جمال سليمان و صبرى فواز فى مسلسل «صديق العمر» يسرا و نيللي كريم وغادة عادل في مشهد من مسلسل «سرايا عابدين» تعرضت المسلسلات التاريخية التي عرضت هذا العام خلال شهر رمضان لهجوم شديد من قبل أساتذة التاريخ والنقاد ، ومنها مسلسلا «سرايا عابدين» و«صديق العمر» لما حوته أحداثهما من أخطاء سببت إشكالية كبيرة في فهم التاريخ وعرضه علي الجمهور دون الرجوع إلي المؤرخين المتخصصين وفي هذا التحقيق نرصد آراءهم تجاه هذه الأعمال. في البداية يؤكد الكاتب محفوظ عبد الرحمن أن الكتابة التاريخية هي أصعب أنواع الكتابة، وأي تحريف أو تغيير في الحقائق التاريخية يعتبر جريمة، فبعد مشاهدتي لمسلسلي صديق العمر وسرايا عابدين أدعو أن تكون الجمعية المصرية للدراسات التاريخية هي المسئولة عن أي عمل تاريخي لأنها تضم كوكبة من أساتذة التاريخ الأجلاء، كما أن مراجعة النص تاريخيا لا يعيب المؤلف.. وأضاف ان هناك فارقا كبيرا بين حرية الإبداع والحقائق التاريخية، فلا يجوز لأي مؤلف مهما كان أن يتجاهل الحقائق أو يحرف في التاريخ تحت شعار حرية الإبداع ، لأن التاريخ هو علم الإنسانية . ومن ناحيته أكد د. أيمن فؤاد سيد رئيس الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ان هناك قرارا أصدره اتحاد الإذاعة والتليفزيون منذ الثمانينات ينص علي أن يتم مراجعة أي عمل تاريخي من قبل الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ، ولكن معظم جهات الإنتاج الخاص تتجاهل هذا القرار، وكانت النتيجة الكثير من الأخطاء التي وقعت في مسلسلات هذا العام ، وهذه في حد ذاتها كارثة ، فمعظم المشاهدين يتلقون معلوماتهم من الدراما ، فإذا كانت الدراما مليئة بالأخطاء التاريخية فهذه جريمة وليس لها علاقة بحرية الإبداع ، فالحبكة الدرامية يجب ألا تتجاهل الشخصيات والزمان . ومن خلال مشاركتنا في الندوة التي أقامها المجلس الأعلي للثقافة لمناقشة هذه القضية استنكرت الجمعية ماحدث وطالبنا بتشريع يمنع عرض أي مسلسل تاريخي دون الرجوع إلي المختصين ، ولكن السيد وزير الثقافة رفض هذا الرأي وقال إنه مع حرية الإبداع .وتقول الناقدة ماجدة موريس: نحن في حاجة إلي ميثاق شرف إعلامي يتضمن بندا يُلزم الدراما التاريخية التي تعرض في مصر أن تراجع قبل التصوير من قبل الجمعية المصرية للدراسات التاريخية ، لأن كم الأخطاء التاريخية التي وردت هذا العام في مسلسل صديق العمر ومسلسل سرايا عابدين كارثية بكل المقاييس ، فمسلسل صديق العمر بعيد تماما عن الدراما ، وأقرب إلي الحوار الجدلي ، وإلي جانب العديد من المغالطات علي مدار الحلقات نجد أن المسلسل تجاهل أحداثا مهمة في علاقة مصر بسوريا. وبالنسبة لمسلسل سرايا عابدين فهو مسلسل خيالي ليس له علاقة بالتاريخ ، والخطأ الكبير الذي وقع فيه مخرج المسلسل أنه كتب علي التتر أن الأحداث مستوحاة من التاريخ ، وكان من المفروض أن يكتب علي التتر أن الأحداث ليست حقيقية وهي من وحي خيال المؤلف ، فالمسلسل علي مدار 30 حلقة لم يقدم أي معلومات تاريخية عن مرحلة الخديو إسماعيل بل ركز فقط علي حريم الخديو وكيفية تعاملهم معه.ويؤكد الدكتور جمال شقرة أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس: نحن مع حرية الإبداع وفي نفس الوقت مع احترام تاريخ مصر ونرفض العبث بذاكرة الأمة والمساس بتاريخنا الحديث والمعاصر من خلال دراما سرايا عابدين وصديق العمر ، فالأخطاء التي وقعت في السياق العام لكلا المسلسلين والتي قدمت تاريخ مصر بشكل مشوه ، لا يمكن السكوت عنها وتبريرها بحجة حرية الإبداع ، فعلي سبيل المثال في مسلسل سرايا عابدين منح إسماعيل لقب الخديو منذ البداية وهو لم يحصل علي هذا اللقب إلا سنة 1867 ، كما تجاهل المسلسل جميع إنجازات الخديو وركز علي الصراع حول السلطان والحريم، وكذلك اتهام الخديو بقتل أخيه وهذا عارٍ تماما من الصحة ، فلم يكن له أي دخل في وفاته. أما مسلسل صديق العمر فقد تجاهل أيضا الكثير من الأحداث المهمة ، كما أظهر أن السبب الرئيسي لانفصال الوحدة بين مصر وسوريا هو سلوك الجيش المصري، وهذا غير حقيقي إلي جانب المبالغة الشديدة في وصف شخصية المشير.