د. أحمد درة إلي حيث يريده القدر سوف يمضي، أما ما يضمره اعداء الوطن، فهو السراب بعينه، فلن تعود العقارب إلي وراء، ولن تنحني هامات الشعب الذي آثر ألا يعيش الا في هول المخاطر، ويخرج ثائرا في وجه السلاح والموت وهو أعزل، لا أحد تمعن تاريخ هذه الأمة الباسلة الا وتيقن من انتصار الإرادة الجمعية في نهاية المطاف وانكشاف كل ملثم ومكتوم في سراديب الضمائر، وغدا نخرج مرة أخري غير خائفين وليس في صدورنا ، حاجة غير الوطن، لا تعنينا الاسماء، إنما هي بلادنا العزيزة، التي لم يزل جرحها ينزف منذ آلاف السنين، فيروي عطاشي الكرامة والحرية في كل بلاد الدنيا، مصر التي علمت الامم، ها هي تعود سيرتها الاولي لتلفظ كل غادر خوان اثيم، ترد عدوانه وتدحض أفكاره وتفضح مؤامراته، هل يحتاج ضوء الشمس إلي دليل، والليل إذا طال وتمدد في الافق البعيد، لا يظن احد انه سوف يبقي الي الابد. انها بلادنا الخالدة، تنبت بالخير، وتمد يد الرحمة والسلام الي كل من شرب من نيلها، لا تبدأ بشر، انما هي قبس من الرحمة نفسها، فدعونا نخوض حياتنا كما نريد، اخرجوا ايها القُساة الجلاميد من دمائنا ومن خلايا ابداننا، لا نريد من احد ان يعلمنا طقوس ديننا لانها في ارواحنا يوم نفخت فينا ونحن في الارحام، لا نريد اصناما ولا طواغيت نعبدها أو يقربونا إلي الله زلفي، نحن أقرب منهم إلي ربنا بدموعنا وما يجري في عروقنا من ايمان اصيل هو عهد في امشاج المصريين منذ فجر التاريخ. أيها الشعب السامق لن يستعبدك أحد بعد اليوم، فاخرج إلي يومك الموعود، وقل للباطل بُعداً وقل للحق أهلاً، الله، وبكر بكور الطير، فإن الله بالغ أمره، والحق فينا منوالحرية فينا من الله والعدل هو مفتاح الغد الآتي، ولسوف يقضي الله امراً كان مفعولاً.
وهم إلي الأذقان مقمحون كلما نعي الناعي واحداً من الغلبانين الذين يقتلون غيلة وغدراً، أخذت اتخيل كيف سيمضي هذا المغدور إلي قريته والناس في ذهول لانه كان معهم بالأمس، وسامرهم وسامروه، ويخرجون بالآلاف ليشيعوه الي مثواه الأخير، ثم لا تجف الدموع من الابناء الذين تيتموا والامهات الثكالي والآباء المشدودين إلي أوتار الصبر، شيء مروع، مروع.. وأمد بصري إلي هناك حيث المحرضين الذين تتعلق ارواح هؤلاء في رقابهم، فهل يظنون إلا ان تأتيهم ساعتهم بغتة وهم لا يشعرون، وإذا هم في اغلالهم فهي إلي الأذقان فهم مقمحون.. ان القتلة هم أولئك من يقتلون ويسفكون الدماء بسم الكلمات.. ان يومهم لقريب. قدر المحبين قلوب تذوب يزداد حنيني إلي عينيك.. يا أعذب من صدح بوجداني.. اشتاق لرائحة الورد البلدي.. ونسيم المغرب.. أهفو لفراشات الحقل وأطلع من بين العيدان لاصطاد خيالك فيها.. أعدو كالطفل الفرحان بألوان البالونات.. أتعلق في شجر التوت.. وأمسح عن خديك الخجل العالق فيهم.. ثم يغادرني طيفك.. وأنا وحدي.. أغرق في صمتي.