعهد بقطاع البترول فأصبحت شبه مؤسسية عندما استطعنا حل مشكلاته بالتعاون بين قطاع بحثي وقطاع صناعي والبترول أسرع قطاع صناعي لأن الشركاء الأجانب يهتمون بجودة العمل ودقة المواعيد. من المعروف ان العالم الكبير د. مصطفي السيد ساعد المعهد في انشاء وحدة النانو تكنولوجي فما اهداف الوحدة؟ من الطبيعي ان تسعي مصر للاستفادة من علمائها البارزين في الخارج ومنهم د. مصطفي السيد الذي استشرناه لعمل معمل للنانو تكنولوجي وأمدنا بنصائحه ويزورنا سنويا واستوردنا أجهزة قيمتها 25 مليون جنيه من الدخل الذاتي للمعهد وحولناها الي وحدة مستقلة أحد اختصاصاتها انتاج المواد النانوية التي تصلح للاستخدام الصناعي مثل صناعة الاسمنت وقريبا ستنزل هذه المادة للسوق المصري كما تصنع بعض العناصر التي تستخدم تطبيقاتها في قطاع البترول. وكيف يتحول البحث العلمي الي منتج يفيد المجتمع ؟ تقوم لجنة علمية متميزة باستنباط المشروعات القابلة للتطبيق لتحويلها الي مشروعات صغيرة تختبر لمدة 6 أشهر او سنة وتمول ذاتيا من المعهد والاولوية للابحاث التطبيقية لتتحول الي منتج قابل للبيع والتداول في الحقل العلمي أو مع قطاع البترول مثل الكربون النانوي المستخدم في الأبحاث المتقدمة جدا لأنه يزيد من قوة الأسمنت وإذا أضيف الي الحديد يزيد صلابته ويقلل وزنه ولكن استيراده محظورا لكن باحثونا استطاعوا انتاجه ومولنا البحث بمليون ونصف مليون جنيه والآن انتجنا 1500 جرام وهي كمية كبيرة في علم النانو الذي يقاس «بالميكرو» ونبيعه للاقسام البحثية بالجامعات المصرية والعربية. أشرت الي براءات الاختراع المعلقة خلف مكتب الدكتور الصباغ وسألته عنها ؟ حصلنا علي 4 براءات اختراع يتم تطبيقها في قطاع البترول بتكلفة أقل وكفاءة أعلي ويدخلون للمعهد 80 مليون جنيه سنويا وهي تكلفة الفرصة البديلة الأول والثاني: مادة كاسح كبريتيد الهيدروجين الذي يتواجد في مقدمة بئر البترول فتضطر الشركة المنقبة لإغلاق البئر وتخسر اقتصاديا لأن هذا الغاز يدمر البنية التحتية والاساسية والمعدنية للمعدات وقد يؤدي الي وفاة العاملين حول البئر. وما موضوع البراءة الثالثة ؟ أثناء الأنشطة البترولية أو عند اصطدام ناقلة بترول تتسرب بقع الزيت الي المياه فقدمنا براءة اختراع لتشتيت بقع الزيت الملوثة للانهار والبحار عن طريق تفتيتها الي حبيبات صغيرة لتساعد علي التآكل البيولوجي آمنة بيئيا بعد بحثها بمعهد علوم البحار والمركز القومي للبحوث وتم التصديق عليه واستخدمته جميع شركات البترول وهيئة قناة السويس . ونأتي للبراءة الرابعة ولا نقول الأخيرة باعتبار ما سيقوم به المعهد مستقبلا؟ عند استخراخ الزيت الخام توجد به نسبة من المياه المالحة وهي مياه التكوين البيولوجي وقد تصل الي 80% وقد تكون الآبار اقتصادية لكن المياه تحول الزيت الي مستحلب لونه بني بينما لون الزيت أسود فلا يمكن شحنه أو تكريره وبدلا من استيراد كاسرات المستحلبات اخترعنا منتجا لفصل الماء عن الزيت. وهل تتقاضون ثمن الأبحاث من الشركات الأجنبية بالعملة الصعبة ؟ بالطبع، فنحن المعهد الوحيد الذي يتقاضي أجره بالعملة الصعبة لنستطيع شراء المعدات التي نحتاجها بالمناقصات الخارجية بسعر أرخص من السوق المحلي بعد تصديق رئيس الوزراء فمثلا اشترينا جهازا لمعمل النانو تكنولوجي بمبلغ 6٫5 مليون دولار وثمنه الحقيقي 12 مليون دولار . وهل أجريتم بحوثا لحل مشكلة نقص الطاقة والوقود؟ كنا اول من اطلق فكرة استخدام زيوت الطعام المستعملة لانتاج البيوديزل فجمعنا طنا من الزيوت المستعملة التي كانت تلقي في البالوعات وتسبب مشكلات في الصرف الصحي وانتجنا منها طنا من البيوجاز باضافة 20% فقط من الديزل وتمت تجربته في الجرار الخاص بالمعهد وقدته بنفسي لمدة ساعتين لقص العشب ويسعدني ان وزارة التموين أعلنت مؤخرا عن تبنيها لهذه الفكرة الاقتصادية التي تحمي البيئة أيضا. تدوير البلاستيك وماذا عن مشروع تدوير البلاستيك المستعمل ؟ يشتري الصينيون بقايا البلاستيك منا بتراب الفلوس ليحولوه الي لعب اطفال ملوثة ويصدروها لنا ويكسبوا المال وتدور مصانعهم فقام باحثو المعهد بجمع بقايا البلاستيك وحولوه الي وقود نظيف سواء ديزل او جازولين ولفتنا الانظار لاستثمار هذه البقايا اقتصاديا ولنظافة البيئة وبالفعل ستتعاون معنا مستشفي عين شمس التخصصي للتخلص من بقايا الحقن والعبوات البلاستيكية المستعملة. هناك ابحاث حول انتاج الزيوت التي لا تستخدم في الطعام ؟ شجعنا الدولة علي زراعة زيت «الجاتروفا» بالمناطق الصحراوية بمياه الصرف الصحي وهذا النبات يعيش في الأرض من 30 الي 50 سنة ويشبه في تركيبه زيت الطعام لكنه لا يستخدم في الطعام وعندما يعصر زيته يتحول الي ديزل ويمكن اقامة مصنع لعصر الزيت ومصنع لتحويله الي ديزل والتجربة نجحت عندما اجريناها في المعهد وفي مدينة الابحاث العلمية ببرج العرب. وهل ارسلتم هذه الفكرة الي مجلس الوزراء ؟ كل تجربة ننجح في تطبيقها عمليا نرسلها الي الوزير المختص وفكرة الجاتروفا عرضتها الدكتورة نادية زخاري وزيرة البحث العلمي السابقة علي مجلس الوزراء من قبل ولكننا ننتظر دعم الاعلام لنشر الفكرة . وهل هناك بحوث للاستفادة من المخلفات الزراعية في انتاج الوقود ؟ يمكن اعادة تحويل المخلفات الزراعية ومخلفات قصب السكر والبنجر وحطب وقوالح الذرة وقش الأرز الي بيو ايثانول وقد نفذته البرازيل منذ مائة عام وسبقتنا اقتصاديا ولدينا مشروع ممول من المعهد نعمل فيه الآن لاستخراج البيو ايثانول ثم نقدمه للحكومة والمستثمرين لتقيم مصنعا لانتاجه ويمكن تجميع بقايا الخضر والفاكهة لتحويلها الي بيو ايثانول وما احدث ابحاث معهد بحوث البترول ؟ تطوير البنزين 80 يهم كل مواطن وبتكليف من وزير البترول قمنا بتحسين البنزين 80 بإضافة القليل من الكحول الايثيلي الذي ننتج منه اكثر من 320 ألف طن بدرجة نقاوة 99٫9%من تخمر السكريات او تحلل السليولوز وهي طرق بيولوجية نقية تختلف عن طرق التحضير الكيميائية المعقدة والمكلفة ثم نضيفه الي البنزين 80 لتحسينه الرابط كلمة السر وهل نجحت التجربة ؟ أضفنا 10% إيثانول الي البنزين 80 فتحول الي بنزين92 بكل مواصفاته وتمت تجربته علي 7 سيارات داخل المعهد بحضور وزيري البترول والبحث العلمي السابقين ومحافظ الاسماعيلية والتجربة مطبقة في العالم كله لكن الجديد هو «الرابط» بين الايثانول والبنزين 80 والذي يمنع المادتين من الانفصال والمستورد سعره 90 ألف جنيه للطن بينما ننتجه بسعر من 12 الي 20 ألف جنيه للطن ولو أن الدولة طلبت هذا الرابط مجانا سنقدمه عن طيب خاطر وقريبا سوف تتبني إحدي المؤسسات الصحفية الكبري إقامة سباق للسيارات التي تعمل بهذا الوقود والمعروف ان سيارات السباق قوتها 500 حصان وقد جهزنا بالفعل كمية وقود تكفي 20 سيارة وهذا المنتج يحتاج لقرار حكومي لتجربته في بعض محطات البترول قبل طرحه في السوق ومميزات تجربة الايثانول ان مصر تستورد البنزين 95 ولتضيفه للبنزين 80 ليتحول الي بنزين 92 وهذا يكلفها 3٫5 مليار جنيه يمكن توفيرها . بعيدا عن مجال البترول هل قدم المعهد ابحاثا لخدمة المجتمع ؟ لدينا خطة طموحة لخدمة المجتمع منها :مشروع فواصل التمدد الحراري بالكباري المعدنية التي تسهل مرور السيارات وقد اسندت لنا شركة المقاولون العرب كوبري 15 مايو وجزء كبير من كوبري اكتوبر ومنذ 10 سنوات نقوم بهذه المهمة وننافس فيها الشركات الاجنبية ، كما نقوم بصيانة ارض المطارات وممرات الهبوط دون تعطيل حركة الملاحة الجوية ويتم العمل خلال ساعتين فقط بينما تحتاج الشركات الأجنبية الي 12 ساعة وانجزناها في مطاري برج العرب وطابا وأسندت لنا أعمالا أخري وللمستوي العالي لأعمالنا نفوز دائما فنيا وماليا . اقترحنا تحويل زيت الطعام المستخدم إلي ديزل وتبنت الفكرة وزارة التموين