مازلنا نتذكر مارجريت تاتشر رئيسة وزراء بريطانيا السابقة التي لقبت بالمرأة الحديدية لما عرف عنها من تشدد غير مسبوق في إدارتها لشئون الحكم ودفاعها المستميت عن مصالح بلادها الخارجية. هذا اللقب «المرأة الحديدية» بدأ يتردد في مصر مقترنا باسم السفيرة ميرفت تلاوي التي تحمل علي عاتقها عبء الدفاع عن حقوق المرأة المصرية من خلال موقعها كرئيسة للمجلس القومي للمرأة.. فعلي مدي السنوات الثلاث التي تحملت فيها هذه المسئولية بعد ثورة 25 يناير كانت هي المدافع الأول عن حقوق المرأة وضرورة مشاركتها في بناء المجتمع جنبا إلي جنب مع الرجل بلا أي تفرقة علي كل المستويات حتي اختيرت مؤخرا في استطلاع رأي أجرته احدي المجلات الخليجية في مقدمة 10 سيدات مصريات ضمن أقوي مائة سيدة في العالم. في دفاعها عن حقوق المرأة خاضت السفيرة ميرفت تلاوي معارك صعبة خاصة في فترة حكم الإخوان والتي لم تتجاوز عاما واحدا إلا أن وضع المرأة المصرية خلال هذا العام كان الأسوأ في تاريخها.. ذاقت خلاله شتي أنواع القهر والتمييز والاقصاء.. لكن ميرفت تلاوي قالت كلمة حق في وجه سلطان جائر منذ اللحظة الأولي ولم تهادن الإخوان من أجل الاستمرار في موقعها بل تصدت لهم بكل شجاعة وكشفت محاولاتهم لكبت حريات المرأة والتفريط في الحقوق والمكاسب التي تحققت لها. وبعد ثورة 30 يونيو خاضت معركة عنيفة أخري في لجنة الخمسين سعيا وراء تضمين الدستور الجديد المزيد من الحقوق والحريات للمرأة في كل المجالات حتي خرج الدستور وبه 20 مادة تضمن الكثير من حقوق المرأة.. بعدها لم يتوقف سعيها لإلزام مؤسسات الدولة باحترام الدستور الجديد وعدم الالتفاف علي أحكامه المتعلقة بالمرأة وكانت معركتها الساخنة -والتي لم تنته بعد- مع مجلس الدولة حينما رفض تعيين المرأة في الوظائف القضائية. منذ أيام خاضت معركة صعبة أخري ليس دفاعا عن المرأة المصرية وحدها بل دفاعا عن حق الشعب كله في اختيار النظام الذي يعبر عن طموحاته.. الأممالمتحدة كانت ساحة هذه المعركة التي استمرت 12 يوما هي فترة انعقاد الدورة «58» للجنة وضع المرأة وجهت فيها السفيرة ميرفت تلاوي انتقادات لاذعة شديدة اللهجة إلي المجتمع الدولي متهمة الغرب -بصفة خاصة- بازدواجية المعايير والمواقف بل السعي إلي استخدام قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان كذريعة للتدخل في الشئون الداخلية للدول. وأكدت أمام ممثلي كل دول العالم ان ما حدث في مصر في يونيو لا يمكن وصفه بالانقلاب لأنه كان ثورة شعبية خرج فيها الشعب المصري بالملايين في جميع أنحاء البلاد لرفض نظام أقصي المصريين ومارس كل أشكال العنف ضدهم وكان يؤسس لفاشية دينية.. وانتظر الشعب المصري أن تسانده دول العالم خاصة في سعيه الدؤوب لتنفيذ خارطة المستقبل ابتداء بإقرار دستور يدعم الحقوق والحريات مرورا بالانتخابات الرئاسية المرتقبة خلال أسابيع وانتهاء بالانتخابات البرلمانية واختيار مجلس نواب يعبر عن كل فئات الشعب وانتماءاته السياسية. وفي المؤتمر الصحفي الذي عقدته السفيرة ميرفت تلاوي أمس الأول لشرح الجهود التي بذلها الوفد المصري في لجنة المرأة بالأممالمتحدة دفاعا عن صورة مصر أمام المجتمع الدولي قدمت ملخصا لكلمتها في الأممالمتحدة وما تضمنته من انتقادات للمجتمع الدولي لعدم مساندته ارادة الشعب المصري.. وأشارت إلي اللقاءات المتعددة التي عقدتها علي هامش اجتماعات لجنة المرأة مع وفود الدول المشاركة حيث أعربت عن احتجاجها واستنكارها الشديدين لموقف المجتمع الدولي خاصة الدول الغربية الداعم لنظام الإخوان رغم انتهاكه الصارخ لحقوق المرأة والذي تجلي عبر عدة مظاهر أهمها تشجيع زواج القاصرات وعودة الختان والاصرار علي عدم تخصيص مقاعد تضمن التمثيل المناسب للمرأة في البرلمان والمجالس المحلية. وقد تصادف خلال اجتماعات لجنة المرأة صدور البيان الذي وقعته 25 دولة أوروبية في مجلس حقوق الإنسان بجنيف انتقادا لموقف مصر من قضايا حقوق الإنسان فتحدثت السفيرة ميرفت تلاوي عدة مرات مؤكدة ضرورة مراجعة الاتحاد الأوروبي سياساته تجاه مصر وأن يعمل علي دعم حقوق المرأة ومكافحة الإرهاب. المعركة القادمة هي معركتها لضمان وصول 150 امرأة علي الأقل لمقاعد البرلمان.. وتخوضها علي مستويين.. الأول.. المستوي التشريعي من خلال القانون الجديد لمجلس النواب الذي يجري اعداده حاليا والذي تصر ميرفت تلاوي ان يضمن التمثيل المناسب للمرأة في البرلمان بما لا يقل عن 150 مقعدا. والثاني مستوي إعداد وتأهيل المرأة المصرية لخوض الانتخابات القادمة جنبا إلي جنب مع الرجل.. وذلك من خلال برنامج موسع لتدريب الراغبات في الترشح للبرلمان والذي بدأ تنفيذه في جميع المحافظات بهدف تدريب 2000 سيدة علي أسس تنظيم الحملات الانتخابية وطريقة إدارتها.