د. ليلي اسكندر هي مثال لوزيرة مصرية وطنية.. قررت التصدي بشجاعة للدفاع عن صحة كل مصري.. رجلا أو امرأة.. شيخا أو طفلا.. ضد قتلهم عمدا برصاص التلوث وضد دفعهم للمشوارالبائس للعلاج حيث الموت يهزم الحياة والفقر يقهر إرادة الشفاء! والقصة تبدأ من محطة انطلاق الموافقة من مجلس الوزراء علي اتجاه مدمر هو استخدام الفحم في تشغيل مصانع الأسمنت كوسيلة لتوفير احتياجات المصانع من الطاقة وكبديل للغاز الطبيعي من أجل توفيره وحل أزمات النقص في الطاقة.. وهو قرار أثار زوبعة من الجدل في الأوساط البيئية والصناعية والسياحية والصحية.. حيث لم يعد من الممكن أن نسمح لمزيد من الضغوط المالية أن تدفع بنا إلي أخطاء في اتخاذ القرارات المتسرعة التي تحل لنا أزمة من أزمات اليوم.. ثم تتركنا لنعاني من مجموعة من المشاكل المعقدة في المستقبل لندفع ثمن أخطائها من بند حسابات تدمير الصحة والبيئة وتهديد السياحة، وتصنيف بلادنا علي أنها من أكثر الدول التي يعاني فيها البشر والشجر والحجرمن ظاهرة التلوث البيئي! في دفاع مميت من وزيرة البيئة عن صحة المصريين.. ورغم أنها تدرك أنها تبحر ضد التيار.. وتجازف بمنصبها الرفيع.. لأنها تقف ضد جبهات أصحاب المصالح في الداخل والخارج.. إلا أن ضميرها الوطني قد دفعها للقول صراحة بأنه لا يمكن السماح باستخدام الفحم، لأن الموضوع مرتبط بصحة المصريين خاصة الفقراء، الذين لم يجدوا علاجا منذ أكثر 03 سنة نتيجة للأمراض الناتجة عن تلوث الهواء وعوادم السيارات، لذا فالأمر لم يعد يحتمل أن نضيف لذلك الآثار السلبية للفحم سواء اثار البيئية أو الصحية أو الاقتصادية التي ستؤثر علي الأجيال الجديدة! وقد جددت د.ليلي اسكندر وزيرة الدولة لشئون البيئة رفضها التام مجددا لاستيراد الفحم واستخدامه كطاقة بمحطات الكهرباء ومصانع الأسمنت. مؤكدة أنها وفريقها العلمي بصدد تقديم دراسة شاملة لمجلس الوزراء فورا عن المؤشرات حول تداعيات استخدام الفحم.. خاصة وأنه يمكن الاستفادة من استغلال 53 مليون طن من المخلفات وتحويلها إلي طاقة، حيث ان مخلفات القمامة تستطيع أن تحل 08% من مشكلة الطاقة، كما أن هناك حلولا أخري متعددة وآمنة بيئيا مثل ترشيد استخدام الطاقة ورفع كفاءة المصانع في استخدامها.. أما الخطير، فهو أنه في حالة اللجوء للفحم كبديل، فهو أننا نتحرك نحو بيئة غير نظيفة، ضاربين عرض الحائط بمصالحنا من أجل خاطر وعيون مصانع الأسمنت التي باتت تعيش علي امتصاص دمائنا، وكأنه لايكفي مايتحمله كل الشعب من ضريبة لتلك المصانع متمثلا في استنزاف فاتورة كبيرة من قيمة الدعم الموجه للطاقة في مصر ،بل تتمادي تلك المصانع في التهديد لنا بالتحول إلي استخدام الفحم كبديل أرخص لها للطاقة، من أجل المزيد من المكاسب الجشعة والربحية العالية المُبالغ فيها، علي حساب إصابتنا نحن المصريين بأمراض سرطانات الرئة والكبد، وأمراض لوكيميا الدم، وخطورة إصابة الجهاز المناعي ،بالإضافة إلي جميع أنواع أمراض الجهاز التنفسي، وأمراض الجهاز العصبي ،وأيضا تعريض الأجنة للتشويه، والتسبب في الفشل الكلوي، والعقم لدي الرجال، ونقص الخصوبة لدي النساء! هذا بالإضافة لتأثيره البيئي الضار جدا علي الأحياء البرية والمنزلية والمنشآت المجاورة له عند نقله أو تخزينه بالمستودعات مما يجعله يلتصق بالأماكن والأسطح وأجسام البشر، كما أنه يتسرب إلي المياه السطحية والجوفية عند سقوط الأمطار.. وللأسف فإن هناك من يريد أن يخدعنا بقوله.. إن دولا متقدمة مازالت تستخدم الفحم، وإلي صاحب هذه المغالطة نقول.. نعم هذا يحدث.. لأن هذه البلاد لاتعاني مثلنا من حجم التلوث البيئي الذي نعاني منه في مصر.. أما نحن فيكفينا مانتحمله من مصائب التلوث.. وعلينا جميعا أن نرفض هذا الاتجاه الذي وافق عليه مجلس وزرائنا الهُمام.. وأن نقف خلف وزيرتنا الشجاعة كظهير شعبي لها في موقفها لا للدفاع عن مصلحتها الشخصية.. بل للدفاع عنا وعن صحتنا وصحة أولادنا.. وعن بيئتنا.. مسك الكلام.. لم تعد مصيبتنا في مصر تنحصر فقط في الوقوف ببلاده في نقطة الصفر.. بل في التراجع عمدا وبسرعة صاروخية للخلف !