عم عبد الوهاب حزين على مهنته بسب ندرة الزبائن اتخذ مكانه كالمعتاد منذ الصباح أمام صناعته الفريدة والمتوارثة عبر مئات السنين، ليتحول المكان حوله كخلية نحل، وهو يراقب عن قرب سريان العمل، انه عم عبد الوهاب جبرين صاحب الأصابع الذهبية التي تحول الطين الي اجمل الزهريات وقصاري الزرع والقرميد الخاص بتزيين الفيلات والقصور. انه صانع الجمال في كل بيت مصري حيث يندر ان يخلو بيت من بعض انتاجه الذي يتميز بالزخارف والرسوم المصرية يقول: لقد عرف المصريون مهنة الفخار منذ الفراعنة، وهي مهنة توارثتها الاجيال من قديم الزمان، ولكن بدأت المهنة في الانقراض، وقل الطلب عليها. يروي عم عبد الوهاب ذكرياته منذ صغره بهدوء وعلي وجهه ابتسامة تعكس سعادته بتذكر الايام الخوالي الجميلة قال إن جدته لأبيه التي عاشت مائة وخمس سنوات، هي التي علمته المهنة، وروت له كيف كانت تشاهد الملك فؤاد وابنه الملك فاروق عندما كانا يصليان في مسجد عمرو بن العاص، حين كانت الأسرة تصنع الفخار بجوار الجامع، قبل ان تنقلهم الحكومة الي منطقة الفسطاط ، ويكمل حديثه بأنه حمل مسئولية اسرته بعد وفاة والده في بداية فترة السبعينيات، ثم تزوج مرتين ورزقه الله إحدي عشرة بنتاً وخمسة اولاد، جميعهم تعلموا المهنة ويساعدونه، حتي بعد ان تزوجوا. ويشرح عم عبد الوهاب كيف يصنع الاواني الفخارية من خلال استجلاب الطين الأسواني الذي يصنع منه اواني اطقم السفرة الصيني، حيث يبث هذا الطين بالماء في حوض ثم يترك لمدة يومين، ويتم تشكيلها، ثم يترك فترة في الهواء،و يتم تشكيله علي «الدولاب» وهي آلة يدوية عبارة عن قرص حديدي وطبيلية خشبية وبلي فوق وتحت لاستدارة القرص، والتي تدار بيد فنان ماهر، انامله تصنع اشكالا ورسومات جميلة، ثم تترك الأواني يوماً كاملا حتي تجف، وبعد ذلك تبدأ عملية النحت والرسم عليها بعد تجفيفها. ويضيف عم عبد الوهاب ان ابناءه فنانون بالفترة، ويجيدون الرسم علي الأواني، معربا عن حزنه لعدم اقبال الناس علي شراء القلل لذلك قل تصنيعها. ويشكو من عزوف الناس عن شراء منتجاته، حتي بدأت المهنة في الانقراض لغزو المنتجات الصينية والمستوردة والذي يمكن ان يكون ارخص من المنتج المصري لقلة التكلفة، ويطالب الحكومة ان تقف بجانبه، للحفاظ علي هذه الصناعة المصرية العريقة من الانقراض، لانها «فاتحة بيوت كثيرة» كما انها جزء من عراقة مصر التاريخ والحضارة هدي محمد