نظرات وملامح عم محسن تحمل آلم السنين رغم حرفته التي أوشكت علي الانقراض..فانه لايزال متمسكا بها..هو عم محسن حسن 63 سنة.. من اصحاب النداء الشهير في شوارع وحارات المناطق الشعبية قبل عقود « اصلح وابور الجاز». يعمل بهذه المهنة منذ عام 1960، وكان وقتها يصلح الوابور بمبلغ قرشين فقط، ومع غلاء الأسعار وصل إلي 5 قروش،اما الان فقد أوشكت المهنة علي الاندثار بعد انتشار الكهرباء والغاز ووصولها الي معظم المدن وحتي القري وبالتالي استخدام البوتاجاز سواء بالانبوبة او بالغاز الطبيعي بدلا من وابور الجاز. يقول عم محسن : «مافيش زباين حاليا.. لان زمن الوابور انتهي خلاص» وقبل ان اسأله عن سر ابقائه علي محله وعدم تغيير نشاطه ومسايرة التطور قال « لكن دي المهنة اللي انا اعرفها ولدي خبرة فيها ورثتها عن ابي وجدي». عم محسن لديه ولدان وبنت في مراحل تعليمية مختلفة.. كل امانيه ان ينالوا حظا طيبا من التعليم ليكون لهم مستقبل افضل. وعن مدي رضاه عمايحققه من حرفته قال ضاحكا : انقطاع الكهرباء اجبر البعض علي العودة لاستخدام وابور ولمبة الجاز لكن رغم ذلك هناك فقراء مازالوا يستخدمون وابور الجاز لضيق ذات اليد وارتفاع اسعار انبوبة البوتاجاز فانقطاع التيار الكهربي عن منطقته بامبابة يعود عليه بالنفع حيث يقبل الاهالي علي الاستعانة بلمبة الجاز والوابور ويقوم بملء لمبة الجاز بجنيه ونص والوابور بجنيهين فقط،وكل اهالي المنطقة لا يعرفونه تقريبا الا وقت الظلام الحالك. وبسؤاله عن الفرق تسوية وطبخ الطعام علي الوابور والبوتاجاز أكد بأن هناك أطعمة مثل البطاطس المحمرة والسمك المقلي يكون مذاقهم افضل عند التسوية علي نار الوابور اما البوتوجاز فعادة مايقوم بتسوية الطعام بسرعة ويكون المذاق في النهاية ليس مثاليا، كما اكد لنا بأن عمر الوابور «مالوش اخر» وعدد كبير من الزوجات تأتي اليه وتطلب منه تصليح وابور الجاز خاصتها ليس لطهي الطعام وانما لاغراض شخصية فهناك العديد من الرجال والزوجات لاينامون الا علي صوت «الوابور» بحكم العادة يعني !! وهناك من يستخدمه للتدفئة في فصل الشتاء وكثيرا ما تحتفظ به العائلات للأوقات الصعبة كانقطاع الكهرباء او السفر لأماكن بعيدة،وعبر عم محسن عن تضرره من ارتفاع اسعار الوقود وتأثير ذلك علي مصدر رزقه فمتر السولار قفز سعره الي 2.5جنيه رغم عيوبه التي يتركها علي الوابور بتآكل الشمعه وعمل قشرة غير نظيفة علي الماكينة.رغم ذلك مازالت كلماته ممزوجه بابتسامة الرضا والقناعة ولم ينس ان يذكر لنا بكل فخر انه أحد أبطال حرب أكتوبر العظيمة عام 1973، وبسؤاله عن بطولته افاد: «أنا كنت محارب في الصفوف الأمامية ومن اوائل الجنود اللي عبروا القناة»..نبرات صوته الهادئة رغم آثار المعاناة وقسوة الحياة علي محياه لم تنل من شعوره بالرضا. وبسؤاله عن امنياته واحلامه..قال عم محسن : «مش عايزغير الستر والصحة»! محمد وهدان